خالد صلاح يكتب:
Bad News is good News

الإثنين، 12 مارس 2018 12:00 م
خالد صلاح يكتب: Bad News is good News الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السادات
 
عندى وجهة نظر أخرى فى تقييم ما ينشره الإعلام الغربى ونعتبره نحن هنا إساءات بالغة ومدبرة أو مدفوعة أو تآمرية.. 
أظن، وليس كل الظن إثمًا، أن عقدتنا مع الإعلام الغربى تتلخص فيما يمكن تسميته هنا «صياغة الحبكة الدرامية للقصص الإخبارية فى بلادنا»، الصحافة تلهث وراء القصص ذات الحبكة، لا البيانات الجافة والمعلومات الخالية من الجوانب الإنسانية، سواء كانت هذه الجوانب الإنسانية صادقة أو كاذبة أو غير دقيقة تماما، الصحافة الغربية تفضل القصص ذات النهايات المأساوية، والدراما العنيفة، يسميها البعض «Sexy Stories» ولا يقصدون طبعا القصص الجنسية، لكنهم يشيرون إلى الجاذبية الهائلة للقصص المثيرة لشهية القراءة، والمفجرة لعواطف الجمهور من قراء الصحف أو من الملايين على شبكات التواصل الاجتماعى.
هذه مدرسة قديمة وراسخة من مدارس صناعة الخبر فى العالم، أنت تعرف هذه المدرسة طبعا، تلك التى ترى أن «الخبر السيئ هو الخبر الجيد فى الصحافة»، «Bad news is good news»، فما الذى يجذب القراء فى الغرب إذا كتب مراسل الصحيفة التى يقرأها فى القاهرة أن:
 
«الجو جميل، والمواصلات سهلة، والاحتياطى النقدى فى ارتفاع، والشرطة تحقق إنجازات فى تحقيق الأمن، والجيش والشعب إيد واحدة»؟
 
ما هذا الملل المخيف، ما هذه الروتينية العقيمة، ما الذى يشجع القارئ على دفع دولار أو دولارين، لشراء صحيفة تنقل له «اللا دراما، واللا صراع، واللا غموض»؟ نحتاج إلى حبكة هنا، نحتاج إلى محفز يشجع على القراءة، نحتاج إلى عنوان يدفع قيادات صالة التحرير فى بلد المراسل إلى أن تقفز فرحا من فوق مكاتبها، وتصرخ فى العاملين داخل المطبعة، أوقفوا الطباعة فورا، لدينا قصة ستقلب الموازين فى القاهرة، وستفجر الرأى العام المصرى، وستجعل صحيفتنا فى صدارة الاهتمامات على شبكات التواصل، وستضاعف من عمليات البحث عن اسم الصحيفة على جوجل، وربما يفكر بعض المتحمسين من المصريين المخلصين أن يدفعوا بعض المال لنشر إعلانات ترد على قصتنا الساخنة تلك. إنه ربح متكامل من جميع الجهات، فلماذا لا؟
أنت تشكو من الكذب، يمكنك أن ترد على القصة وسننشر لك الرد.
 
أنت تتهمنا بالتربص، حسنا هذا سيضاعف مصداقيتنا وشجاعتنا أمام القارئ فى بلادنا.
 
أنت ستقاضينا أمام محاكم القاهرة، ممتاز سيبدو الأمر أننا مطاردون أبطال فى كل بقعة فى العالم.
 
هذه المعركة محسومة إذن «وبكل أسف» لصالح الإعلام الغربى، خاصة فى حالات المواجهة مع بلد من البلدان النامية التى تكافح من أجل استقرارها، فقط استقرارها، ولا شىء آخر.
 
وجهة نظرى كالتالى:
 
الأكيد أننا لن ندعو مؤسسات البلد لأن تقبل بالكذب، واليقين أيضا أننا لسنا مسؤولين عن أن ثقافة الصحف والإعلام «Bad news is good news»، لكننا يمكن فى المقابل أن نكون مصدر القصص الملهمة الجاذبة بدلا من أن يتولى غيرنا هذه المهمة، أنا لا أدعو الجهات الرسمية لأن تصبح «بلياتشو أو بهلوان» لإلهاء الصحف الغربية، ولكننى أدعو إلى ابتكار قصص إخبارية تكون مصدر إلهام للمراسلين بخلاف تلك البيانات الرسمية الروتينية التى يتلقونها من الهيئة العامة للاستعلامات أو من الجهات الرسمية فى الدولة.
 
الرئيس السادات
 
مثلا نجح فى إلهاء الصحف الغربية واستقطاب العشرات منها لصالحه، لأنه فرض أجندته الخاصة على وسائل الإعلام الأمريكية على وجه الخصوص، اخترع السادات شخصيته الجدلية، وطريقته فى الحوار، والبايب، والجلابية، ودوار ميت أبوالكوم، وألهم الصحف بما لم تكن تتوقعه، فأصبحت صورة واحدة لهذا الرجل أهم من كل القصص الأخرى التى يمكن أن يلهثوا وراءها لعشرات الغاضبين من السادات آنذاك.
 
زاهى حواس
 
مثلا، نموذج آخر فى صناعة الشخصية الإعلامية الجاذبة، وفى فرض الكثير من القصص من عينة الـSexy Stories على الصحافة والتليفزيونات الدولية، غرفة داخل الهرم، غرفة داخل الغرفة، سر فى التابوت، قصة حب فى قصر فرعونى، قصة خيانة فى عالم السياسة المصرية القديمة، فأحيا الرجل التماثيل والمعابد، وجعل لها مذاقا خاصا من لحم ودم.
النماذج موجودة بيننا فى الابتكار، فهل بإمكاننا أن نبتكر ما يجعل الأجندة الصحفية والخبرية بأيدينا لا بأيدى صناع «دراما الأكاذيب» وخبراء الـBad News؟
 
خذ مثلا واحدا جديدا مما يمكن أن نقدمه الآن:
 
إذا كنا سمحنا من قبل أن يظهر إرهابى قادم من ليبيا مع الأستاذ الكبير عماد الدين أديب، فما المانع أن نسمح لبعض الصحف الغربية أن تلتقى مجموعة من الإرهابيين الذين تم اصطيادهم فى العمليات الأخيرة؟ نحن هنا نمنح الصحف الدراما التى لا بديل عنها، كما أننا نفتح الباب لفرص وانفرادات لا يمكن مقاومتها بالمفهوم الإعلامى، ونخاطب غرائزهم الإعلامية والتنافسية وجها لوجه.
 
فى رأيى أنه.. ما أكثر ما لدينا من دراما تخدم قضيتنا الوطنية، وتسترد بعض التوازن فى المعالجات القصصية وفى صورتنا فى الإعلام، دون أن نكذب أو نضطر للكذب، ودون أن نشتبك فى معارك من المرجح خسارتها، سياسيا وإعلاميا على الأقل، ودون أن يجبرنا أحد على أن نلعب أدوارا لا نتقنها، ولسنا بارعين فى تفاصيلها ودهاليزها المظلمة.
 
هذا.. والله أعلم..
 
 مصر من وراء القصد.
 
زاهى حواس
 
الهرم
 
اليوم السابع

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة