أفرزت واقعة انتحار الناشط البيئى مزدوج الجنسية، الإيرانى ـ الكندى الدكتور كاووس سيد إمامى فى سجن إيفين بالعاصمة طهران ردات فعل متوالية كان آخر ما أكده المرشد الأعلى الإيرانى آية الله العظمى على خامنئى الذى تقدم باعتذاره عن ما وصفه بـ"التقصير" فى مجال القضاء.
اعتذار آية الله
وفى كلمة له ألقاها إثر استقبال عدد من أهالى أذربيجان الشرقية، قال على خامنئى إن ثمة حاجة إلى إحراز تقدم فى مجال القضاء، مضيفا قوله: "حدث تقدم فى عدة مجالات، لكننا نقر بأننا تأخرنا فى مجال القضاء".
خامنئى
وتقدم خامنئى فى كلمته التى ألقاها بمناسبة إحياء الذكرى الأربعين لانتفاضة مدينة تبريز، التى كانت إحدى إرهاصات الثورة الإسلامية عام 1979 ضد الشاه ونشرها موقعه الرسمى باللغة العربية باعتذار "إلى الله والشعب الإيرانى عن هذا التقصير".
وعلى غير العادة اعترف المرشد الأعلى الذى يجمع بين السلطتين الدينية والسياسية، وفقا للمادة 110 من الدستور الإيرانى بالاحتجاجات الغاضبة والمظاهرات التى عمت مختلف أنحاء إيران وشملت نحو 140 مدينة فى نهايات ديسمبر وبدايات يناير الماضيين.
انتحار إمامى فى الخلفية
وشدد المرشد على أن لدى الناس انتقادات لبعض القضايا فى البلاد ونحن على علم كامل بهذه الشكاوى، وعلى رأسها مسائل التقاضى تلك التى لم تشهد طفرة فى البلاد ولا إصلاحات ولا تطور فى السنوات الأخيرة.
كاووس سيد إمامى
ويرى محللون أن تلك التصريحات المفاجئة تعد إحدى حلقات سلسلة التصريحات الرسمية الإيرانية على خلفية انتحار أو قتل كاووس سيد إمامى فى سجن إيفين فى طهران يوم الجمعة قبل الماضية، تلك التى أدت إلى ردات فعل متوالية على المستويين الداخلى والدولى.
وربط محللون آخرون بين انتقاد خامنئى للقضاء وانتقاد الرئيس السابق محمود أحمدى نجاد، للقضاء أيضا قبل عدة أيام حيث قال يوم الرابع عشر من فبراير الجارى إن "مسؤولين كبار يتمتعون بصلاحيات مطلقة ويحتقرون الشعب الإيرانى"، فى إشارة إلى رئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجانى.
نجاد على الخط
وفى هذا السياق أشار نجاد أيضا إلى المرشد على خامنئى محملا إياه المسؤولية عما يحدث بسبب عدم استجابته لشكاوى الناس حول فساد الجهاز القضائى، منتقدا قيام السلطات باعتقالات غير مبررة قبل إعلان انتحار الموقوفين، وهنا إشارة أخرى إلى واقعة انتحار كاووس إمامى.
نجاد
نجاد بدأ شديد الانتقاد إلى طريقة عمل الجهاز القضائى إذ قال "نريد أن نشكو سلوك القضاء، إلى من نشكو؟ لا يوجد مكان يحظى بقبول وثقة الناس، حتى القائد يقول إن مسؤولية أداء الجهاز القضائى والأجهزة الأخرى ليست على عاتقه"، وفى هذا ليس إحراجا لخامنئى فقط بل إخراجه من المشهد وكأن السلطات القضائية تقفز فوق الدستور وفوق المادة 110 منه.
يأتى هذا بينما قال المدعى العام فى طهران عباس جعفرى دولت أبادى إن كاووس إمامى انتحر لأنه جاسوس وخائن وعميل، وكان يخشى من افتضاح أمره، ومع ذلك فإن التحقيقات لا تزال جارية بشأن ملف وفاته، منوها إلى ضرورة تعزيز الإجراءات الرقابية فى المعتقلات بهدف الحفاظ عن حقوق المتهمين قيد الاعتقال.
وفى ظل هذا البحر المتلاطم من الأمواج العاتية التى يواجهها النظام القضائى فى البلاد من أعلى سلطة فيها، أرجع رئيس السلطة القضائية آية الله صادق آمُلى لاريجانى انتقادات البعض للقضاء إلى "أن الغرب وخاصة أمريكا وعملائها يبذلون جهودا حثيثة بهدف النفوذ داخل البلاد ولذلك فإن الهجمة الدعائية التى يتعرض إليها القضاة فى إيران اليوم نابعة عن صمودهم بوجه هذه المخططات"، وفقا لقوله.
صادق لاريجانى
وتعكس تلك التصريحات إلى جانب التناقضات العميقة بين أجنحة النظام، اهتزاز صورة المرشد لدى أقرب نظامه وهو صادق لاريجانى الذى يتشارك مع أشقائه فى السيطرة على مفاصل السلطة والمال والسياسة فى البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة