خالد عزب يكتب: الموت والخلود الرمزى كنموذج ثقافى

السبت، 05 مايو 2018 04:00 ص
 خالد عزب يكتب: الموت والخلود الرمزى كنموذج ثقافى غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتاب "النموذج الثقافى.. الموت والخلود الرمزى" للدكتور سيد فارس، الأستاذ فى جامعة بنى سويف، يجمع بين النظرية والتطبيق، لذا استحق أن يفوز مؤخراً بجائزة الشارقة للتراث.
 
 ويرى الباحث فى كتابه أن المفكرين فى الماضى دأبوا على تعريف الموت باستعمال كلمات قليلة للدلالة على الموت، لكن تقدم البحث العلمى بين أن هناك عدة استعمالات أساسية لكلمة الموت: الموت كحدث، والموت كظرف، والموت كحالة وجود أو انعدام الوجود، ويؤشر استعمال الموت كحدث على أنه شىء يحدث، ويقع الموت بوصفه حدثاً فى زمان ومكان معينين، وبطريقة معينة، والموت كظرف يعجز فيه الكائن الحى عن أداء الوظائف الحيوية للحياة، ويتعلق معنى الموت بوصفه حالة وجود أو انعدام الوجود بما يصير إليه الشخص بعد الموت، فهو لا يشير إلى حدث أنهى الحياة، ولا إلى وضع الجسد فى ذلك الوقت، ولكن إلى شكل الوجود ما بعد الموت. 
 
يذكر المؤلف أنه يتعين علينا التمييز بين الاحتضار والموت، حيث يشير الاحتضار إلى مرور الفرد بعملية فناء وتلاش تدريجى قبل حدوث الموت، أما فى حالة الموت، فتغيب هذه العملية (كأن يتوفى الشخص أثناء النوم)، أو أن تكون قصيرة (كأن ينزف الشخص حتى الموت بعد إصابته بطلق نارى)، وفى كلتا الحالتين يمر أحباء المتوفى وذووه بعملية حزن وحداد، وبينما تبدأ عملية الحزن قبل الموت فى حالة الاحتضار، فإنها تبدأ بعد الموت فى حالة الموت الفجائى أو غير المتوقع. 
 
والاحتضار والموت يمثلان جانبين عميقين من الخبرة الإنسانية، تتشكل تعاريفهما ومعانيهما من خلال العدسات الثقافية والتاريخية، ورغم أن الموت كما يذكر المؤلف محتوم من الناحية البيولوجية، فإنه يمثل حقيقة اجتماعية كذلك، المعرفة به مصطبغة، ونفهم الموت من خلال أطر الدين والبناء الاجتماعى والثقافة والعلم والطب، والفقدان، والاضطراب أو الاختلال الذى يصيب الأفراد داخل المجتمعات. 
 
من هنا ينتقل المؤلف إلى مصطلح الخلود الرمزى فمن وجهة نظره تمثل فكرة الخلود إجابة عن تساؤل إنسانى عميق، أو فى الواقع إجابة عن تساؤلين: الأول: ماذا يحدث للشخص بعد الموت؟ والثانى: كيف للشخص أن يتمكن من الحياة من دون القلق الغامر الذى يجتاحه فى مواجهة يقين الموت؟ السؤالان يتوارى خلفهما طموح وتوق إنسانى إلى الحياة الأبدية والخلود، وتفرز حقيقة فناء البشر وموتهم تصورات عن الخلود بوصفة حلا لمشكلة الموت، ويرى المؤلف أن فكرة الخلود تبعث على الراحة، نظراً لأن الشخص يستمر فى الوجود بمعنى معين.
 
من هنا رأى سيد فارس، أن هناك عدداً من النصوص الأدبية الشعبية تعكس فلسفة الحياة والموت عند الحضارات المختلفة ويحقق تأكيد نصوص العديد فى مصر على كون الموت غياباً مؤقتاً وشعوراً بالخلود الرمزى والاستمرارية فى مواجهة الموت، ويعد تحقيق شعور بالخلود الرمزى طريقة ممكنة لتهدئة يقين الموت عن طريق تجاوز تصور قوى لدلالة الموت، ونقصد الارتباط المبتور بالحاضر والمستقبل وبعالم الأحياء، إن تحقيق شعور (معنى) الخلود الرمزى يعنى أن يكون الشخص أقل عرضه للمخاوف المعوقة التى يثيرها الاحتضار والموت، أى أن يكون أقل تهديداً بيقين فنائه وموته المتوقع، وأخيراً، أن يتعاطى مع الموت باعتباره جزءاً طبيعياً من دورة الحياة .
 
يا قهوجى زيد العيار دورة
لما يجينا صاحب الشورى
ياقهوجى زيد العيار دورتين
لما يجينا صاحب الشورتين
يابو الرفاقة رفاقتك جولك
تطلع لهم و لّا يخشوا لك
يابو الرفاقة رفاقتك عَشرة
فاتوا على بيتك عطوا حدره
سلامة لسانك اللى اتشكل
هو لسانك اللى اتشكل و لا أنت اللى معاديني
أبويا راح السوق يتسوّق
راح السوق يتسوّق
جا عليه الليل و اتعوّق
فى السوق بيكسيكى يا بنت أبوكى فى السوق بيكسيكى
مسى عليه الوقت ونسيكى
اِبكى عليا اللى إنتى عايزانى
ليش تردى الباب وحايشانى
يا راكبة الكرسى يا أختى يا راكبة الكرسى 
كانوا بيعزوكى على حِسى
يا راكبة العالى يا ختى يا راكبة العالى
كانوا بيعزوكى علشانى
كنتى انزلى يا راكبة العلالى
دكانوا بيعزوكى علشانى
كنتى انزلى يا راكبة الكرسى
دكانوا بيعزوكى على حِسى
ياللى تركبى ياللى تنزلى ياللى على العالى
دا كانوا يعزوكى علشانى
حلفتك يا ختى ما تغسلى اديكى
ولا تنسى يا ختى دخلتى عليكى
حلفتكم يا خواتى ما تغسلوا اديكم
ولا تنسوا يا اخواتى دخلتى عليكوا
ومن المعانى المرتبطة بفكرة الغياب المؤقت، إمكانية العودة والعودة المنتظرة، إذ يتجلى فى نصوص العديد انتظار لعودة المتوفى، و تؤشر شعائر الموت إلى هذا المعنى، إذ تُنتظر عودة روح المتوفى فى أيام معينة، ومناسبات معينة، وفى الأحلام .
 وتشير نصوص "العديد" إلى تعلق المتوفى بالحياة الدنيا، ورغبته فى العودة إليها، وهى العودة التى ينتظرها ذووه الذين يحرصون دوماً على مخاطبة المتوفى، وتذكيره بأنهم لم ينسوه، وتشير كذلك إلى معاتبة الأحياء للمتوفى على تأخر وفادته، وإلى صلة قائمة بين الميت والأحياء، إذ يرسل إليهم سلامه، ويسعى إلى الاطمئنان عليهم وطمأنتهم، خاصة فى الأحلام، وتؤشر النصوص إلى تمنى الأحياء ألا يقع غياب ورحيل نهائى للمتوفى. 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة