يلاحق الفشل المبعوث الأممى إلى ليبيا غسان سلامة، بسبب عدم وجود رؤية واضحة للبعثة للتعاطى مع الأزمة الليبية ووضع آليات لحلها، فضلا عن انحياز سلامة إلى طرف سياسى بعينه ما أفقد الأمم المتحدة أحد أهم صفة وهى الحيادية وعدم دعم طرف على حساب آخر، وعدم التوازن بين الشرق والغرب الليبى خلال إحاطته الأخيرة أول أمس.
السياسات المتناقضة التى يعتمد عليها المبعوث الأممى إلى ليبيا، أغضبت شريحة واسعة من الأطياف السياسية والمكونات الاجتماعية الليبية، وذلك بسبب فشل البعثة الأممية فى تنفيذ خطتها التى أعلن عنها غسان سلامة وانحيازه لتيار سياسى أفقده الحيادية والنزاهة، وعدم قدرته على لعب دور الوسيط بين الفرقاء الليبيين.
هجوم غسان سلامة على الجيش الليبى
يحاول المبعوث الأممى إلى ليبيا فى كل إحاطة له الهجوم على عمليات الجيش الوطنى الليبى، ومحاولة توظيف عمليات الجيش الأخيرة فى درنة على أنها استهداف للمدنيين فى المدينة، واتهام قوات الجيش الليبى بمنع إيصال المساعدات الإنسانية وترويج إدعاءات إعلام جماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا بتهجير الأسر من مدينة درنة.
وخلال إحاطته الأخيرة فى مجلس الأمن تجاهل غسان سلامة الجهود التى يقوم بها الجيش الليبى فى مكافحة الإرهاب بالبلاد، متجاهلا التضحيات التى قدمها جنود الجيش لتحرير البلاد من قبضة الإرهابيين، فضلا عن اعتماده على تقرير منظمات حقوقية ممولة من الخارج والمرتبطة بتيار الإسلام السياسى حول طبيعة عمليات الجيش فى درنة ومحاولة تشويه صورة المشير خليفة حفتر.
ويحاول المبعوث الأممى إلى ليبيا، حشد المجتمع الدولى ضد عمليات الجيش الوطنى الليبى فى جنوب البلاد، وذلك عبر تحذيره لقيادة الجيش خلال إحاطته الأخيرة بضرورة الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولى وإلا سيواجهون عواقب ذلك.
ولم يشير المبعوث الأممى إلى ليبيا لجهود القوات المسلحة الليبية الإيجابية فى فرض الأمن والاستقرار فى شرق البلاد بعكس ما يجرى فى العاصمة طرابلس، وعدم تطرقه لضرورة توحيد المؤسسة العسكرية الليبية كأولوية للبدء فى توحيد المؤسسات الليبية استعدادا لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فى البلاد.
تبريره لفشل السراج ودعمه للمجلس الرئاسى
أثار المبعوث الأممى إلى ليبيا حفيظة المواطن الليبى عبر إشادته بالتعديلات الوزارية فى حكومة الوفاق الوطنى التى لم تحظى بثقة مجلس النواب ولم يؤدى وزرائها القسم القانونى أمام البرلمان، متجاهلا الانقسام الراهن بوجود حكومتين فى ليبيا، مما يقوض جهود أى حكومة ليبية للتعاطى مع الأزمات الليبية فى كافة التراب الليبى.
وتجاهل المبعوث الأممى إلى ليبيا الاشتباكات المسلحة والعنيفة التى تشهدها العاصمة طرابلس بسبب فشل خطة الترتيبات الأمنية التى تشرف عليها البعثة، واكتفى بالإشارة لاستمرار اتفاق وقف إطلاق النار فى العاصمة طرابلس ودعوته لاحتواء الوضع القائم، وأشاد بجهود وزير داخلية حكومة الوفاق فتحى باشاغا فيما وصفه النهوض بمستوى الترتيبات الأمنية فى طرابلس.
وتطرق غسان سلامة، مجددا إلى ما وصفه بالإصلاحات الاقتصادية التى تقوم بها حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فائز السراج وحديثه عن تحسن سعر صرف الدينار واعتبره انجاز للبعثة الأممية، متغافلا عن الأزمات المتلاحقة التى تواجه مدن ليبيا من عدم توفر السيولة النقدية وبيع غالبية السلع فى السوق السوداء، فضلا عن تورط ميليشيات مسلحة فى طرابلس فى عمليات تهريب الوقود.
تناقضات حول الملتقى الوطنى الجامع
يواصل سلامة تناقضاته حول الملتقى الوطنى الجامع الذى روج له خلال الأشهر القليلة الماضية، وتراجع عن دعواته المتكررة بضرورة انعقاد الملتقى خلال الشهر الجارى، مشيرا لضرورة وجود الظروف المناسبة والأشخاص المناسبين للإعلان عن موعد ومكان انعقاده.
وعلى الرغم من تأكيد سوسن غوشة أحد أعضاء بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، بأن الملتقى الوطنى سيعقد خلال الشهر الجارى، إلا أن الشواهد الراهنة تؤكد صعوبة انعقاد الملتقى خلال هذا الشهر بسبب عدم وجود الظروف الملائمة لانعقاده، فضلا عن ربط غسان سلامة بين موعد ومكان انعقاد الملتقى وبين ما وصفه الاتفاق مع الأطراف الأساسية للتوصل لإجماع على أجندة وطنية لإعادة بناء ليبيا، دون الإشارة إلى رؤية أو استراتيجية البعثة التى تروج مرارا وتكرارا للملتقى وأنه الحل الوحيد للأزمة الليبية.
المستغرب فى الإحاطة الأخيرة للمبعوث الأممى إلى ليبيا، وجود ارتباك فى عمل البعثة حول موعد الانتخابات فى ليبيا، فقد دعم سلامة مخرجات مؤتمر باليرمو لتنظيم انتخابات ربيع 2019 ثم تراجع ورجح إجراؤها نهاية العام الجارى قبل أن يتراجع مجددا، ويشير إلى أن تنظيم الانتخابات يتطلب أولا قبول الجميع بنتائجها وتحديد الترتيبات الأمنية الخاصة بالاستحقاقات الانتخابية فى البلاد، وضرورة مشاركة من وصفهم بأطراف الوضع الراهن بشكل فعال فى الملتقى الوطنى الجامع، وهو ما يؤكد تخبط البعثة فى التعاطى مع ملف الاستحقاقات الانتخابية وعدم وجود خطة عمل واضحة لذلك.
الغريب فى إحاطة المبعوث الأممى إلى ليبيا عدم تطرقه إلى اتفاق الصخيرات وترويجه فقط لفكرة الملتقى الوطنى الجامع من دون الإشارة لوجود خطة بديلة فى حال فشل الملتقى، فضلا عن محاولاته تحميل المجتمع الدولى فشل البعثة الأممية فى ليبيا، وتهديداته لتلك الدول بالاشارة إلى وجود خطر إرهاب وجماعات هجرة غير شرعية جنوب ليبيا، وهو ما يهدد دول الجنوب الأوروبى وخاصة إيطاليا.
وتعد إحاطة غسان سلامة الأخيرة هى الأضعف بين مداخلاته السابقة أمام الأمم المتحدة وتشير لوجود اعتراف ضمنى من المبعوث الأممى إلى ليبيا لفشل البعثة فى إنجاز خطتها التى أعلن عنها فى السابق وهى إجراء الانتخابات والاستفتاء على الدستور وعقد ملتقى وطنى جامع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة