كانت كالفراشة ترقص، بخفة ونعومة تخطف قلوب الجمهور، ولديها ابتسامة ساحرة قادرة تفتنك لتذهب بك إلى عالم الخيال، وفى لحظات شرودها تتوقف معاها دقات القلوب وعقارب الساعات.. هكذا كانت وستظل باقية فى القلوب "الفراشة" كما كان يحلو لمحبيها وجمهورها الواسع أن يطلق على الفنانة والراقصة المصرية الكبيرة سامية جمال.
الفاتنة التى يحل ذكرى ميلادها الـ94، حيث ولدت فى 5 مارس عام 1924، بمحافظة بنى سويف بصعيد مصر، بدأت حياتها الفنية مع فرقة بديعة مصابنى حيث كانت تشارك فى التابلوهات الراقصة الجماعية، وفى عام 1943 بدأت بالعمل فى مجال السينما حيث شكّلت ثنائياً ناجحاً مع الفنّان فريد الأطرش فى عدة أفلام وقدّمت على أغنياته أحلى رقصاتها، تزوجت فى الخمسينيات من الفنان الكبير رشدى أباظة، ورحلت عن عالمنا فى 1 ديسمبر عام 1994، بعد عطاء فنى استمر لأكثر من نصف قرن قدمت خلاله أكثر من 50 فيلما سينمائيا.
عشق الجمهور لسامية جمال لم يتوقف فى مصر ولا البلاد العربية فقط، فقد وصل لأوروبا، بعدما قدمت دور البطولة فى الفيلم الفرنسى على بابا والأربعين حرامى، وقامت بدور "مرجانة"، ولكن أيضا وصلت إلى أقصى شرق العالم وبالتحديد فى دولة أندونيسيا.
وبحسب ما يرويه الكاتب الصحفى الكبير أنيس منصور فى كتابه "200 يوم حول العالم"، وأثناء زيارته للدولة الموجودة فى جنوب شرق القارة الآسيوية، أنه بعد وصوله تقابل مع أحد الأشخاص، هناك سوف يوصله إلى الفندق الذى سيقيم فيه، ظهر على الرجل سعادة مبديا إعجابه بمصر وأبنائها، وعندها قال بحماس "لقد رأيت سامية جمال"، فاستفسر "منصور" إن كانت الأخيرة جاءت إلى هنا أو ذهب هو إلى مصر، فرد عليه "لا، لقد رأيتها فى أحد الأفلام".
ويسرد منصور "ومن حركة شفتيه أدركت طعم سامية جمال فى فمه، ومن بريق عينيه أدركت انعكاس ساقيها اللامعتين.. ومن اهتزازاته فى مقعده، أدركت كم هى مثيرة بالنسبة لهذا الرجل!
ويكشف أنيس منصور، أن الرجل قاله له إن الحكومة الإندونسية منعت أفلام سامية جمال المثيرة، وعرف أن الرقابة فى إندونسيا تحذف رقصات تحية كاريوكا وسامية جمال، بداعى أن ظهور هذه الرقصات يصدم الشعور العام، فالناس هناك كانوا يعتقدون أن كل ما تصدره مصر هو أفلام دينية وتفسيرات لكتاب الله، وأن الجمهور لا يجب أن يضع هولاء الراقصات بين آيات الله وأحاديث رسوله، قبل أن يسخر قائلا "إلا إذا كان الغرض من ظهورهن هو بيان الطريق اللذيذ الذى يؤدى إلى جهنم وبئس المصير".