سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يونيو 1906.. أولى جلسات محاكمة المتهمين فى حادثة دنشواى.. وبطرس باشا غالى يترأس المحكمة.. والهلباوى يطالب بأشد عقوبة

الأحد، 24 يونيو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 يونيو 1906.. أولى جلسات محاكمة المتهمين فى حادثة دنشواى.. وبطرس باشا غالى يترأس المحكمة.. والهلباوى يطالب بأشد عقوبة حادثه دنشواى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 
كانت الساعة التاسعة وخمسة وأربعين دقيقة صباح يوم 24 يونيو «مثل هذا اليوم» عام 1906، حين دخل المتهمون فى حادثة دنشواى «راجع ذات يوم 14 يونيو 2018»، وسط حرس مدجج بالسلاح إلى السرادق الكبير أمام المديرية بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، لبدء أولى جلسات محاكمتهم، وفقًا للصحفى أحمد حلمى أفندى الذى حضر المحاكمة، وغطى وقائعها يوميًا لجريدة «اللواء» برئاسة مصطفى كامل، وجمعتها مجلة «المجلات العربية» فى عدد تذكارى عن «حادثة دنشواى»، أصدرته أول فبراير 1908، وقالت عن أحمد حلمى «حضرة الكاتب الشهير».
 
انعقدت «المحكمة المخصوصة» برئاسة بطرس باشا غالى، وزير الحقانية بالنيابة، الذى أصدر قرار تشكيلها، وترأسها فى نفس الوقت، وحسب عبدالرحمن الرافعى فى كتاب «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية»، فإن المحكمة ضمت فى عضويتها المستر هيتر، نائب المستشار القضائى، والمستر بوند، وكيل محكمة الاستئناف الأهلية، والقائم مقام لادلو، القائم بأعمال المحاماة والقضاة بجيش الاحتلال الإنجليزى، وأحمد فتحى بك زغلول باشا، رئيس محكمة مصر الابتدائية، وعثمان بك مرتضى، رئيس أقلام وزارة الحقانية، سكرتيرًا للمحكمة، وانتدبت نظارة الداخلية إبراهيم بك الهلباوى، المحامى، للقيام بوظيفة النائب العمومى فى التهمة، وحسب مذكراته: «طلبت تحديد أتعابى، فقدرت كما طلبت بثلاثمائة جنيه».
يتحدث «حلمى» عن جلسة 24 يونيو: «قصدت المديرية فرأيت سرادقًا كبيرًا فى ساحتها، وفى صدره منصة لأعضاء المحكمة، وعلى يمينها محل مراسلى الصحف العربية، وعلى يسارها محل مراسلى الصحف الأفرنكية، وبينهما أمام مركز المحكمة محل المحامين، ثم صفّ فى بقية السرادق نحو 400 كرسى للذين بأيديهم تذاكر مطبوعة، أما المتهمون فأعد لهم قفصان خشبيان، كل واحد منهما فى جانب، وجلس فى مقام الدفاع من المحامين أحمد بك لطفى السيد، المكلف من الحكومة عن كل المتهمين.. وفى الساعة التاسعة والدقيقة 45 جىء بالمتهمين وسط حرس من الجنود المدججة بالسلاح، وكانوا بغير أغلال، وفوق صدر كل منهم نمرة بالرقم الأفرنكى من 1 إلى 52، وأعمارهم تختلف من 15 سنة إلى 60 سنة تقريبًا».
 
يضيف «حلمى»: «فى الساعة العاشرة وبضع دقائق نادى الحاجب فوقف الحاضرون، وخرج بطرس باشا وفى يده رسم من الشفاف، وجلس على يمينه المستر هيتر وفتحى بك زغلول، وعن يساره المستر بوند والقائم مقام لادولو، وكان بملابسه الرسمية والنياشين، ثم نودى على المتهمين واحدًا بعد واحد بأسمائهم، ثم ذكرت أسماء المتهمين الهاربين، وهم حسن محفوظ، والعفيفى محمد الحلوانى، ومحمد عبدالعال محفوظ، وحسن محمد محفوظ، وأحمد محمد محفوظ، ومحمد عطاب، وعطية خليل زايد، وتلا عثمان بك مرتضى قرار نظارة الحقانية بعقد المحكمة المخصوصة، ثم قرأ تقرير الإحالة الصادر من سعادة شكرى باشا، مدير المنوفية، ثم وقف إبراهيم بك الهلباوى وذكر مختصر تفصيل الحادثة، وقال: حيث إن هذه الجريمة من الجرائم الشديدة، فنطلب معاقبة المتهمين بأشد عقوبة بعد سماع شهادة الشهود».
 
سأل بطرس باشا المتهمين واحدًا واحدًا عما نسب إليهم، ووفقًا لـ«حلمى»: «رد البعض بأنه لم يكن موجودًا، والبعض بأنه مريض، والبعض أنه كان خارج البلد، والبعض يقول إنه لم يرَ شيئًا، أما محمد عبدالنبى المؤذن فقال إنه كان يصلح الرمية فى الجرن وامرأته فوق النورج فرأى النار ملتهبة فى الجرن.. بعد انتهاء الرئيس من سؤال المتهمين، وقف الهلباوى بك فقال إن المتهم محمد عبدالمنعم «نمرة 23» يدعى أنه مجنون، وهو يريد أن تقرر المحكمة انتداب الطبيب الشرعى ليكشف عليه، فقررت المحكمة إبقاء ذلك لوقت آخر، وأمرت بحضور شهود الإثبات، فنودى على الميجور بين كوفين، فجاء وذراعه اليسرى معلقة فى رقبته، ثم وضع له كرسى فجلس عليه، وأخذ يحيل نظره فى المتهمين، فكلمه جناب المستر بوند بالإنجليزى لحلف اليمين، فحلفها، ثم نودى على أمين أفندى أنيس المترجم فحضر، وأقسم أنه يترجم بالضبط، ثم أملى إسماعيل بك عاصم قائمة شهود النفى عن بعض المتهمين الذين يدافع عنهم، وسرد الميجور شهادته باللغة الإنجليزية». رفعت الجلسة الصباحية بعد الظهر بساعة، وفى الساعة الرابعة فتحت الجلسة المسائية، وتوجه المحامون بأسئلة إلى الميجور بين كوفين، وواصلت المحكمة الاستماع إلى شهود الإثبات وهم من الضباط والجنود الإنجليز، وشاهدوا المتهمين ليعرفوا من منهم الذى اعتدى عليهم، وكان أهم ما جاء فى هذه الجلسة شهادة الطبيب الشرعى للمحاكم المستر نولن، الذى قال إنه بالكشف على جثة الكابتن بول بعد إخراجها من القبر رأى أن سبب الوفاة احتقان فى المخ وضربة الشمس، ولما سئل من المحامين عما إذا كانت ضربة الشمس كافية وحدها للوفاة، فقال: «كافية».

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة