بين يدى نسخة من التقرير السنوى لعام 2017 حول الاستثمار والتنمية فى مصر الذى أصدرته وزارة الاستثمار والتعاون الدولى، وهو التقرير الذى يستعرض ما الذى حققته مصر خلال العام الماضى فى ميدان الاستثمار، ويستعرض ما يمكن تسميته «البنية التحتية الاستثمارية», وهى البنية التى تتضمن التشريعات التى أصدرتها الدولة وأقرها البرلمان، والإجراءات التى اتخذت لتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى بجانب الشراكات الدولية فى التنمية التى ساهمت فى دفع عجلة النمو بمعدلات متسارعة.
التقرير يكشف حجم الجهد الذى بذلته مصر فى هذا المجال، صحيح أن البيانات الواردة فى هذا التقرير تسجل ماذا جرى فى عام 2017، لكن الصحيح أيضا أنه لولا الجهد الذى بذله الرئيس والأجهزة المعنية بهذا الملف، خلال السنوات الأربع الماضية، لم يكن لأى من هذه الإنجازات أن يتحقق، وما كان لأى من الاستثمارات أن تتدفق على الاقتصاد المصرى.
البنية التحتية الاستثمارية هى فى تقديرى أهم ما تم إنجازه، لأن البيئة التشريعية والأداء التنفيذى الخاص بالاستثمار هما المعياران الأساسيان فى جذب رؤوس الأموال للعمل والتوسع والتصنيع والبناء، أو الهروب إلى الأبد دون رجعة، ومصر حققت تحت هذا العنوان خطوات مهمة فى الحقيقة، حيث جرت مجموعة من الإصلاحات التنظيمية المهمة، يأتى على رأسها إصدار قانون جديد للمستثمرين فى مايو 2017، وإصدار قانون سوق رأس المال الذى تم التصديق عليه فى إبريل 2017، بالإضافة إلى إقرار تخفيضات ضريبية للاستثمارات فى المناطق الأكثر احتياجا والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمشروعات كثيفة العمالة، ومن ناحية أداء الأجهزة التنفيذية فقد شهدنا أيضا فى هذا العام إصرارا رئاسيا على تسهيل إجراءات تأسيس الشركات وإصدار التراخيص، وتم خفض مدة إصدار الموافقات الرسمية إلى شهرين فقط، بعد أن كانت تمتد إلى 9 أشهر وإلى عامين فى أغلب الأحوال.
ومن بين الإجراءات المهمة كذلك فى «البنية التحتية للاستثمار فى مصر» فقد شهدنا وضع أول خريطة استثمارية للبلاد، وإنشاء 3 مناطق حرة جديدة معتمدة فى الجيزة والمنيا وجنوب سيناء، فضلا عن إنشاء منطقة تكنولوجية جديدة فى الإسكندرية، وتأسيس مركز خدمات المستثمرين وإنشاء قاعدة بيانات شاملة بالتوزيع الجغرافى والقطاعى للفرص الاستثمارية، وإنشاء مركز خدمة ريادة الأعمال وتقديم المشورة ودعم رواد الأعمال، وتوفير التمويل اللازم لهم، وعقد شراكات مع مجموعة هيرمس المالية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى لدعم الشركات الناشئة.
ورغم أن التقرير السنوى لوزارة الاستثمار يتضمن أرقاما كبيرة فى أعداد المستثمرين وزيادات فى الاستثمار المحلى والأجنبى بأرقام مبشرة، فإننى أعتبر أن البنية التحتية الاستثمارية هى أحد أهم ما تحقق خلال السنوات الماضية، فهى الأساس الذى يمكن أن نتحرك من خلاله نحو جذب الاستثمار فى مختلف القطاعات دون أن نرمى بالمستثمرين فى ظلام البيروقراطية، أو نتركهم ضحايا «كارتلات» تطفيش رؤوس الأموال فى الدوائر الحكومية.
دعم الاستثمار الخاص هو الأولوية الأساسية اليوم، إذ إن المستثمرين يشاركون فى رفع أعباء كبيرة عن كاهل الدولة، ويمكن أن تلعب هذه الاستثمارات دورا كبيرا فى زيادة الناتج المحلى الإجمالى، ورفع نسب التصدير، مما ينعكس مباشرة على ضبط الميزان التجارى مع دول العالم، وإذا كانت الدولة قد أنجزت هذه البنية التحتية، وعملت على جذب الاستثمارات الأجنبية، ووفرت للمستثمرين تشريعات محفزة، وخرائط استثمارية دقيقة، فإنه يتبقى أن يبادر المستثمرون المصريون إلى اقتحام كل المجالات بلا خوف أو تردد أو قلق، ويبقى أن تتسع دائرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة برؤوس أموال محلية خالصة.
أقول لكم إن المستثمر الأجنبى لن يراهن على بلادنا، قبل أن نراهن نحن عليها.
ولن يثق فى بنيتنا التحتية القانونية فى ميدان الاستثمار، قبل أن يختبر تأثير هذه القوانين والإجراءات على المستثمر المصرى.
الكرة فى ملعب المستثمرين المصريين أولا.
مصر من وراء القصد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة