كانت الترتيبات مفاجئة للجميع، إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة تتصل برؤساء التحرير والكتّاب والإعلاميين.. بروح عالية، بفرحة تبوح بها النبرات، وحماس لا يخطئه السمع، عبر الهاتف كان المتصل، وهو قائد من قيادات هذه الإدارة الواسعة النجاح والتأثير، يسأل سؤالًا واحدًا: «بدون تفاصيل أو دعوات مكتوبة جاهز بكرة لحاجة مهمة جدًا مع القائد الأعلى؟»، قفزت سيناء إلى القلب مباشرة، ودون تفاصيل أيضًا ودون أسئلة إضافية: «طبعًا جاهز».
فى الصباح وحتى وصولنا إلى بوابة الطائرة لم يكن أحد يفصح عن وجهة الرحلة من القيادات المنظمة للحدث داخل القوات المسلحة، أحد الزملاء خمّن أننا ذاهبون إلى العلمين، تعويضًا لزيارة مؤجلة للسيد الرئيس، وما إن قال ذلك علنًا حتى قال كل الزملاء المشاركين فى الرحلة بصوت واحد تقريبًا: «خسارة كنا فاكرين إننا رايحين للجنود فى سيناء»!
دقيقة وظهر قائد الطائرة الشينوك..
إحنا رايحين فين يا فندم؟!
رايحين سيناء بإذن الله.
الكل بارتياح: الحمد لله «أهو كده الكلام»
القائد الأعلى للقوات المسلحة، الرئيس عبدالفتاح السيسى، يزور سيناء شمالًا وجنوبًا، ويلتقى القادة دائمًا سرًا وعلانية على الجبهة، لكن هذه المرة يصطحب الرئيس معه مجموعة من المدنيين، صحفيين وكتابًا، وتحلق عشرات الطائرات فى سماء سيناء ذهابًا وإيابًا، فهل هناك رسالة أقوى من هذه الزيارة ليعرف المصريون جميعًا والعالم بأسره كيف حقق جنود القوات المسلحة انتصارًا كبيرًا على الإرهاب، حتى صارت حركة الطيران آمنة لزيارة المدنيين إلى القواعد العسكرية على جبهة الحرب لتطهير سيناء من الإرهاب؟!
ثم يأتى المشهد الأهم هنا، فالرئيس افتتح رسميًا مقر قيادة قوات مكافحة الإرهاب فى سيناء، وهى أحدث القواعد العسكرية الحصينة بفضل الله، والتى شيدها الجيش بناء على تكليف صادر من القائد الأعلى، وهذه القاعدة تمثل أسطورة عسكرية غير مسبوقة، وفخرًا لقواتنا المسلحة من ناحية التجهيز والاستعداد، كما تمثل أيضًا أسطورة أخرى، ورسالة ساطعة البيان بأن حرب مصر على الإرهاب بدأت ونجحت فى سيناء، ولكنها لن تتوقف أبدًا، وستظل قائمة لحماية هذا البلد من خطر العنف المسلح الذى ينتهجه التيار التكفيرى، وستظل هذه الانتصارات الملهمة، والتضحيات العظيمة، والخبرات العسكرية المتراكمة من عملية سيناء 2018 وما بعدها منارة للتاريخ العسكرى العالمى، فى كيفية مواجهة الإرهاب وحروب المدن والصحراء، والتعامل مع العصابات المسلحة فى الجحور والكهوف والأنفاق والأوكار.
8 ساعات قضيناها فى رحلتنا مع القائد الأعلى فى سيناء، 8 ساعات كانت رسالة ببشائر النصر الشامل بإذن الله، وعنوانًا لأسطورة عسكرية فى تشييد الحصون، وأسطورة عسكرية أخرى فى تأريخ وقائع هذه الحرب.
أما الأسطورة التى لا يرضى الرئيس السيسى إلا بها، ولا يهنأ إلا بعد أن يطمئن شخصيًا عليها، فهى استمرار الحياة الطبيعية لأهل سيناء، ومواصلة عمليات التنمية حتى خلال الأعمال الحربية ضد الإرهاب.. الرئيس أصرّ ونحن فى مقر قيادة العمليات ضد الإرهاب أن يعرض السادة وزراء الإسكان، والتضامن، والتموين، والصحة، والسيد كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية، ملفاتهم عن أوضاع السلع والتموين والمستشفيات والمعاشات، والجهود التضامنية، ومشروعات العمران والصرف الصحى والأنفاق والمدن الجديدة فى سيناء.. 8 ساعات بين الحرب والبناء، 8 ساعات القائد الأعلى «المقاتل» يوجه المعركة، والقائد الأعلى «الرئيس» يوجه الحكومة لاستمرار الخدمات وأعمال التنمية.
أسطورة أخرى من أساطير المواجهة والحروب والتحديات فى مصر:
سنقاتل ولن نيأس من التنمية.
سنخدم الناس دون أن ترفع أيدينا من على زناد السلاح.
مصر فقط تحيا بهذا المشهد، مصر وحدها لديها هذه العقيدة.
أقول لكم، بعد 8 ساعات مع قادة الجيوش والمناطق والأفرع، «هانت».. البنية التحتية للإرهاب تم تدميرها بالكامل، الطيران والمدفعية قضوا على كل ركائز حركة الإرهابيين، وعلى أغلب وسائل النقل والتسليح والمتفجرات، والقوات البحرية تمنع وصول إمدادات الدول الممولة للإرهاب، وسيتبقى أن يتم اصطياد هؤلاء القتلة واحدًا تلو الآخر بعد أن خسروا أوكارهم وجحورهم.. جنودنا انتهوا من المرحلة الأساسية، ويقومون الآن بتمشيط شبر بشبر، سيرًا على الأقدام.. هل تصدق حجم العمل! الجنود يمشون الآن بالشبر، وينتشرون فى الأودية والجبال، بحثًا عن الفئران الهاربة، لن يتركوا فتحة فى جبل أو منحنى فى وادٍ أو عشة على طريق إلا وتقتحمها قواتنا البرية، وعناصر القوات الخاصة.
هانت.. ستعلن سيناء طاهرة مطهرة بإذن الله.
هانت.. وسيقول لنا جنود مصر تمت المهمة، حتى رمل سيناء تم تفتيشه.. الكلمة الآن بين يدى الجنود.. هانت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة