فى تطور خطير للأحداث بشأن الأزمة السورية، فتحولت من مشادات وتعنيف بين سفراء الدول الكبرى بمجلس الأمن أمس، إلى تصعيد عسكرى خطير بين أمريكا وروسيا، بإعلان الرئيس الأمريكى أن واشنطن ستقصف سوريا علنا بصورايخ زكية وحديثة للمرة الأولى.
وتتبادل الجبهات المتصارعة داخل سوريا وحلفائها، التهم بشأن الهجوم الكيماوى بدوما السورية، ففى الوقت الذى تدين فيه أمريكا وحلفائها الغربيين، النظام السورى بالضلوع وراء تلك الهجمات، تقف روسيا وحلفاء الرئيس السورى بشار الأسد، موقف المدافع عن الحكومة السورية، مشيرة بأصابع الاتهام إلى الإرهابيين المتواجدين فى المنطقة.
ووجه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رسالة شديدة اللهجة لروسيا، اليوم الأربعاء فى أعقاب أزمة سوريا، قائلا: "استعدى يا روسيا الصواريخ قادمة"، وذلك فى تغريدة على موقع التواصل الاجتماعى تويتر.
بوتين وترامب
وأضاف ترامب قائلا: "سنضرب سوريا بصواريخ جديدة وذكية وأن روسيا يجب أن لا تكون شريكا لمن يقتل شعبه بالغاز ويستمتع بذلك".
وأكد الرئيس الأمريكى، على أن العلاقات الأمريكية مع روسيا أسوأ الآن من أى وقت مضى، مطالبا فى تغريدة على موقع التواصل الاجتماعى تويتر بإنهاء سباق التسلح.
وفى أول تصريح ردا على ما أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن قصف سوريا بالصواريخ، فقد أعلنت موسكو فى تصريح مقتضب ردا على واشنطن أن أى قصف أمريكى على سوريا يعتبر جريمة حرب، حسبما أعلنت وسائل إعلام روسية.
من جانبها أعلنت وزيرة الخارجية الأسترالية جولى بيشوب، أمس الثلاثاء، عن أن بلادها ستدعم الضربة الأمريكية على سوريا، وذلك على خلفية مزاعم استخدام الكيميائى فى الغوطة الشرقية.
وقالت جولى بيشوب: "لن أعلق على العمليات العسكرية الأمريكية، ولكن إذا قامت الولايات المتحدة بشن ضربة على سوريا؛ ردا على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، فستدعم أستراليا كل العمليات المستهدفة سوريا بشكل متزن ومناسب".
جولى بيشوب
من جانبها نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، بحسب ما ذكره موقع سكاى نيوز عربية، مزاعم عن مغادرة بشار الأسد قصره الرئاسى صباح اليوم، برفقة قافلة عسكرية روسية خوفا من التعرض لقصف أمريكى.
وأوصت الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل الجوى "روس أفياتسيا"، اليوم الأربعاء، شركات الطيران الروسية بتوخى أقصى درجات الحذر أثناء التخطيط للرحلات الجوية فى منطقة شرق البحر المتوسط .
وقال مصدر فى الوكالة الفيدرالية الروسية - فى تصريح لوكالة أنباء (تاس) الروسية - إن "روس أفياتسيا" أرسلت برقيات لإخطار شركات النقل الجوى بضرورة إيلاء اهتمام خاص أثناء تخطيط الرحلات الجوية فى منطقة شرق البحر المتوسط وتنبيههم إلى أهمية الإشعارات التى تقدمها هيئة الطيران لتنبيه الطيارين للأخطار المحتملة على طول مسار الرحلة.
بشار الأسد
وكانت وكالة سلامة الطيران الأوروبية (إياسا) قد أصدرت تحذيرًا مماثلًا، وأوصت جميع شركات النقل الجوى بتشديد الرقابة على رحلاتها فى منطقة شرق البحر المتوسط، إذ أنه من المتوقع شن هجمات صاروخية تتضمن صواريخ كروز أو صواريخ جو-أرض، على سوريا خلال الـ72 ساعة القادمة، وما يترتب على ذلك من تشويش على أجهزة الملاحة فى منطقة شرق البحر المتوسط.
وأعلنت البحرية الأمريكية، أن مجموعة من السفن الحربية الأمريكية على حاملة الطائرات الحربية التى تعمل بالطاقة النووية "يو أس أس هارى إس ترومان" تغادر نورفولك (فيرجينيا) اليوم لنشرها فى الشرق الأوسط.
وقال سفير روسيا فى لبنان، إن أى صاروخ أمريكى يطلق على سوريا سوف يُسقط، وسوف تُستهدف مواقع إطلاقه.
وأضاف ألكسندر زاسبكين، السفير الروسى، فى تعليقات بثت أمس الثلاثاء، أنه يشير بذلك إلى ما قاله الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، ورئيس أركان القوات المسلحة الروسية.
البحرية الأمريكية
وكان الجيش الروسى قد قال فى 13 مارس، إنه سيرد على أى ضربة تشنها الولايات المتحدة على سوريا، مستهدفا أى صواريخ ومنصات إطلاق ضالعة فى أى هجوم كهذا، وتعد روسيا أقوى حليف للرئيس السورى بشار الأسد.
وتبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها الآن إن كانت ستضرب سوريا بسبب وقوع ما يشتبه بأنه هجوم كيمياوي السبت قالت منظمات إغاثة ومنظمات طبية إنه أودى بحياة عشرات الأشخاص في بلدة دوما التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة.
وقال زاسبكين لتلفزيون المنار التابع لجماعة حزب الله اللبنانية متحدثا بالعربية "إذا شن الأمريكيون ضربة.. فسوف تُسقط الصواريخ، وحتى مصادر إطلاق الصواريخ"، مضيفًا أن أى اشتباك سوف يُستبعد حدوثه، ولذلك فنحن مستعدون لإجراء مفاوضات.
وقد أجهضت روسيا والولايات المتحدة محاولات كل منهما الأخرى في مجلس الأمن الدولى، أمس الثلاثاء، لبدء تحقيقات دولية في الهجمات بالأسلحة الكيمياوية في سوريا.
وألغى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، رحلة كان من المقرر أن يبدأها إلى أمريكا اللاتينية نهاية هذا الأسبوع للتركيز على الرد على ما حدث فى سوريا، بحسب ما قاله البيت الأبيض.
ورأت صحيفة (ديلى ميل) البريطانية"، أن تحرك قطع بحرية أمريكية تجاه الشواطىء السورية يزيد من خيارات الرئيس دونالد ترامب للرد على الهجوم الكيماوى من النظام السورى على أهل دوما بالغوطة الشرقية".
بوتين والأسد ونتنياهو
وذكرت الصحيفة البريطانية، أن حاملة الطائرات الأمريكية (هارى ترومان) بمصاحبة طائرات مقاتلة من طرازى "اف/ايه - 18 هورنيت" وسوبر هورنيت" وأربع مدمرات أخرى تحمل صواريخ موجهة وسفينة تحمل صورايخ موجهة، تحركت حاليا من مدينة نورفولك بولاية فرجينيا للإبحار إلى البحر الأبيض المتوسط بالقرب من الشواطئ السورية".
وأضافت (ديلى ميل)، أن الرئيس ترامب استعرض عضلاته العسكرية أمس الثلاثاء، عن طريق نشره تغريده لصورة لـ 19 من كبار قادته العسكريين، فى الوقت الذى توجهت فيه مدمرة صواريخ موجهة داخل مجال إطلاق النار السورى.
وأكدت وسائل إعلام أمريكية، نقلا عن مصادر فى البنتاجون، على أن المدمرة "يو اس اس دونالد كوك" غادرت ميناء قبرص باتجاه سوريا أمس الثلاثاء، وأشارت المصادر التى لم تكشف الصحيفة عن هويتها، إلى أن المدمرة مزودة بـ 60 صاروخا مجنحا من نوع "توماهوك".
ورأت الصحيفة، أن من شأن ذلك أن تكون السفن الأمريكية فى نطاق الهجوم على نظام الأسد خلال أيام؛ ما يزيد بشكل كبير من الخيارات المتاحة أمام ترمب.
تأتى هذه التقارير بعد يوم واحد من تعهد الرئيس الأمريكى بالقيام بخطوة سريعة "ردا على الهجوم الكيماوى فى دوما بالغوطة الشرقية فى سوريا"، وتأكيده على أن كل الخيارات مطروحة، بما فى ذلك العمل العسكرى.
نتنياهو
وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو خلال الاجتماع الذى عقد اليوم الأربعاء، مع وزراء حكومته بعدم إدلاء أى تصريحات تتعلق بالغارة الجوية التى شنتها المقاتلات الإسرائيلية على مطار التيفور السورى فى حمص أو بمصير الرئيس السورى بشار الأسد.
وأضاف "نتنياهو"، أنه لا ينبغى الإدلاء بأى تصريحات تتعلق بالأوضاع الأمنية التى تشهدها الأراضى السورية لكونها أوضاع حرجة.
ودعا وزير الإسكان الإسرائيلى يوآف جالانت، إلى اغتيال الرئيس السورى بشار الأسد، قائلا: "حان وقت اغتيال بشار الأسد".
وكانت نشرت وسائل إعلام إسرائيلية، مزاعم عن مغادرة بشار الأسد قصره الرئاسى صباح اليوم، برفقة قافلة عسكرية روسية خوفا من التعرض لقصف أمريكى.
يذكر أن الأوساط الإقليمية والدولية تترقب ما ستسفر عنه حرب التصريحات بين واشنطن وموسكو حول الأوضاع الراهنة فى سوريا، وذلك عقب استخدام سلاح الكيماوى ضد المدنيين فى مدينة دوما بغوطة دمشق الشرقية، وسط اتهامات متبادلة بين المعارضة والحكومة حول الجهة التى تقف وراء القصف بالسلاح الكيماوى.
القتال فى دوما
وفى ظل تحركات عسكرية أمريكية وتلويح بتوجيه ضربة عسكرية إلى القدرات العسكرية للحكومة السورية وحلفائها، وردا على تلك التهديدات أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفرى، أن تهديدات الدول الغربية بالعدوان على سوريا ومناوراتها وتضليلها وكذبها وإرهابها لن يحيد دمشق عن الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، وصد أى عدوان مهما كان مصدره وهى لن تسمح لأحد كبيرا كان أم صغيرا دائم العضوية أو غير دائم العضوية أن يكرر فى سوريا ما فعلوه في العراق وليبيا.
وأكد الجعفرى، خلال جلسة لمجلس الأمن حول الوضع فى سوريا، على أن انتهاك نظام عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل هو اختصاص تفردت به هذه الدول الغربية، موضحًا أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت السلاح النووى في اليابان والبيولوجى والكيميائى فى فيتنام واليورانيوم المنضب فى العراق.
بشار الجعفرى
بدوره قلل مصدر عسكرى روسى من خطورة تحرك مجموعة من السفن الحربية الأمريكية إلى البحر المتوسط بالنسبة لروسيا.
وقال المصدر لصحيفة كوميرسانت الروسية، اليوم الأربعاء، تعليقا على أنباء عن انطلاق مجموعة ضاربة من القطع البحرية الأمريكية وعلى رأسها حاملة الطائرات "هارى ترومان" من قاعدة نورفولك البحرية باتجاه البحر المتوسط حتى الآن لم يحدث شيء مخيف إلا أنه لدينا ما نرد به على الأمريكيين فى البحر المتوسط إذا لزم الأمر.
الأسطول البحرى الروسى
وأوضح المصدر، أن كل تعزيز للقوات فى منطقة البحر المتوسط سيؤدى إلى تصعيد التوتر، مشيرًا إلى أن العسكريين الروس سيقومون بمتابعة تطورات الوضع وتقييمها وهى مهمة تنفذها منذ عدة أيام طائرات الاستطلاع الروسية من طراز "أى 50" التى تراقب سير مدمرة "دونالد كوك" الأمريكية، مؤكدًا على أن الأسطول البحري الروسى قادر على رد سريع عند الضرورة وسيكون هناك من ينتظرهم عند قدومهم فى إشارة إلى المجموعة الأمريكية الضاربة.
وبين المصدر، أن القوى البحرية الروسية الموجودة فى مياه المتوسط لا تقتصر على السفن العادية بل تشمل أيضا غواصات بما فيها الغواصات النووية المزودة بطوربيدات وصواريخ كاليبر المخصصة لتدمير الأهداف البحرية والبرية رافضا الكشف عن الأنواع المحددة للغواصات الروسية الموجودة فى المنطقة.
وردا على الاتهامات الأمريكية والغربية للحكومة السورية باستخدام السلاح الكيماوى، أكدت الرئاسة الروسية رفضها مزاعم وجود أسلحة كيميائية فى سوريا ودعت إلى تحقيق نزيه فى هذا الشأن.
المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميترى بيسكوف
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميترى بيسكوف، إن موسكو تأمل فى أن تتفادى جميع الأطراف خطوات تزعزع استقرار الوضع فى سوريا.
وفى تعليق على مجريات الأحداث الراهنة فى سوريا والحرب النفسية التى تمارسها بعض الدول الغربية ضد الحكومة السورية، قال الكرملين، إن الوضع القائم حول سوريا متوتر للغاية، لاسيما فى ظل الهجوم الكيميائى المزعوم فى مدينة دوما، معربا عن أمله فى أن تتفادى جميع الأطراف الخطوات المزعزعة.
وشدد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميترى بيسكوف، أثناء مؤتمر صحفى، على أن تطورات الوضع فى الأراضى السورية تتطلب المراقبة بعناية، مؤكدًا على الموقف الروسى الداعم لإجراء تحقيق مفصل فى المزاعم عن استخدام السلاح الكيميائى فى دوما.
ودعا بيسكوف إلى عدم الاستناد إلى شائعات وتقارير إعلامية غير مؤكدة فى المسألة، مضيفًا أن هذا الموضوع حساس للغاية، ولا يمكن فيه إصدار أحكام لا تعتمد على حقائق.
وأكد باسم الرئاسة الروسية، على وجود خلافات عميقة بين موسكو وواشنطن بهذا الشأن، موضحا أن الطرف الروسى يعارض بشدة التصريحات الأمريكية حول "الجرائم البشعة للسلطات السورية" والتى لا تستند، حسب اعتقاده إلى حقائق، ويؤيد التحقيق المستقل والمفصل فى الموضوع، بغية الوصول إلى معلومات موثوق بها.
وقال بيسكوف: "فيما يتعلق بردنا على أى ضربة على سوريا، نريد أن نأمل فى أن تتفادى جميع الأطراف الخطوات غير المبررة، التى فى الواقع من شأنها زعزعة الوضع الهش أصلا فى المنطقة".
استخدمت روسيا أمس "الفيتو" ضد مشروع قرار أمريكى فى مجلس الأمن الدولى لتشكيل آلية خاصة للتحقيق فى مزاعم استخدام السلاح الكيميائى فى سوريا.
وقبيل التصويت على مشروع القرار الأمريكى أكد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلى نيبينزيا، على أن موسكو سترفض مشروع القرار الأمريكى لأنه يتضمن جميع أوجه القصور فى آليات التحقيق المشتركة السابقة، موضحًا أن الولايات المتحدة حاولت تضليل المجتمع الدولى مجددا وقامت بخطوة أخرى نحو المواجهة، حيث وضعت مشروع قرار بشأن مزاعم استخدام السلاح الكيميائى فى سوريا دون دعم كامل من أعضاء مجلس الأمن الدولى للمشروع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة