مع الساعات الأولى لصباح اليوم الثلاثاء، توجهت أنظار العالم صوب سنغافورة لمشاهدة القمة التاريخية بين الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب والكورى الشمالى كيم كونج أون، وهو اللقاء الأول من نوعه بين قادة البلدين والذى طال انتظاره وأثيرت شكوك كثيرة حول انعقاده.
وخرجت القمة بشكل إيجابى، كما أرادها ترامب الذى يحتاج إلى إنجاز لم يحققه فى رئاسته حتى الآن، فأكد كيم كونج أون التزامه بنزع كامل للأسلحة النووية فى شبه الجزيرة الكورية، وتم التوقيع على وثيقة مشتركة بين الرئيسين تمهد للعلاقات الرائعة الجديدة بين البلدين على حد قول ترامب الذى تعهد بتقديم ضمانات أمنية.
ولم يكن هناك ذكر للمطلب الأمريكى "بنزع أسلحة نووية كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه"، وهى الصيغة التى تعنى التخلى عن الأسلحة وقبول عمليات تفتيش، لكنها تؤكد التزاما بصيغة مبهمة. ونصت الوثيقة على أن القمة ستتبعها مفاوضات لاحقة يقودها وزير الخارجية الأمريكى ومسئول كورى شمالى، كما تعهد ترامب يتعهد بتوفير ضمانات أمنية لكوريا الشمالية.
وتعهد ترامب وكيم بالتعاون لإقامة علاقات جديدة بين أمريكا وكوريا الشمالية، والتعاون لإحلال السلام والرخاء في شبه الجزيرة الكورية. وأكد ترامب أن الوثيقة شاملة وتتضمن تفاصيل عدة، مشيرا إلى أن العلاقات مع كوريا الشمالية ستكون مختلفة تماما عنها فى الماضى، وأنه سيقابله مجددا.
وتقول صحيفة "واشنطن بوست" إنه بالابتسامات والمصافحات والكلمات المعبرة عن الدفء المتبادل، دخل ترامب وكيم كتب التاريخ فى سنغافورة باعتبارهما أول رئيسين لبلديهما يلتقيان مباشرة. لكن ما إذا كانت القمة ستثمر حقا عن شىء تاريخى أمر سيتحدد فيما بعد.
وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولى حاولوا من قبل تقييد كوريا الشمالية، فثلاثة رؤساء سابقون كانوا أطرافا فى اتفاقيات تعهدت فيها كوريا الشمالية بوقف نشاطها النووى. وفى كل مرة، لم يتم الوفاء بالالتزامات وتبين أن العهود بلا معنى، وواصلت كوريا الشمالية مسيرتها الثابتة نحو الحصول على الرؤوس الحربية النووية.
فقد شرع ترامب وكيم فى نهج مختلف بشكل جذرى، وتجنبوا ما حدث فى المرات السابقة وبدأوا عملية التفاوض من أعلى مستوى بعدما وافق الرئيس الأمريكى فجأة على عرض الكوريين بالمقابلة بمجرد أن طرحوه. إلا أن قمة سنغافورة هى مجرد البداية. خطوة أولى فيما يمكن أن تكون مفاوضات طويلة وصعبة بين البلدين.
ويعتمد ترامب على مهاراته الشخصية لإقناع كيم أن التخلى عن برنامج الأسلحة النووية، وما يقدمه هذا من أمن لهم يصب فى مصلحة أمريكا والعالم. ولتحقيق هذا، سيتطلب الأمر انضباطا والتزاما لم يكن جزءا من نهج سياسة ترامب الخارجية حتى الآن. وسيتعين على ترامب أن يتجنب ما أبداه من تهور وهو فى طريقه إلى سنغافورة عندما سحب الدعم الأمريكى للبيان المشترك الذى تم التفاوض عليه مع الدول الأعضاء الأخرى فى قمة مجموعة السبع فى كندا.
من ناحية أخرى، انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" إطراء ترامب على كيم، الرئيس المستبد الذى قالت إن نظامه يعتبر الأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان فى العالم، عندما وصف لقائه معه بأنه شرف عظيم.
وأشارت الصحيفة إلى أن مشهد الود والمصافحات الطويلة التى استغرقت 13 ثانية وقول "أنه سيكون هناك علاقات رائعة دون شك" مع كوريا الشمالية جاء متناقضا تماما مع ما كان من ترامب قبل ثلاثة أيام فى كندا عند مشاركته فى قمة السبع عندما جلس معاندا واضعا ذراعية أمامه فى الوقت الذى كان قادة العالم الغربى يناشدونه ألا يمزق النظام العالمى القائم بسياساته فى التجارة.
وبدلا من الاقتراب من كيم كمنبوذ، أغرقه ترامب بالاحترام وحتى الإطراء وتحمس لمصافحة شخصية وحشية.
وبرغم ذلك، نجح ترامب فى أن يجعل العالم يراقب تحركاته ويعتقد أنه قادر على تحقيق ما لم يستطيع أسلافه أن يفعلوه حتى لو كان فى هذا كسرا للتقاليد الأمريكية، وهذا الأمر ربما يكون مفيدا له على الصعيد الداخلى لاسيما وأن أشهر قليلية فقط تتبقى على انتخابات التجديد النصفى للكونجرس والتى يمكن أن تكون استفتاء على رئاسة ترامب وستحدد مصير سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض والمجلس التشريعى.
وبحسب صحيفة "يو إس إيه توداى" الأمريكية، فأن قمة ترامب مع كيم يمكن أن تمنحه بعض المكاسب السياسية قبل الانتخابات.فقد أظهر استطلاع جديد أن ترامب ذهب للقاء رئيس كوريا الشمالية بدعم قطاع كبير من الأمريكيين، وإن كانت التوقعات قليلة بشأن إمكانية تحقق انتصار.
واعتقد أكثر من ثلث الأمريكيين أن ترامب يستطيع تحقيق بعض التقدم فى بعض القضايا لكن ليس فى لمشكلات الملة مثل نزع السلاح النووى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة