شخصيات كثيرة أخذت مكانها فى التاريخ بصورة بعيدة عما تستحقه حقيقة، تحول بعضهم لأبطال شعبيين، بينما راح لآخرون يلهمون الروايات والسينما.
روبن هود
من حكايات التراث الشعبى الإنجليزى، شخصية "روبن هود" فارس شجاع كان يحارب ويناضل من أجل الفقراء، سلب وسرق الأغنياء لأجل إطعام الفقراء، فتحول إلى شخصية أسطورية، وبحسب الحكايات الشعبية فإن الفارس الأسطورى "روبن هود" كان فارسا فى جيش الحملة الصليبية، بقيادة الملك الإنجليزى ريتشارد قلب الأسد، ثم عاد وعاش فى فترة حكم الملك جون، خامس أبناء الملك هنرى الثانى ملك إنجلترا، تولى الحكم خلفا لأخيه ريتشارد قلب الأسد.
لكن جانب آخر من شخصية روبن هود تأتى بعيدة عن القصة السابقة، فبحسب كتاب "القرآن يقوم وحده: فى آفاق نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن: 33 قصة تروى قصة إسلام نخبة من علماء الغرب ومفكريه" للكاتب المهندس علاء الدين المدرس، الصادر عن دارى الرقيم ببغداد والمأمون بعمان، عام 2009، فإن قصة روبن هود والملك جون، تعرضت للتزييف، لاسيما ما يتعل بعدالة حكمه وتأثره بالإسلام، ومعارضته للحملات الصليبية على المشرق الإسلامى، وصدور أول وثيقة لحقوق الإنسان فى عهده، لكن التاريخ المزيف قلب الحقائق، وخلد الأمير "روبن هود" وجعله بطلا أسطوريا، ونصيرا للفقراء والمساكين، ومدافعا عن الحق الإلهى الذى نادت به الكنيسة.
الولد بيلى
فى يوم 23 نوفمبر 1859م ولد هنرى ماكارثى، وشهرته "الولد بيلى" فى مانهاتن بنيويورك، ومات فى 1881م، وخلال الـ21 عاما التى عاشها شغل الجميع حتى أن الضابط الذى أوقع به وقتله باتريك جاريت ألف عنه كتابا.
بدات الحكاية مبكرة ففى 1875م اعتقل "الولد بيلى" لإخفائه بعض الملابس المسروقة من رجل فى مغسلة صينية، وزج به فى السجن لكنه تمكن من الهرب عن طريق المدخنة، وبدأ من بعدها مغامراته وهروبه المتواصل.
وخلال ذلك شغل عدة أعمال منها راع متجول فى مزرعة فى أريزونا، وفى عام 1877م عمل سائقا مدنيا فى مركز فورت جرانت العسكرى، لكن زميله الحداد فرانك كاهيل الملقب بالعاصفة تهجم عليه فأرداه بيلى قتيلا وزج به فى السجن لكنه تمكن من الهروب، وانتقل إلى مقاطعة لينكون (نيو مكسيكو)، حيث عمل هناك حارس قطيع فى مزرعة يملكها التاجر والمصرفى الإنجليزى جون تنستول وشريكه المحامى اليكساندر ماكسوين ووقع صدام بين التجار وأصحاب مزارع القطعان، وتطور الصراع حتى أصبح دمويا عندما أصيب جون تنستول بعيار نارى فى 18 فبراير 1878 أثناء رعيه لقطيع أبقار، ما أثار حفيظة هنرى والمزارعين الآخرين وبعدها شكل المزارعون تنظيما سموه "المنظمون" أصبح الولد بيلى قائده وأمر جماعته بالاختباء فى المزرعة التى كان يعمل بها من قبل، وبقوا فيها لعدة شهور قبل أن تحاصرهم الشرطة وتضرم النار فى المزرعة واستطاع بيلى الفرار مع جماعته.
وفى خريف عام 1878 أعلن ليو واليس حاكم إقليم نيو مكسيكو العفو عن الذين شاركوا فى حرب القطيع وعرف بإمكانية تسليم بيلى نفسه والإبلاغ عن الآخرين مقابل العفو وفى مارس 1879 تقابل الاثنان واتفقا وكان الاتفاق يقضى ببقاء بيلى شكليا لما بعد المحاكمة، إلا أن القاضى رفض الإفراج عنه وأرسله إلى السجن واستطاع الهروب مرة أخرى، وفى 14 يوليو 1881 نجح الضابط باتريك جاريت فى الإيقاع به وأطلق عليه رصاصتين وأرداه قتيلا.
ومن بعدها تحول الولد بيلى إلى أيقونة أمريكية حتى أن هوليود قدمت عنه نحو 15 فيلما والعديد من الكتب.
أدهم الشرقاوى
نعرف جميعا أدهم الشرقاوى، البطل الشعبى الذى واجه الإنجليز، لكن المفاجأة أن البعض لا يراه كذلك، ففى أكتوبر سنة 1921، نشرت مجلة "اللطائف المصورة" أن أدهم عبد الحليم الشرقاوى ولد نحو عام 1898 ولقى مصرعه فى أكتوبر 1921، فكأنه مات عن 23 عامًا بعد أن دوخ الحكومة المصرية نحو ثلاث سنوات، ولد بناحية زبيدة من بلاد مركز إيتاى البارود وألحقه أبوه بالمدارس الابتدائية حتى أتم دروس السنة الرابعة، ثم أخرجه أبوه من المدارس حين لمس عدم استعداده لتلقى العلوم ولوحظت عليه العدوانية، فكان يعتدى على كل من يمسه بأبسط شىء- والكلام مازال لمجلة اللطائف المصورة- التى أضافت قائلة: «وفى 1917 ارتكب حادثة قتل وهو فى سن التاسعة عشرة، وكان عمه عبدالمجيد بك الشرقاوى، عمدة زبيدة، أحد شهود الإثبات، وفى أثناء محاكمته أمام محكمة الجنايات، سمع أدهم أحد الشهود يشهد ضده، فهجم على أحد الحراس بقصد نزع سنجته ليطعن بها الشاهد، وحكمت المحكمة على أدهم الشرقاوى بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة، فأُرسل إلى ليمان طرة، وفى الليمان ارتكب أدهم الشرقاوى جريمة قتل أخرى، فقد تعرف هناك على أحد السجناء وأدرك من كلام هذا السجين أنه القاتل الحقيقى لأحد أعمامه وأنه لم يقبض عليه فى هذه الجريمة التى لم يقبض على أحد فيها لأن مرتكبها ظل مجهولًا وإنما قبض عليه فى جريمة أخرى، ولما عرف أدهم الشرقاوى هذه الحقيقة غافل السجين ذات يوم وضربه على رأسه بالأداة التى يقطعون بها الأحجار فقتله، وهكذا حُكِم على أدهم الشرقاوى بالأشغال الشاقة المؤبدة، غير أنه هرب من السجن فى اضطرابات 1919 واختفى فى مكان ما فى بلده، وهناك انضم إليه عدد كبير من الأشقياء فكون منهم عصابة وأخذ يرتكب الجرائم العديدة، وكان همه الوحيد أن يقتل عمه عبدالمجيد بك الشرقاوى، عمدة زبيدة، لأنه كان أهم شاهد فى قضيته الأولى، فكان يتربص به فى غيطان الذرة ولكنه عجز عن قتله لأن عمه كان شديد الحذر".
محمود أمين سليمان
فى بداية خمسينات القرن العشرين ترك محمود أمين سليمان المنيا مع أسرته، وتوجهوا للإسكندرية، ومنها سافر للبنان، حيث عاش هناك عدة سنوات عمل فيها وكون مبالغ مالية وعاد للبلاد مرة أخرى، وتعرف على فتاة جميلة تدعى فاطمة محمود وشهرتها "بطه" وتزوجها فى شقة بمحرم بك، وعندما استنفذ أمواله قرر اللجوء للسرقة.
نجح "محمود" فى سرقة العديد من الشقق بالقاهرة والإسكندرية بمعاونة شقيق زوجته، حتى ارتكب نحو 27 واقعة، قبل أن يحدث خلاف بينه وبين شقيق زوجته بسبب سهر الأخير فى منزله مع أشخاص غرباء، حيث كان "محمود" يغار على زوجته، ووصل الخلاف لدرجة أن شقيق زوجته أبلغ عنه وتم القبض عليهما بعدما اعترفا بجرائم السرقة.
وكانت زوجته "بطة" تزوره فى السجن، وظل منتظر جلسات محاكماته التى تأخرت كثيراً حتى شك فى محاميه، الذى تعمد تأخير الجلسات بسبب وجود علاقة مع زوجة السجين، الأمر الذى زاد من عذاب "محمود" بالسجن، فهرب للانتقام منهما، والتقى زوجته التى انهارت واعترفت له بخيانتها مع المحامى، فخنقها وأغمى عليها واعتقد أنها ماتت، وتم القبض عليه، وقضى عدة سنوات وخرج من السجن ومازالت روح الانتقام فى دمه، فتوجه لمنزل زوجته "بطه" وقتلها ثم قتل عشيقها.
نجح "محمود" فى الهروب من الشرطة بسبب استبداله ملابسه مع آخرين عدة مرات، حتى عثرت الشرطة على ملابسه واستعانت بكلاب بوليسية والتى حددت مكانه فى مغارة جبلية وحاصرته وتبادلت إطلاق الرصاص معه، وعندما أيقن أنه لا مفر عن السقوط قتل نفسه.
وفيما بعد، خلد نجيب محفوظ حكاية السفاح فى روايته "اللص والكلاب" اللى تحولت لفيلم قام ببطولته الفنان الراحل شكرى سرحان وشاركة البطولة كلا من كمال الشناوى وشادية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة