• من يحارب فى أفغانستان؟
إنها الولايات المتحدة الأمريكية القوة العسكرية الأقوى على خريطة الأرض.
• من العدو فى هذا البلد الفقير؟
إنه الإرهاب والتطرف الذى تجسده حركة طالبان.
• كم عاما استمرت الحرب؟
استمرت الحرب 17 عاما متصلة بلا انقطاع، غارات جوية، ضربات بصواريخ موجهة، تحالفات عسكرية عالمية، قواعد أمريكية ضخمة على الأراضى الأفغانية، ضربات استخباراتية، تصفية لكبار رجال تنظيم القاعدة، وقيادات حركة طالبان، دعم بلا حدود للحكومات الأفغانية المتعاقبة، تحصينات عسكرية هائلة فى كابول والمدن الأفغانية الأساسية «زرت بنفسى كابول بعد عامين من انتهاء الحرب رسميا فى جولة صحفية واسعة ولم أصدق كيف بنى الأمريكيون كل هذه القواعد والمطارات فى ربوع أفغانستان بهذه السرعة، وبهذه التكلفة المخيفة»، ورغم هذا الإنفاق المذهل، وهذه القوة الهائلة، لا تزال حركة طالبان تمثل رقما صعبا فى المعادلة الأفغانية، وتستمر عناصر الحركة فى توجيه ضربات إرهابية إلى الداخل الأفغانى بشراسة من خلال تفجيرات وسيارات مفخخة وانتحاريين يقتلون الناس بلا تمييز، ويحولون بين الشعب الأفغانى وبين السلام الكامل.
كيف عاشت طالبان كل هذه السنوات؟ وكيف أخفقت أكبر قوة على وجه الأرض فى سحق أضعف حركة إرهابية فى أحد أفقر بلدان العالم؟
تقول بعض الصحف الأمريكية إن طالبان لا تزال مدعومة من الجارة الأكبر باكستان، لكن أيا كانت القوة والدعم الذى تقدمه باكستان، «إن صحت هذه المزاعم»، فإن الأمر لا يقتصر على الأموال وحدها، البقاء طوال هذه السنوات له دلالات أكبر من مجرد الدعم التسليحى أو توفير المخابئ على الحدود، أو توفير السلاح، الدلالة الأهم هى كيف استطاعت حركة طالبان أن تواصل عمليات التجنيد للأفراد وزرع عقيدة الإرهاب فى قلوب جيل جديد من الشباب الأفغانى وكيف فشلت الحرب فى أن تقتلع جذور التطرف الفكرى والتكفير والعمليات الانتحارية من هذا الجيل الإرهابى الجديد فى أفغانستان؟
الحرب إذن لا يجب أن تقتصر على السلاح وحده..
أفكار التيار التكفيرى تجد أصداءً فى قلوب شباب محبط أو جاهل، أنت تعرف ذلك طبعا، الحرب على الجهل والإحباط هى جزء من الحرب الشاملة إذن، كما أن الحرب على منابع أفكار التكفير جزء لا يتجزأ من هذه الحرب أيضا، وأنت تعرف ذلك أيضا بكل تأكيد، ولذلك أريد أن أجدد مرة أخرى ما طرحه الرئيس عبد الفتاح السيسى مرات متعددة، وتناساه البعض عمدا أو سهوا، فيما يتعلق بالحديث عن تجديد الخطاب الدينى، هذه هى الحرب الحقيقية والأصلية والتى تحتاج إلى مقاتلين وفدائيين من هذا الصنف النورانى الذى يقاتل الآن فى سيناء من رجال القوات المسلحة والشرطة.
نحن نحتاج إلى رجال فكر وعلم ودين بعقيدة جهادية، لا يخشون بوستات شبكات التواصل، ولا تهديدات الجماعات الإرهابية، ولا عنف التيارات المتطرفة، هؤلاء الرجال المطلوب منهم اليوم ليس «مداهنة التطرف، واللعب على أحبال الكتب السلفية بأوراقها الصفراء»، بل المطلوب منهم هو الحرب على كل أفكار العنف فى أى منبع فكرى، ومواجهة فتاوى القتل والدم والإرهاب المتوارثة عبر العصور، نحتاج إلى حرب فكرية ليس لتجديد الخطاب الدينى، بل لإظهار الخطاب الحقيقى لهذا الدين بعيدا عن عوامل التعرية الفكرية والسياسية والثقافية التى اجتاحت العالم الإسلامى وشوهت النص «المحمدى» الأصلى، وجعلت من الدين سيفا، ومن الالتزام قتلا، ومن الورع إرهابا.
الحرب لن تكتمل على الإرهاب إلا بحرب أخرى «بقوة فكرية عاصفة» على كل التلوث الذى أصاب تراثنا الدينى الصحيح.
الحرب يجب أن تستمر.
مصر من وراء القصد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة