رجالة على «واحدة ونص».. «اليوم السابع» تكشف فى تحقيق صادم أسرار دولة الرقص الشرقى الرجالى فى مصر.. «ظاظا» المدرب الأشهر: الراجل بيعلم الرقص أفضل من الست 100 مرة

الجمعة، 23 فبراير 2018 02:07 م
رجالة على «واحدة ونص».. «اليوم السابع» تكشف فى تحقيق صادم أسرار دولة الرقص الشرقى الرجالى فى مصر.. «ظاظا» المدرب الأشهر: الراجل بيعلم الرقص أفضل من الست 100 مرة الرقص الشرقى الرجالى
تحقيق - هدى زكريا - تامر إسماعيل صالح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أحد الملاهى الليلية الشهيرة بشارع الهرم، جلس الزبائن متأهبين كعادتهم للفقرة الأهم فى ليلتهم، فقرة الراقصة، لكن تلك الليلة شهدت حدثًا مفاجئًا ومختلفًا لم يعهدوه من قبل، أو على الأقل لم يعهده المهندس الشاب- طلب عدم ذكر اسمه- الذى اعتاد السهر بتلك الأماكن فى الأشهر الأخيرة. ويحكى قائلًا: «فى الوقت اللى أنا قاعد مستنى أشوف الراقصة اللى بحبها، لقيت واحد ماسك المايك على المسرح وبيقولنا قبل مانمتعكم بالنجمة، هنسيبكم 15 دقيقة مع مفاجأة الكازينو الليلة، الفنان م. د». 
 
ويتابع الشاب: «أنا قلت ده مطرب أهو نستحمله الشوية دول وخلاص، وفجأة لقيت واحد لابس بدلة رقص، وجسمه كله بيلمع زى الستات، وبيلف المسرح رقص ولا كأنه سامية جمال، أنا اتخضيت من شكله وفشلت حتى فى إنى أسأل اللى حواليا هو إيه ده، أتارى أغلبهم تقريبًا شافوه قبل كده فى أماكن تانية، وأنا اللى جديد على المجال». تلك الواقعة فتحت أعيننا على عالم خاص، أغلب تفاصيله سرية، يسمى عالم «الراقص الشرقى»، ذلك المصطلح الذى تداوله الناس فى السنوات الأخيرة، وقد يألفه البعض ويتقبله كراقص الباليه والفنون الشعبية، أو حتى الشباب الذين يرقصون فى أفراح ومناسبات الأحياء الشعبية، فى حين قد لا يستسيغه آخرون مهما كان وصفه، خاصة فى حالات ارتداء بدلة رقص.
 
 
فتح ملف «الراقصين الرجال» والفرق بين المدرب والراقص، كشف أن امتهان الرجال للرقص الشرقى ليس ظاهرة مرتبطة بالوقت الحالى، بل أنه ذكر فى بعض الكتب التاريخية أن بعض الرجال فى المجتمع المصرى بالقرن التاسع عشر امتهنوا الرقص الشرقى، وكان صيتهم أكبر من النساء وقتها. أما السنوات الأخيرة، فشهدت وقائع عديدة ترصد حكايات عدد من الرجال امتهنوا الرقص الشرقى، وأصبحوا يرتدون بدلًا مفصلة لهم تشبه بدل الرقص النسائية، ولا فرق بينهم وبين الراقصات سوى الشكل.
 
ففى 7 يونيو 2016 شهدت مدينة السويس حدثًا لم تره من قبل، حيث فوجئ أهالى المدينة برجال يرتدون بدل رقص شرقى على مسرح بالشارع خلال افتتاح محل كشرى، وكانت طريقة رقصهم تحمل إيحاءات جنسية وإشارات بذيئة.
 
ومن أبرز الحكايات أيضًا قصة رمزى إبراهيم، ابن مركز سمنود بمحافظة الغربية، الذى نشرت «اليوم السابع» قصته بالفيديو فى يوليو 2016، وهو يعلن حبه للرقص الشرقى، مؤكدًا أن أسرته تدعمه فى ذلك. أما القصة الأكثر غرابة فهى للراقص الشرقى المصرى خليل خليل، الذى أسس لنفسه شبكة دعاية وترويجًا قويًا على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعى من خلال الصور والفيديوهات، مطلقًا على نفسه لقب «ملك الرقص الشرقى»، وتقول الفيديوهات الدعائية إنه المصرى الأول فى الرقص الشرقى. ورغم صعوبة التواصل مع «خليل» بشكل صحفى، فإن المعلومات المنشورة عنه تقول إنه يبلغ من العمر 31 عامًا، وإنه ولد فى الأرجنتين، وتعلم الرقصات الشعبية والصعيدية والدبكة اللبنانية، لكنه اختار أن يكون راقصًا شرقيًا.
 

 اللى شايفين شغلانتى عيب وحرام «اقفلوا بقوكم واتفرجوا وانتو ساكتين».. وأرفض ارتداء الرجل بدلة رقص وتشبهه بالنساء.. والجهل وعدم الثقافة غيّر المصريين ومبقوش شيك زى زمان

 
«ظاظا» اسم يعرفه كثير من أبناء جيل الثمانينيات والتسعينيات أكثر من غيرهم، فرغم أن عمله كمدرب للرقص الشرقى بدأ قبل ذلك بعشرين عامًا على الأقل، فإن فيديو رقصته الشهيرة وخلفه 5 راقصات يدربهن على أنغام أغنية إيهاب توفيق «بحبك يا أسمرانى»، والذى مازال يحقق مئات الآلاف من المشاهدات على «يوتيوب»، جعل منه أيقونة للراقصين الرجال، وطبع صورته فى العقول، ليتذكرها كل من يسمع أو يتحدث عن فكرة أن يمتهن رجل أو يهوى الرقص الشرقى.
 
بعد تركه الدراسة الأزهرية فى المرحلة الثانوية، بسبب عدم إكماله حفظ القرآن الكريم كاملًا، تفرغ «ظاظا حسن»، أو «محمد الأزهرى» مثلما كانت تطلق عليه مدربته حينها نيللى مظلوم، لدراسة الرقص بكل فنونه كراقص بالفرقة الاستعراضية لمسرح البالون، وأعجب به أستاذه سعيد أبوبكر، مدير الفرقة، وجعله مدربًا وهو فى سن 16 عامًا، ليكون أصغر مدرب رقص حينها.
 
 
كان من معلميه وقتها- حسبما ذكر فى حواره معنا- كل من الأساتذة الكبار فى فن الرقص الاستعراض إبراهيم عاكف، وشريف عادل، وخرستو كلاديكيس، وشفيق أبوعوف، والد الفنان عزت أبوعوف، ونيللى مظلوم، لكنّ بقاءه فى الفرقة لم يدم طويلًا، حيث رشحه تميزه للسفر إلى لبنان لإعطاء كورسات رقص للنساء، وهناك وجد «ظاظا» نفسه فى مواجهة مع حب اللبنانيات والعديد من الجنسيات للرقص الشرقى، ووجد نفسه يتخصص فى ذلك النوع ويصنع فيه- كما يقول- مدرسته وبصمته الخاصة، ثم انطلق من لبنان إلى العديد من دول العالم، يدرب فيها النساء والرجال من كل الجنسيات على الرقص الشرقى، ويؤسس فى كل دولة مدرسة خاصة، حتى استقر فى باريس، وأنشأ هناك إحدى أكبر مدارس الرقص التى حملت اسم «سنتر أرتيستيك زازا»، وهو المكان الذى اتصلنا على هاتفه لنجرى مع «ظاظا» من خلاله الحوار التالى.. 
 

لماذا قرر أحد أشهر مدربى الرقص الشرقى أن يستقر فى باريس ولا يعود إلى مصر، وهل يرتبط ذلك بمدى قبول المجتمع لمهنتك؟

- بالتأكيد مرتبط.. الأجواء الاجتماعية فى مصر لم تعد مثل الماضى، الناس أصبحت تسىء لبعضها، وذوقها وتقديرها للفن أصبح معدومًا، وما كنت أراه فى المصريين من رقى وشياكة فى الماضى لم يعد موجودًا، أنا زمان كنت برقص أنا وأصحابى فى الفرقة فى شارع النيل الساعة 12 بليل، وكنا بنعمل «برويتات»، دلوقتى الناس بقت غريبة وصعبة، إضافة إلى أننى ارتبطت هنا فى باريس بدراسة وعمل أبنائى الثلاثة، ولا أستطيع أن أعود بهم إلى مصر أو حتى أعود وأتركهم.
 

دعنا نرجع خطوات إلى الماضى.. لماذا قررت وأنت شاب فى مدارس أزهرية أن تمتهن الرقص الشرقى؟

- أولًا هناك فرق كبير بين الراقص الذى يمارس الرقص الشرقى، وبين مدرب الرقص الشرقى، أنا مدرب رقص ولا أمارس الرقص، وفى الماضى لم يكن هذا هدفى، بل كنت راقصًا ودارسًا لكل أنواع الرقص والاستعراض، لكن سفرى خارج مصر جعلنى مدرب رقص أمام رغبات من الكثيرات لتعلم الرقص الشرقى، ولم أجد فى ذلك أى عيب أو خطأ.
 

ألم تسع أسرتك أو حتى والدك إلى إبعادك عن تلك الرغبة؟

- إطلاقًا، لأن والدى فى الأصل كان يدرس الفن والتمثيل، وكان صديقًا للفنان الكبير حسين رياض، لكن سوء حظه أن والده أجبره على ترك هذه الدراسة، وشعر وقتها بظلم شديد، وكانت تلك التجربة التى عاشها سببًا فى أن يدعمنى فى رغبتى، بل ويحثنى على الاجتهاد وتحقيق ما لم يحققه هو فى الفن.
 

وماذا عن زوجاتك وأبنائك، ألم تجد صعوبة أو انتقادًا بسبب أنك مدرب رقص؟

- على العكس تمامًا، أنا تزوجت 4 مرات، ومن 4 جنسيات مختلفة، بينهن مصرية، لكننى لا أحب ذكر الشخصيات لأنه أمر شخصى، لكننى أؤكد لك، كلهم كانوا بيحبونى جدًا وداعمين ليا، وبيقدورا كويس أوى إن ده فن وبيحبوه كمان، أما أبنائى الثلاثة اللى بينهم بنت، فأنا اللى مربيهم وعارف مربيهم إزاى، وهما كمان ثقافتهم أوروبية، وهنا الناس بتعتبر الرقص والموسيقى أهم حاجة فى الحياة، مش زى مصر خالص.
 

وما الذى واجهته من مشاكل كرجل يعمل مدربًا للرقص الشرقى فى مصر؟

- المصريون لديهم مشكلة فى الثقافة وفهم الرقص الشرقى، الناس بحاجة إلى أن تتعلم وترتقى، وتفهم أن الرقص بكل أنواعه بما فيه الشرقى ينقى الروح والعقل ويجلب السعادة، يعنى ممكن تلاقيهم بيتفرجوا على الرقص ويحبوه ويدفعوا فلوس عشان يشوفوه، وبعدين يخرج يقولك ده حرام، حاجة غريبة جدًا، زمان الأمر مكنش بالشكل ده، لكن دلوقتى اللى بسمعه وبشوفه شىء صعب جدًا. 
 

لكن البعض قد يوافقك على ذلك شرط أن يكون للنساء وليس للرجال سواء بالممارسة أو بالتدريب؟

- أيضًا هذا كلام خاطئ، لأن مصر طول عمرها فيها عمالقة فى تعليم وتدريب الرقص الشرقى كأحد أنواع الرقص، وكل الفرق الاستعراضية فى الماضى كانت تعلم الرقص الشرقى، بما فيها فرقة رضا، وغيرها من الفرق، لكن الكلام ده جديد، واللى بيروجه جاهل.
 

أليست المرأة هى الأجدر بتعليم الرقص الشرقى من الرجل؟

- المفاجأة إنه لا، الراجل أشطر 100 مرة فى التدريب، لسبب بسيط جدًا، هو إن الراجل مش بيغير، لكن الست مخلوق بيغير، صعب أوى تلاقى واحدة بتعلم واحدة الرقص بضمير، لأنها عمرها ما هتقبل إنها تكون بترقص أحسن منها، لكن الراجل العكس تمامًا، بيكون هدفه يخلى اللى بتتدرب معاه أشطر واحدة فى الدنيا، لأنه مش بينافسها، ولأنه مش هيغير من واحدة، أما الست فممكن تغير حتى من بنتها، وأنا شفت ده بعينيا.
 

وهل هذا يعنى أيضًا أن الرجل قد يكون راقصًا شرقيًا أفضل من المرأة؟

- دى بقى لأ، لأن ربنا خلق الست فيها مواصفات وأدوات الرقص، كل حتة فى جسمها قطعة من الرقصة، ولازم الناس تفهم إن الرقص مش إن الجسم يبقى باين، ده كلام خاطئ، الست ممكن يبقى جسمها كله متغطى لكن لفة واحدة أو انحناءة واحدة، يبقى فيها كل الجمال وكل الفن، لكن الراجل مهما كان، عمره ما هيبقى بيرقص حلو زى الست.
 

ولماذا من وجهة نظرك انتشرت ظاهرة الراقصين الرجال؟

- للأسف أنا لا أحب هؤلاء، لهم منى كل الاحترام، لكن أنا أرى أن الرجل يدرب فقط، ولا يرقص، خاصة اللى بيتشبهوا فى لبسهم بالنساء وتلاقيهم لابسين حاجات شبه بدل الرقص، أنا أرفض ذلك تمامًا، ويجب أن نفرق بينهم وبين مدرب الرقص الدارس والمتعلم لفنون الرقص.
 

حتى هؤلاء الذين يرقصون فى الأفراح أو المناسبات مجاملة أو هواية؟

- لا ليس لهذه الدرجة، على العكس، الرقص حرية وانطلاق، لكن بشرط ألا يتشبه فى لبسه بالنساء والراقصات، فيما عدا ذلك يارب كل الناس ترقص طول الوقت.
 

وما رأيك فى ظاهرة انتشار مدارس الرقص الشرقى فى مصر؟

- الشىء الوحيد السلبى فى الموضوع إنه أصبح سبوبة وبيزنس، ويمارسه كل من هب ودب دون علم أو دراسة أو إتقان، نصيحتى فقط ألا يتدرب أحد على يد مدرب غير دارس وغير أكاديمى.
 

ألم تواجهك يومًا أزمة، كأن تطلب منك إحداهن أن تدربها امرأة وليس رجلًا؟

- لا لم يحدث، لكن ما قد يكون حدث هو أن تأتى لى امرأة وتطلب تدريبًا خاصًا، وهذا حدث كثيرًا، ولم يكنّ راقصات أو باحثات عن فرصة للرقص، بل سيدات مجتمع وطبيبات ومحاميات وصاحبات مهن أخرى، لكنهن يدركن أهمية الرقص ويحببنه، لكن يخشين من التدريب مع غيرهن ويفضلن الخصوصية.
 

أى الراقصات الآن يفضل «ظاظا»؟

- أنا بحب أوى فيفى عبده ودينا ولوسى، ومن القدامى بحب دندش وسامية جمال وناهد صبرى.
 

ما رأيك فى هجوم الأجنبيات، خاصة الروسيات، على الرقص الشرقى فى مصر؟

- شوف ياسيدى، أنا دربت أجنبيات لا حصر لهن ومن كل الجنسيات، وكان دايمًا تيجى الأجنبية تقولى أنا إيه اللى ناقصنى، أقولها ناقصك تكونى مصرية، البنت الأجنبية حلوة وجميلة وجسمها حلو وملونة وبتدرب ورشيقة وكله زى الفل، لكن لفة وسط المصرية أم شعر أسود وحركتها وخفة دمها ملهاش زى مهما حصل، وهزة وسط المصرية مفيش زيها، حتى صافيناز رغم إنها شاطرة وكويسة لكن برضه مفيهاش كلمة السر المصرية الل تخليك تتبسط وتبتهج وأنت بتشوف مصرية بترقص.
 

لو عاد بك العمر.. هل تعمل بنفس المهنة أم تغيرها؟

- طبعًا أعمل نفس المهنة، ولو رجع بيا الزمن ألف مرة، أنا أسعد أيام حياتى قضتها فى الرقص، وكل ساعة بتعدى عليا وأنا بعلم الرقص ببقى أسعد من اللى قبلها، الرقص ينقى الروح والعقل، الرقص حياة.
 

أخيرًا.. ماذا تقول لمن يعتبرون أن اشتغال الرجل بالرقص الشعبى عيبًا أو حرامًا؟

- أقول لهم اقفلوا بؤكم واتعلموا واتثقفوا، ولما تتفرجوا على الستات اللى أنا بعلمهم الرقص وتتبسطوا ابقوا قولولى شكرا مش عيب، وبلاش تبقوا متناقضين مع نفسكم.
 

أشهر مصمم بدل رقص رجالى:«أنا مبكلمش صحفيين»

 
فى أحد المحلات العتيقة بشارع محمد على، يجلس ذلك الرجل الذى يعد أحد أشهر مصممى بدل الرقص الشرقى فى مصر، بين تصميماته وألوانها الزاهية، منتظرًا زبونًا جديدًا «يشترى أو يفصل» بدلة رقص شرقى، وبعد أن تأكدنا أنه أحد أهم مصممى بدل الرقص الشرقى للرجال وليس للنساء فقط، ذهبنا إليه كصحفيين ففاجأنا بالرفض الشديد للحديث عن ذلك الأمر.
 
بعد يومين عاودنا الاتصال به هاتفيًا كعاملين بمجال الحفلات، واستقدام الفرق الأجنبية من الخارج، فتحدث بترحاب شديد وأبدى تعاونًا كبيرًا فى توفير طلبنا الذى عرضناه عليه، وهو تصميم بدل رقص شرقى لمجموعة من الرجال ضمن فرقة رقص شرقى بها رجال ونساء، وقدّم لنا أغلب التفاصيل المتعلقة بالأمر، وألح فى زيارته بمحل عمله لتقديم عروض أكثر حول الأسعار والتصميمات.
 
وعن الأسعار والتصميمات قال فى حديثه معنا: «كل اللى انتوا عايزينه بإذن الله موجود، أنا مش أول مرة أصمم بدل رقص شرقى رجالى، وهوريكم تصميمات هتعجبكم، بس الأسعار صعب أحددها فى التليفون لأن التصميم والمواد اللى هنستخدمها هى اللى هتحدد سعر البدلة، يعنى ممكن بدلة رقص شرقى رجالى يبقى سعرها 200 جنيه، وممكن بدلة تانية يكون سعرها 1000 جنيه».
 

لوسى: «الراجل اللى بيرقص بفلوس دمه تقيل»

 
صرحت الراقصة لوسى، قائلة: دخول الرجال فى مجال الرقص الشرقى أمر لا يزعجنا كسيدات راقصات، لأنهم أولًا وأخيرًا لا يحيون أفراحًا أو يذهبون إلى الملاهى الليلية، لكنهم يدخلون المجال كمعلمين لمن يريد احتراف الرقص، أما من يمتهنها من الرجال بهدف الحصول على مال فهؤلاء «دمهم تقيل».
 
 
وأشارت لوسى إلى أن الراقصين الرجال ليسوا ظاهرة، فهم موجودون منذ عشرات السنين، مدللة على ذلك بتأسيس الفنان محمود رضا فرقة رضا للفنون الشعبية، وكذلك وجود عدد من راقصى الباليه الرجال، مضيفة: لا يوجد فارق بين راقص الفنون الشعبية وراقص الباليه والراقص الشرقى، فالثلاثة فى النهاية راقصون. 
 
وعن نظرة المجتمع للرجال الذين يحترفون الرقص الشرقى، وعدم تقبله لهم، قالت لوسى: المجتمع يرفضنا كسيدات راقصات فما بالنا بالراقص الرجل، وأولًا وأخيرًا كل من ينظر لهم نظرة دونية فهو عديم الثقافة، لأنه ببساطة لا يوجد بيت فى مصر يخلو من سيدة تجيد الرقص، بداية من الطفلة وحتى الجدة، والرقص فى حد ذاته مهنة راقية ومحترمة، ولا يجوز أن نأخذ جميع الراقصات بذنب أى راقصة تسىء للمجال، وفى النهاية كل إنسان حر، وكل إنسان له ثقافته الخاصة، ولديه القدرة والوعى على قبول أى شىء أو رفضه. 
 

مدربو الرقص الشعبى: «إحنا رجالة قوى»

 
حسان صابر، رجل فى الخمسينيات من عمره، أحد تلاميذ محمد الأزهرى الشهير بـ«ظاظا»، دخل مجال الرقص الشرقى منذ أن كان فى الصف السادس الابتدائى بإحدى مدارس منطقة روض الفرج، حيث بدأ أولًا فى فرق الفنون الشعبية كراقص شعبى، وتنقل من مسرح لآخر حتى أسس مدرسته الخاصة فى 1982، والتى جابت الكثير من دول العالم، وشاركت فى مهرجانات عديدة. 
 
الرقص الشرقى لدى حسان صابر هو علم وليس مجرد هواية، على حد قوله، فبمجرد حديثك معه عن تاريخ هذا الفن تجده يسرد لك وقائع تعود لعام 1805، وما قبل ذلك بكثير، حيث يقول صابر: قديمًا وقت الفراعنة كانت الفتاة عندما تريد أن تتزوج يتم إرسالها إلى المعبد الفرعونى القديم، تقضى فيه حوالى 40 يومًا وسط الحوريات، تتعلم فيها الرقص ومهارات الطب لتسعف زوجها إذا تعرض لأى مكروه، وغيرها من الأمور، ليتم تأهيلها للحياة الزوجية، وبعد دخول الرومان تم طرد الحوريات من المعابد، وسكنوا منازل الأفراد، ومع مرور الوقت ظهر مصطلح «العالمة»، وهو يعنى العالمة ببواطن الأمور فى المعابد المصرية القديمة، وهى فى الأصل من سلالة الحوريات.
 
ويضيف: بعد ذلك ظهرت «الغوازى» فى عهد محمد على، الذى أسس أول مدرسة للرقص الشرقى، ولكنه قام بطردهم خارج القاهرة دون المساس بالعوالم المقيميات فى البيوت، وذلك بسبب الحركات الغرائزية المثيرة التى يقدمنها فى رقصاتهن، واستطعن العودة مرة أخرى بعدما تنكرن، ودخلن القاهرة من جديد وبدأن فى نشر ثقافتهن مرة أخرى. 
 
وتابع: أنا متخصص فى التراث الشعبى، وحاليًا أنظم مهرجانًا للرقص الشرقى برعاية اليونسكو، وعدد كبير من مدربى الرقص الشرقى داخل مصر وخارجها.. الآن تعلموا على يدى، وأعشق هذا المجال، فالرقص الشرقى عبارة عن إبداع غير مقنن وحركات حرة،  وأى شخص يمكن أن يرقص رقصًا شرقيًا ويبدع فيه.
 
 
وعن رأيه فى وضع الراقصين الشرقيين فى الوقت الحالى، يقول صابر: الرقص الشرقى الآن يتعرض لإهانة كبيرة، وأصبح شكله سيئًا فى الشارع المصرى، وأرفض تمامًا أن يرتدى راقص رجل بدلة رقص أو ينافس مكانة المرأة فى هذا المجال. 
 
وعن نظرة المجتمع للراقصين الشرقيين من الرجال، يقول صابر: أنا لا أتقاضى جنيهًا واحدًا على رقصى، ولا أرقص فى أماكن عامة، أنا فقط مدرب ومعلم لكل من يريد أن يدخل هذا المجال، ويخرج من داخله طاقته الإبداعية، ولا أرى عيبًا فى ذلك مادمت لا أقدم رقصًا منفرًا أو مثيرًا للغرائز. 
 
وعما إذا كان يتعرض لأى مضايقات بسبب عمله، يقول حسان: أسرتى لم تنزعج من عملى مادمت أقدم فنًا أفتخر به، ولم أقدم أى شىء مخل، إضافة إلى أننى أدرب فقط على طريقة الأداء على المسرح، ولم أرتدِ يومًا بدلة رقص أو أقوم بحركات مبتذلة.
 
قصة أخرى بطلها مدرب الرقص الشعبى عصام ترك، الذى بدأ حياته الفنية وهو ابن الاثنى عشر عامًا على يد المدرب سمير شريف فى مركز شباب الزاوية الحمراء، ومنه انتقل إلى مركز شباب الجزيرة، ليبدأ مرحلة أخرى على يد المدرب مختار مصطفى.
 
قرر الحاصل على بكالوريوس تجارة أن يدخل هذا المجال لحبه فيه، ونتيجة براعته تنقل من فرقة لأخرى، بداية من فرقة رضا، مرورًا بفرقة حسن عفيفى، وفرقة صبحى الخاصة، وانتهى به الحال لتأسيس فرقته الخاصة «فرقة نهر النيل» للفنون الشعبية، التى شاركت فى العديد من المهرجانات العربية والدولية .
 
حب ترك لفن الرقص الشعبى لم يمنعه من تعليم نظيره الشرقى، قائلًا: أدرب الرقص الشرقى أيضًا، ولكننى أهتم بالشعبى أكثر، خاصة أننى شغوف بنقل ثقافة هذا الفن للخارج، فالأجانب قد يكون من السهل بالنسبة لهم تعلم الرقص الشرقى، ولكن الفنون الشعبية صعبة من وجهة نظرى، وبحاجة لمجهود وتعلم أكبر، ويعتبر فنًا جديدًا بالنسبة لهم.
 

«الرقص للجدعان».. شعار الأفراح والمناسبات الشعبية

 
لا يمر أسبوع داخل تلك المنطقة الشعبية بحى شبرا الخيمة دون فرح تضاء له الأنوار، وتنصب لها سماعات تكبير الصوت فى كل الاتجاهات، ويجتمع فيه أهل المنطقة للتهنئة والمباركة، ومهما اختلف شكل ومستوى التجهيزات وطبيعة المناسبة، سواء كانت «دخلة» أو «حنة» أو حتى «عزال»، إلا وكان أهم أبطال مشاهدها الرئيسية هو ذلك الثلاثى «أحمد، ياسر، على»، أصحاب أهم فقرة رقص فى الفرح، ليس لأنهم يجيدون الرقص، فكثير من الرجال كذلك، لكن لأنهم يجيدون الرقص الشرقى، بل وينافسون فيه البنات والسيدات أمام «المعازيم».
 
أحمد.. ذو الـ32 عامًا يحكى أنه ظل لسنوات طويلة يحضر جميع الأفراح فى المنطقة، ويلبى كل دعوات أصدقائه خارجها، وأن مهارته فى الرقص الشرقى زادت من «عشم» المعارف والأصدقاء فى حضوره، والرقص مع أهل العريس أو العروسة، مؤكدًا أنه لم يتعمد يومًا الرقص الشرقى، لكنه اكتشف مرة بعد أخرى أنه يجيد حركات الرقص الشرقى، وأن ذلك يميزه عن غيره، ويثير إعجاب المدعوين فى الأفراح، ويلفت انتباه الجميع.
 
وأكد أحمد أنه لم يعد يرقص بنفس الطريقة أو بنفس الكم، خاصة بعد دخوله فى سوق العمل، وحضوره مناسبات كثيرة لا يعرف كل الحاضرين فيها، وأن الرقص بتلك الطريقة فى مناسبات مختلفة يقلل من قيمة الرجل فى أعين الحاضرين، خاصة من لا يعرفونه، وإن كان كثير من الرجال يتمنون لو كانوا يجيدون الرقص.
 
وأضاف الشاب الثلاثينى أنه يتذكر أن أول مرة رقص فيها بمناسبة عامة واكتشف هو والحاضرون موهبته فى الرقص، كان فى فرح شقيقه الأكبر، وأنه ظل يرقص طيلة الفرح، ودخل فى سباق ومنافسة مع بعض الفتيات من أقاربه فى الرقص الشرقى، ما أضفى جوًا من الفكاهة بالفرح.
 
ياسر.. على غيره عاداته وطبيعة شخصيته الخجولة، ينطلق ياسر فى الرقص ولايتوقف إلا إذا أوقفه التعب.
 
يقول خريج كلية التجارة، صاحب الثلاثين عامًا، إنه أغلق على نفسه غرفته ذات يوم وهو فى سن السادسة عشرة، وقرر أن يتعلم الرقص، ورفع صوت «الكاسيت» على أنغام الموسيقى الشرقية، وكان وقتها يريد تعلمه على طريقة الرجال فى الأفراح والمناسبات، لكنه فوجئ أنه يجيد حركات الرقص الشرقى، وأنه لا يجد صعوبة حتى فى تقليد الراقصات الشهيرات.
 
وتابع ياسر: «عادة الناس لما بتعرف إن فى حد بيعرف يرقص مش بيسيبوه فى أى فرح أو مناسبة، ودايما تلاقى الكل بيشده وبيبقى الموضوع فكاهى مش أكتر، وبيبقى صعب إنك تكسف حد وتعمل فيها تقيل، وإلا هيفتكر إنك جاى تقضية واجب، بس الموضوع طول ما هو ما بين ناس إنت عارفهم وعارفينك مبيبقاش فى أى شىء محرج، بالعكس ده خلانى اجتماعى أكتر وخلى ناس كتير تعرفنى فى المنطقة لمجرد إنهم يشوفونى برقص فى فرح فى الشارع».
 
 
لكن ياسر أكد فى حديثه أن أكثر شىء يقلقه ويضايقه هو التصوير الكثير بالموبايل، والذى أصبح يهدد خصوصية أى شخص، موضحًا: «أنا ممكن أبقى برقص فى فرح أو مناسبة وتلاقى حد مثلا شير الفيديو بعنوان فى إهانة أو تجاوز، وده شىء بيخوفنى، عشان كده مبقتش أرقص إلا فى مناسبة عائلية فقط، وبحاول على أد ما أقدر مخليش حد يصور، كمان مبحبش فكرة إن بنت ترقص معايا، بحب أرقص لوحدى، عشان محدش يقولك دى منافسة، والكلام ده مش بحبه، لإن مهما كنت برقص شرقى كويس، فأنا مش ست ولا بنت، ومش حلو إنى أنافس بنت فى حركاتها».
 
على.. يحب أغانى المهرجانات، لكنه لا يحب الرقص عليها، ويفضل دائمًا الرقص على «الطبلة»، والموسيقى «المقسوم»، ويرى أن الرقص الشعبى بلا ذوق ولا فن، وأن الرقص الشرقى ليس حكرًا على البنات أو النساء، وأن «المعازيم» فى أى فرح يرحبون به ويشجعونه أكثر من فتاة ترقص، تلك إجابة على، مندوب المبيعات ذى الـ32 عامًا، الذى اشتهر منذ صغره فى منطقته بمهارته الفائقة فى الرقص الشرقى.
 
يقول على فى حديثه لـ«اليوم السابع» إن الرقص الشرقى شىء مبهج، وإنه حين يرقص فى أى مناسبة عائلية أو مجاملة للجيران يشعر بسعادة وامتنان الناس له، وإنه أحيانًا يكون مصدر البهجة الوحيدة فى الفرح، خاصة إذا كان الحاضرون لايجيدون الرقص، ويؤكد أنه لم يفكر يومًا فى الأمر على أنه «عيب» أو أنه «عدم رجولة»، وأن الكل يعرف جيدًا أخلاقه وطباعه، وأن ذلك لاعلاقة بأنه يجيد الرقص الشرقى، بل إن ذلك جعله مشهورًا ومحبوبًا فى منطقته التى لايمر عليها  يومان دون فرح أو حنة أو مناسبة تتم دعوته إليها بحكم الجيرة أو القرابة أو الصداقة، مؤكدًا أن كل منطقة وكل شارع فى المناطق الشعبية بها شاب يجيد الرقص الشرقى ويقوم بنفس الأشياء، ويتمتع بحب الناس واحترامهم.

مدير مباحث الآداب الأسبق: نوجه إليهم تهمتى «الفعل الفاضح» و«إثارة الغرائز»

«فى 2016 حررنا 10 قضايا كان أصحابها شواذ يرتدون ملابس خليعة، ويرقصون كالنساء فى ملاهٍ ليلية، وأكبر قضية كان عناصرها 8 أفراد تتراوح أعمارهم بين 15 و25 عامًا».. هكذا حكى اللواء حسن عباس،  مدير الإدارة العامة لمكافحة الآداب الأسبق، تفاصيل إحدى عمليات الضبط التى قام بها خلال فترة خدمته، والمتعلقة بالشباب المتشبهين بالنساء، الذين يرتدون ملابس خليعة ويرقصون فى أماكن عامة، قائلًا: كانت المعلومات ترد إلينا من خلال مصادرنا السرية، ونتأكد منها بتحريات جدية، وبعد ذلك يتم تقنين الإجراءات وعرضها على النيابة العامة، التى يصدر بدورها بناء على التحريات الواردة إليها قرار بمداهمة المكان بعد التأكد من وجود المخالفين فيه، سواء كان شقة أو ملهى ليليًا، وضبطهم فى وضع تلبس، ليتم تحرير المحضر، والعرض على النيابة العامة بعد ذلك.  وأضاف عباس: التهم التى يتم توجيهها لمثل هؤلاء الذين يتشبهون بالنساء، هى تهمة القيام بفعل فاضح، والرقص بشكل يثير غرائز الغير، سواء كان رجلًا أو امرأة، وما دام يرقص فى مكان عام تُطبق عليه العقوبة.

عضو بمجلس «المهن التمثيلية»: لا نعطيهم تصاريح ولو حدث سأستقيل

 
«نقابة المهن التمثيلية تعمل بالتوازى مع الرقابة على المصنفات الفنية فى منح تراخيص ممارسة عمل للراقصات، ولا تضم شعبة خاصة بالرقص الشرقى، فقط تحتوى على شعبة للفنون الشعبية وأخرى للباليه».. بهذه الكلمات بدأ الفنان إيهاب فهمى، عضو مجلس إدارة نقابة المهن التمثيلية، حديثه، محددًا مهام نقابته، مؤكدًا رفضه التام منح تراخيص عمل للراقصين الشرقيين من الرجال. 
 
وأضاف فهمى: لم يسبق أن تقدم راقص شرقى للنقابة للحصول على ترخيص ممارسة عمل، وإن حدث ذلك سأتقدم باستقالتى على الفور، لأن هذا سُبة فى جبينى، فأنا رجل أرفض هذا الشكل من الفن، وهؤلاء الأشخاص مرفوضون تمامًا من المجتمع، وأنا رجل تربيت فى بيئة شعبية، ولن يأتى اليوم الذى أمنح فيه ترخيصًا لرجل لكى يرقص. 
 
واختتم حديثه قائلا: أنا لا أهين الرقص الشرقى ولا الراقصات الشرقيات، مع احترامى لكثير منهن، وما قدمنه للفن المصرى، أمثال تحية كاريوكا، وسامية جمال، وغيرهما، ولكن نحن نقابة لا تتبعها أى راقصة أو راقص، ولن يكون.
 

أساتذة علم النفس والاجتماع: ابتذال مرفوض وشىء «مقزز»

 
الطب النفسى وعلم الاجتماع لهما رأى فى قضية الرقص الشرقى للرجال، فيقول الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، إن الراقصين الشرقيين من الرجال هم شخصيات سيكوباتية لا تبالى بنظرة المجتمع لها، ولا بخروجها عن المألوف وامتهانها لمجال هو فى المقام الأول خاص بالسيدات.
 
واتفق معه الدكتور إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، قائلًا إن من يلجأ إلى الرقص الشرقى من الرجال فهو يعانى من اضطراب فى الشخصية، ويريد أن يكون شخصًا مثيرًا للجدل ولافتًا للانتباه، لذلك يختار أن يخرج عن المألوف بهذا الشكل الفج.
 
الدكتورة هالة منصور، استاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، تقول: بالتأكيد هذه ظاهرة سلبية غير مقبولة، فالرجولة هى مفهوم اجتماعى للذكورة، وتعنى سمات معينة للرجل، ومصطلح الرجل الشرقى مرتبط فى أذهان الناس بمجموعة من السمات والسلوكيات لا يمكن أن يحيد عنها، ومن خلالها يتم تحديد مدى التزامه بمفهوم الرجولة من عدمه، وبالتالى يقبله المجتمع أو يرفضه، بناء على هذه المعطيات.

 










مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرية

باختصار ..هؤلاء شواذ لا يصح أن نطلق عليهم لقب رجال أبدا

الرجال يضحون بأرواحهم فداءا لأوطانهم ..وهؤلاء الشواذ فخورين بما يفعلونه من أفعال فاضحة ..اتمنى إصدار قانون للتصدى لهؤلاء ولأفعالهم الشاذة على المجتمع المصرى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة