قبيل أسبوعان من تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران فى اغسطس المقبل، تعمل ماكينة الدبلوماسية الإيرانية ليل نهار على أمل الخروج من مأزق العقوبات، وإيجاد قنوات تخفف من تداعياتها على البلاد، حيث اتجهت طهران لإرسال وفود سياسية خاصة تحمل رسائل من كبار المسئولين الإيرانيين، لشرح الموقف الرسمى الإيرانى، بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى 8 مايو الماضى، بحسب وزارة الخارجية، وفى هذا الإطار يصل اليوم، الأربعاء، موفد إيران الخاص على اكبر ولايتى إلى روسيا للقاء الرئيس الروسى في الكرملين.
اللقاء الإيرانى بالرئيس الروسى يحمل طابعا خاصا، حيث من المقرر أن يسلم المسئول الإيرانى الذى سافر على رأس وفد دبلوماسى رفيع المستوى، رسالتين من المرشد الأعلى آية الله على خامنئى، والرئيس حسن روحانى، للرئيس بوتين، رسائل لم تشير طهران إلى فحواها التفصيلى، وخاصة أنها تأتى قبل أسبوع من القمة المرتقبة بين بوتين والرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى العاصمة الفنلندية هلسنكى، لقاء تنظر إليه طهران بعين الريبة وتخشى من تداعياته عليها من بينه ابتعاد الدب الروسى عنها فى وقت تحتاج فيه طهران لإيجاد حلفاء فى صفها فى معركتها مع ترامب والعقوبات الأمريكية القاسية.
على اكبر ولايتى وخامنئى
ولايتى ونتنياهو فى موسكو
ايصال ولايتى رسائل طهران الهامة للكرملين لم تكن الأولى، ففى فبراير عام 2015، وفى خضم مارثون المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة (5+1)، أرسلت طهران مستشار المرشد الأعلى آنذاك حاملا رسالة سرية من روحانى وعقد لقاء استمر لساعة كاملة مع الرئيس الروسى، لكن هذه المرة إضافة إلى اقتراب قمة بوتين ترامب، فالزيارة تتزامن مع لقاء لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ببوتين ايضا،التى سيبحث خلالها الملف السورى وتموضع القوات الإيرانية على الحدود الشمالية فى سوريا.
أبرز ملفات ولايتى فى الكرملين
أما لقاء ولايتى مع بوتين من المقرر أن يبحث خلال العديد من الملفات فى مقدمتها العقوبات الأمريكية على طهران، وتهديدات الأخيرة باغلاق مضيق "هرمز" حال تم منعها من تصدير النفط، إضافة إلى تواجد القوات الإيرانية فى سوريا وضغوط تل أبيب على موسكو لإخراج طهران من الميدان السورى، الأمر الذى أكدته صحيفة "اعتماد" الإيرانية الاصلاحية، التى رأت فى تقريرها، أن اللقاء يتزامن مع ضغوط تمارسها إسرائيل على روسيا من أجل تقليص النفوذ الإيرانى فى سوريا.
سفر ولايتى إلى موسكو كان له صدى واسع فى الإعلام الإيرانى الذى رأى أن طهران بدأت تعيد ترتيب أمورها مع حلفاءها، ونشرت الصحيفة الإيرانية على غلافها صورة للمبعوث وهو على أكبر ولايتى مستشار المرشد الأعلى للشئون الدولية، وكتبت "مسافر موسكو"، وقالت فى تقريرها أن سفر ولايتى يحظى بأهمية خاصة لأسباب مختلفة، من بينها أن روسيا تعد أحد اعضاء المفاوضات النووية مجموعة (4+1)، ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى مايو الماضى، واقتراب وقت إعادة العمل بالعقوبات أعربت موسكو على لسان وزير خارجيتها قبل يومين من سفر ولايتى عن قبول البلدان الأوروبية اقصاء الدولار من معاملاتها التجارية مع إيران. كما أعلنت مسكو قبل 10 أيام أنها ستبذل قصارى جهدها لتعويض الأضرار الاقتصادية الناجمة عن انسحاب أمريكا من الاتفاق.
ولايتى وبوتين- 2015
ونقلت الصحيفة عن محللين، أن روسيا لعبت دورا هام خلال العام الأخيرة فى الحيلولة دون وقوع صدام عسكرى بين القوات الإيرانية والإسرائيلية فى سوريا، وأشارت الصحيفة للقاء المرتقب لبوتين وترامب، معبرة أن أحد أبرز ملفات القمة ستكون الملف النووى ودور إيران الاقليمى.
أما صحيفة شروع عنونت سفر ولايتى بـ"رسالة إيران الهامة إلى روسيا"، وصحيفة "فرهيختگان" وصفت الزيارة بمد خط جديد بين طهران وموسكو، وقالت أنها المرة الثانية التى يسافر فيها ولايتى حاملا رسالة هامة لموسكو، ففى فبراير 2015 الماضى، سافر إلى موسكو والتقى بوتين لمدة ساعة كاملة وسلمه رسالة سرية من روحانى، وقالت لكن زيارته اليوم مختلفة وتحمل معان عديدة. ومن المقرر أن يزور ولايتي بكين، بعد موسكو، على رأس وفد رسمي من الخارجية الإيرانية.
الرئيس الأمريكى vدونالد ترامب
ترقب إيرانى لتداعيات قمة ترامب-بوتين
وفى السياق نفسه لا يمكن فصل زيارة ولايتى إلى موسكو عن الهاجس الإيرانى من تداعيات لقاء هلسنكى الأسبوع المقبل، فقبيل أسابيع كشف اعلام طهران هن مخاوف تنتاب الدوائر السياسية فى طهران من تخلى الحليف الروسى عنها وأن يدير بوتين ظهره للمرشد الإيرانى، وهو ما عبرت عنها صحيفة "افتاب يزد" الاصلاحية فى تقرير نشرته بداية يوليو الجارى، منتقدة رغبة المسئولين المستميتة فى التعاون مع روسيا رغم علاقات روسيا بالولايات المتحدة وإسرائيل، ووصفت موسكو بلاعب الاكروبات الذى يجيد اللعب على الأحبال، وقالت الصحيفة إن إيران قلقة من تخلى الرئيس الروسى فيلادمير بوتين عنها بعد لقاء الرئيس الأمريكى بنظيره الروسى، وكتبت على صدر صفحتها تتسائل "هل تدير موسكو ظهرها إلى طهران؟!".
وأشار التقرير إلى التعاون بين موسكو وطهران فى سوريا، قائلا "هناك مخاوف أن يؤدى التقارب بين البيت الأبيض والكرملين إلى ابتعاد الروس عن إيران" وقالت أظهرت موسكو على مدار التاريخ أنها لا تعرف الصداقة من أجل مصالحها.
وقالت الصحيفة ينبغى أن ننتظر لنرى ما إذا كان اللقاء المرتقب بين بوتين وترامب سيؤدى إلى تقارب فى العلاقات أم لا؟، وأكد التقرير على أن إيران ستكون أحد المحاور الهامة التى سيتناولها ترامب فى لقاءه ببوتين، وأشار إلى العقوبات التى من المقرر أن تفرضها الولايات المتحدة على إيران خلال الـ 4 أشهر المقبلة، قائلا "البيت الابيض يسعى لاجتذاب دعم روسى للعقوبات ضد إيران".
وحذرت الصحيفة المسئولين الإيرانيين قائلة "بينما يوجد هناك احتمالية للتقارب بين روسيا وأمريكا، لكن لازال السياسيون الأصوليون والمحافظون الإيرانيون يرون أنه على إيران أن تترك الغرب وتذهب إلى روسيا، ووصفت الصحيفة الروس بلاعب الأكروبات الجيد الذى تغير فى لحظة واحدة موقفه ويتحول ضد إيران".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة