الأزمة السياسية التي تعيشها إسرائيل تدفع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للجوء للعدوان على الأراضى العربية، وذلك لتحسين صورته فى المجتمع الإسرائيلى بعد فشله الذريع فى تحقيق أى نجاح فى الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة، وهو ما يقلق نتنياهو الذى تطاله تهم تتعلق بالفساد وإهدار المال العام.
منتصف ليل الأربعاء تنتهى المهلة الممنوحة إلى بينى جانتس لتشكيل حكومة إسرائيلية وهو ما سيدفع الرئيس الإسرائيلى لإحالة الملف إلى الكنسيت لمدة ثلاثة أسابيع، وفى حال استمر الجمود فى المشهد ستذهب إسرائيل إلى انتخابات ثالثة فى شهر مارس المقبل أى بعد 90 يوما من الاخفاق في تشكيل الحكومة.
وقد فشل نتنياهو فى التوصل لاتفاق مع جانتس خلال اجتماعهم مساء الثلاثاء بسبب رفض الأخير لفكرة تولى نتنياهو لرئاسة الحكومة بالتناوب ويتولى هو الفترة الأولى، فضلا عن رفض حزب أفيجدور ليبرمان "إسرائيل بيتنا" الانضمام إلى أي منهما لمنحه الأغلبية المطلوبة في الكنيست الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعدا.
نتنياهو وجانتس يرفضان المشاركة في حكومة وحدة وطنية كوسيلة للخروج من الجمود الراهن، وهو ما يدفع نتنياهو إلى المقامرة بورقة غزة تحديدا فى إطار المشهد السياسى لأن القطاع هو الجسم الفلسطينى الأضعف والأكثر فقرا فى المعادلة الراهنة، ويستخدم نتنياهو ذريعة سلاح الفصائل للتدخل عسكريا لرفع أسهمه السياسية فى المشهد الراهن.
اللافت فى الانتخابات الاسرائيلية الأخيرة هو نجاح القائمة العربية المشتركة فى تحقيق عدد من المقاعد تمكنها من الضغط على أى حكومة إسرائيلية مقبلة، ففى حال وافقت الأحزاب الإسرائيلية على مقترح تشكيل حكومة أقلية سيكون للقائمة دور كبير فى إسقاطها حال ارتكبت تلك الحكومة أى حماقات ضد الفلسطينيين، وهو الخيار المر الذى ترفض الأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية اللجوء إليه لإدراكهم بهشاشة هذا النوع من الحكومات.
ويعتبر الموقف الأمريكى الأخير الخاص بشرعنة المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية بمثابة رسالة دعم إلى حكومة بنيامين نتنياهو فى المشهد السياسي إلا أن الأخير يعيش أصعب فترات حياته بسبب فشله الذريع فى التحالف مع حزب أزرق أبيض لتشكيل الحكومة، وبات يعول على انتخابات ثالثة تمكنه من حصد عدد أكبر من المقاعد تمكنه من تحقيق الأغلبية.
أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية التى تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية تشكيلها ستكتسب انجازات غير مسبوقة وخاصة مع قرب طرح واشنطن لخطتها للسلام فى الشرق الأوسط أو ما يطلق عليها "صفقة القرن" وهى التى تعزز الوجود الإسرائيلى وتشرعنه فى الأراضى المحتلة وتدعم رواية تل أبيب حول الاستيطان بشكل كامل.
فيما يبقى الضعف والانقسام سيد الموقف فى المشهد السياسى الفلسطينى الذى يعانى من انقسام مؤسساتي وحاجته إلى تجديد الشرعيات في البلاد، فضلا عن فشل الفصائل الفلسطينية فى الجلوس على طاولة واحدة لوضع رؤية مشتركة لمواجهة المخططات "الأمريكائيلية" التى تستهدف شرعنة الاحتلال الإسرائيلى لكافة الأراضى الفلسطينية ودعم الاعتراف بمبدأ حق الدولتين أو حتى وجود شعب فلسطينى من الأساس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة