قبل الانتخابات البلدية التى ستجرى فى مايو المقبل شهد إخوان تونس عاصفة انقسامات داخلية تنذر بمزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة، حيث بدأت الأنباء تتداول حول تحرك رئيس الحركة راشد الغنوشى للترشح لرئاسة تونس فى 2019، وهو القرار الذى اتخذ من أجله مجموعة من الإجراءات الإصلاحية داخل هيكل الحركة أطلق عليها حركة إصلاح، لتبدأ شقوقا داخل الحركة بين رئيسها راشد الغنوشى والتيار الداعم له من المجددين وبين تيار المحافظين.
وما بين الخلافات بين التيارين ظهر الخلاف حول من سيخلف الغنوشى فى رئاسة الحركة إذا ترشح للرئاسة، حيث يجد التيار المحافظ أنه الأحق برئاسة الحركة فى ظل اعتقادهم بأن تحركات الشيخ الإخوانى خروجا عن أيديولوجية النهضة التى تعتبر فرعا من التنظيم الدولى للإخوان.
الصدام داخل الحركة ظهر جليا خلال الـ24 ساعة الماضية بعد أن شن بعض المحافظين هجوما حادا على المستشار السياسيى لرئيس الحركة لطفى زيتون، مستغلين تصريح له خالف فيه رأى الحركة وانتقد سهام بن سدرين رئيس هيئة الحقيقة والكرامة - المدعومة اخوانيا - التى تعنى بدراسة ملفات الاستبداد فى عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن على.
وأعلن مستشار الغنوشى السياسى صراحة معارضته لاستمرار عمل الهيئة التى لم تقوم بحل أى من الأزمات وفى وقت تعانى فيه الدولة من ضعف الموارد وعدم قدرتها على ضخ مزيد من الأموال للهيئة، واعتبر أن انها تقوم فقط بالإتجار بالقضايا وتعويمها فهى لا تملك قرارا لمعاقبة من أرتكب تلك المخالفات، مطالبا بان يكون هناك هيئة قضية تنظر فى ملف قضايا التعذيب.
هذا التصريح تلقفه التيار الإصلاحى ليستغله فى إطلاق موجه انتقادات لزيتون ورئيس الحركة الذى يدعمه، كاشفين عن الصراع الداخلى الذى تحاول الحركة اخماده وإخفاؤه للظهور بمظهر المتماسك، فى وقت حرج حيث الانتخابات البلدية على الأبواب، والتى تسعى الحركة الإسلامية إلى السيطرة عليها للنفاذ من جديد إلى مفاصل الدولة التونسية.
وصًدر التيار المحافظ فى الحركة - والذى بدأ يتمرد على الغنوشى وتصرفاته - عضو مجلس شورى حركة النهضة وأحد رموز الشق الدعوى لطفى العمدونى ليهاجم زيتون والشيخ الرئيس ليعلن للجميع أن الإخوان تعانى من انقسام قد يعصف بوضعها السياسى.
وقال العمدونى فى صفحته عبر فيس بوك: "إن زيتون يخالف المؤسسات وليس منها فى شيء، وأنه يُغرّد خارج السرب دائما ويستمد جرأته المزيفة من سلطة وسطوة الشيخ الرئيس، وهو أصبح خطر على مشروع الحركة الإسلامية".
مستشار رئيس الحركة السياسى
هجوم أعضاء الحركة من تيار المحافظين على لطفى زيتون يستهدف بالأساس الغنوشى، بعد أن اتخذ مجموعة من الخطوات أغضبت الجميع فى مقدمتها اعتماده على المستقلين فى الانتخابات المقبلة متجاهلا الشخصيات الإسلامية للتأسيس لصورة مدنية للحركة، وهو الأمر الذى بدأ التأسيس له فى المؤتمر العاشر للحركة.
هذا المؤتمر بدأ بمجموعة من الخطوات التمهيدية للاستيلاء على الحكم من جديد فى انتخابات الرئاسة العام المقبل، وسلخ النهضة من تيار الإسلام السياسى والتنظيم الدولى للإخوان، لتقديم نفسه بشكل مدنى منفتح.
صحيفة الشروق التونسية أكدت أن من أبرز القرارات التى تسببت فى جراحات عميقة فى ايديولوجيا النهضة هو تحويلها من إحدى حركات الإسلام السياسى الأساسية فى المنطقة الى حزب متصالح مع الدولة فى مشروعها المدنى، وأعلنت فصل الدعوى عن السياسى وتحولها لحركة سياسيّة مدنيّة ملتزمة بالقانون وتعمل بعلنية وشفافية، وهو الأمر الذى رأى فيه الجناح المحافظ انحيازا عن المبادئ الكبرى للحركة الإسلامية وانحرافا عن الولاء لتيارها الواسع فى المنطقة.
وبدأت حركة مناهضة من قبل التيار المحافظ داخل الحركة لتلك القرارات، والعمل لإيقاف التوجّهات الجديدة التى يقودها رئيس الحركة نحو إعادة صياغة طبيعة العلاقة مع الدولة والاندماج فى مؤسّساتها، وبدأ الهمس حول تطور الصراع الداخلى ليشمل من سيخلف الغنوشى فى رئاسة الحركة.
وقال المتابعون إن الصراعات داخل حركة النهضة والتى ظهرت مجددا إلى العلن مرجحة للتطور، خاصة أن النهضة ستواجه قريبا بسؤال الترشح للانتخابات الرئاسية، حيث يقرر قانونها الأساسى أن رئيسها هو المرشح لتولى المناصب العليا فى الدولة يضاف الى من سيخلف الغنوشى على رأس الحزب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة