كأنها لوحات فنية تزين شوارع النوبة، ترسم على واجهاتها برسومات بسيطة، ولكنها مؤثرة، ومزينة لجوانب المكان، المنازل النوبية التى تتكفل بنشر البهجة والراحة النفسية والبصرية بداخل كل من يمر بها، ولعل منطقة "غرب سهيل" بالنوبة من أكثر المناطق الثرية بالفنون التراثية، والمنازل الملونة التى تنتشر فى كل خطوة تسيرها فيها.
تتدبر التفاصيل، فتجد عبارات نوبية تدعو للسلام، وترحب بالزائرين، ومثلثات تنبهك لوجود سبب وراء انتشارها على كل بيوت النوبة تقريبًا، والحيوانات المرسومة أو المحنطة فى كل جنبات واجهة المنازل، أو أعلى المدخل الكبير، فلا يخلو أى بيت نوبى من درجات اللون الأزرق والأخضر والأصفر، ورسوم الدفوف والزى النوبى، ولقطات من أفراح النوبة بتفاصيلها الفريدة من نوعها.
ولأن المنازل فى أى مكان هى مرآة من يسكنها، وخير شاهد على تراثه وتاريخه، فاليوم السابع سأل العديد من سكان النوبة عن السر خلف تلك الأشكال والألوان التى تزين بيوت النوبة، وجاء الرد: "بيوتنا جزء مننا، وبنلونها بذوقنا"، تلك العبارة التى بدأ الحاج "رفعت" حديثه عن الرموز والألوان التى تزين بيوت النوبة بها.
فأوضح أن معظم الألوان تقع بين الأزرق والأصفر والأخضر، والتى تشير للون السماء والخضرة والرمال الصفراء، أما المثلثات فهى ذات صلة تاريخية ترجع لأصل البشرية والتى خرجت من أبناء سيدنا نوح "حام، سام، يافث"، وهو الرمز الذى يعتبره أهل النوبة أيقونة لأصل البشرية ويحرصون على وجوده على واجهات المنازل بالألوان أو بالحفر.
لا تجد بيت نوبى إلا وتلون على جدرانه وواجهته المراكب، والتى تشير لسريان نهر النيل الذى يعتز به أهل النوبة، فهو منهم وهم منه كما يرددون فى حديثهم دائمًا، أما عن غية الحمام يقول "مراد" الرجل الخمسينى: "غية الحمام والكفوف دليل على العمل والعرق والسلام"، فدائمًا ما يحب أهل النوبة أن يبعثوا الراحة ورسائل السلام لكل من يمر بمنازلهم، ويشيرون بالكفوف باستمرار بسبب ما يصنعون من حرف يدوية، ومجالات أخرى كثيرة يقدمونها بسواعدهم دون الحاجة لآلات متطورة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة