تولى رئاسة إيران لمدة 8 سنوات فى فترتين رئاسيتين بين (2005-2013)، وعرف الرئيس الإيرنى السابق أحمدى نجاد بقصر قامته، واشتهر فى الميدان السياسى على مدار تلك السنوات بشخصية أثارت حولها الكثير من الجدل، معتمدا بشكل رئيسى على "الشعبوية" عبر خطاباً رناناً قوياً والظهور بمظهر نصير المظلومين فى العالم، جعله محط أنظار العالم الخارجى قبل الداخل الإيرانى.
كان من الصعب على هذه الشخصية الابتعاد عن الأضواء والميدان السياسى فور انتهاء مدة رئاسة، فرغم تعيينه عضوا فى مجلس تشخيص مصلحة النظام عمل الرئيس المتشدد على اثارة المزيد من الجدل حوله بالداخل الإيرانى، وافتعال الصراعات مع أركان السلطة، حتى وصل الأمر به إلى مجابهة رأس النظام، كى يظل محل أنظار الجماهير الإيرانية ويتخذ من ذلك بابا للعودة إلى معترك السياسة، رغم افتقاره لأى قاعدة شعبية فى الداخل، وكونه أصبح أيضا وجها غير مرغوب فيه فى الخارج.
نجاد يسطر نهاية حياته السياسية بيده
بالأمس دخل صراع نجاد مع النظام الإيرانى مرحلة جديدة قد تسطر نهاية حياته السياسية، بعد أن دعا الزعيم الدينى فى إيران على خامنئى، إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة دون تدخل المؤسسات الأمنية، وإقالة رئيس السلطة القضائية صادق لاريجانى المعين من قبل المرشد، وإطلاق سراح السجناء السياسيين والمحتجين على الأوضاع الراهنة فى البلاد.
ولوح نجاد بورقة الشعب أمام الولى الفقيه، ووفقا لموقع الإلكترونى وحسابه الرسمى على تطبيق تلجرام، أطلق نجاد ما أسماها "اقتراحات باصلاحات سياسية"، فى رسالة بعث بها للمرشد، ولفت فيها إلى كلمة ألقاها الأخير يوم الأحد الماضى، رحب فيها بالنقد، واعترف أيضا فيها بوجود حالة من السخط العام فى البلاد، وعلق نجاد عليه قائلا "الأمور تحتاج لإجراءات عملية وعاجلة لإصلاح الأوضاع الراهنة، لمسايرة مطالب الشعب وتحقيق رضاه".
وقال نجاد إن اقتراحاته للمرشد تأتى فى إطار الاصلاحات السياسية فى السلطات الثلاثة القضائية والتشريعية والتنفيذية والمؤسسات والأركان المختلفة للنظام، لاسيما مكتب الولى الفقيه، مشدا على القيام بتلك الإصلاحات بشكل صحيح وعاجل من شأنه أن يسهم فى استعادة ثقة الرأى العام بالنظام.
كما طالب بإجراء إصلاحات للخطوط العريضة الاقتصادية والسياسية والثقافية، وحتى تعديل الدستور.كما شكك نجاد فى سلطة مجلس صيانة الدستور المعنية بالنظر فى أهلية المرشحين للانتخابات، متهما اياه بالتلاعب فى الانتخابات وإجراء انتخابات صورية من خلال تدخل المؤسسات العسكرية والأمنية فيها.
وشدد الرئيس الإيرانى السابق فى خطابه للمرشدد الأعلى، على التغيير العاجل لرئيس القضاء وتنصيب آخر، وتخصيص مرجع مستقل للتحقيق فى شكاوى الشعب تجاه القضاء ورد اعتبار المظلومين.
مساعد نجاد كلمة السر فى صراعه مع القضاء
ومنذ نوفمبر الماضى دخل الرئيس الإيرانى السابق فى صراع مع السلطة القضائية، واتهم رئيسها صادق لاريجانى المعين من قبل المرشد فى 30 يونيو 2009 أى خلال فترة ولايته الثانية، بالفساد وإصدار أحكام ديكتاتورية مؤخرا طالب بعزله، فى إطار دفاعه عن مساعده حميد بقائى الذى يحاكم منذ العام الماضى بقضايا فساد مالى، وكان يرافقه خلال جلسات محاكماته التى سوف تنتهى يوم "السبت" المقبل فى محكمة الاستئناف ومن المقرر أن تصدر حكما نهائيا، وظهرت له مقاطع فيديو الفترة الماضية يهاجم فيها مسئولى القضاء، الذين توعدوه واتهموه بالخيانة للنظام.
أما اعلام طهران أيضا، ناقش الرسالة التى بعثها للمرشد، وقالت صحيفة "آرمان" الإصلاحية، وعلقت صحيفة "آرمان" الإصلاحية، على الرسالة قائلة تحت عنوان: "صاحب شعبوية الأمس، نصير الحرية اليوم"، أن ظهوره بمظهر نصير الحرية لا تتناسب مع آدائه السنوات الماضية، مشيرة إلى أن أسلوب نجاد هذه الفترة يأتى لطرح نفسه مجددا على الساحة السياسية، فتارة يكتب رسالة إلى رئيس القضاء الذى يقابله برد فعل حاسم، وتارة يقف إلى جانب معاونه الذى يحاكم.
وحول مطالبته باطلاق سراح السجناء السياسيين، قالت الصحيفة أن نجاد عندما كان على فى سدة الحكم، قلما كان يهتم بهذا الموضوع لكن اليوم تذكر الحديث عن حرية السجناء، فنائبه الأول رحيمى يقبع فى السجن، ومساعده يحاكم، واعتبر مراقبون أن كتابة رسالة إلى المرشد الأعلى مرحلة جديدة فى مخطط الاستعراض الذى يقوم به النجاديون (تيار نجاد) فى الساحة السياسية.
وعلق رضا حجت شمامى، المحلل السياسى الإيرانى والخبير فى مركز الدراسات الأوراسية وإيران المعاصر، على الخطاب فى تصريحات خاصة "لليوم السابع" قائلا: أولا الهيكل السياسى للسلطة فى إيران لا يتغير عبر رسالة مكتوبة من قبل الرئيس السابق، بل له طرق قانونية محددة.
وحول سلوك نجاد الفترة الأخيرة، أضاف شمامى أن الرئيس السابق يسعى للتحول إلى معارض داخل البلاد.ولفت إلى أنه أيضا معارض سياسى لأسرة لاريجانى التى تتولى عدة مناصب سياسية فى إيران، ورأى المحلل الإيرانى أن نجاد يريد تشويه رئيس البرلمان على لاريجانى شقيق رئيس السلطة القضائية، الذى يميل إلى الترشح لرئاسة الجمهورية المقبلة ليفوت الفرصة عليه.
الاقامة الجبرية مصير ينتظر نجاد
وكشف المحلل الإيرانى "لليوم السابع"، أن نجاد يعتقد أنه يتمتع بمكانة اجتماعية يسعى لرفعتها، كما أنه من ناحية أخرى يميل لأن يكون صوتا للمظلومين فى البلاد، قائلا "فى رأيى لن ينجح فى ذلك، لأن سجله على مدار السنوات الماضية يشير إلى أنه لا يمتلك هذه المكانة أصلا".
أضافة إلى أنه مؤخرا شن هجوم مباشر على المرشد، وطبيعى لن يقبل مطلقا المرشد أراءه، وحتى فى حال استمراره، توقع المحلل الإيرانى أن تُفرض قيود عليه، فهو يرى "إما أن يعود إلى الميدان السياسى أو يلقى القبض عليه ويفرض عليه قيود سياسية مشابهة للإقامة الجبرية".
واعتبر المحلل الإيرانى، الرئيس السابق يرغب أن يبقى فى الأذهان فى المجتمع ويسعى للعودة هو والمقربين منه إلى الميدان السياسى، وفى حال لم يحدث ذلك سينتهج سلوك "المظلومية" ودعم المظلومين وفى حال تم التصدى له قضائيا سيحمل النظام المسئولية، لأن المرشد هو من يختار رئيس القضائية وسياسات النظام العامة تدخل ضمن صلاحياته.
ورأى المحلل الإيرانى أن نجاد يستغل مناخ الإحتجاج فى إيرن لاسيما فى ازاء الوضع الاقتصادى لصالحه، ومن الممكن أن يتصور أن خلق فوضى سياسية سيصب فى صالحه ويعود بالضرر على خصومه، واختتم حديثه بأن نجاد لا يسعى للعدل أو للإصلاح السياسى بل وفقا لشخصية هذا الرجل فهو يرغب فى أن يظل أسمه يتردد على الألسن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة