يعد مشروع قانون الأحوال الشخصية المقدم من الأزهر الشريف من وجهة النظر القانونية - بحسب الخبراء - أكثر إجمالا وتفصيلا وتناسقا وتحقيقا لصالح الأسرة المصرية من قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها حاليا حيث اعتمد مشروع القانون المقدم من الأزهر فى المقام الأول على مواجهة المشاكل العملية الناتجة عن تطبيق قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها حاليا.
مشروع القانون فى حقيقة الأمر جمع كافة الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية والتى كانت متفرقة فى عدة قوانين فى قانون واحد مثل قانون الطفل والوصاية، بما يسهل على المخاطبين بأحكامها معرفة الأحكام والقواعد التى يلجؤون إليها فى حالة وجود نزاع، الأمر الذى يؤكد أن هناك رعاية خاصة للأسرة المصرية خلال مشروع قانون الأزهر الشريف تتفق مع الظروف الخاصة والمتطلبات العصرية للأسرة سواء بالنسبة للمرأة أو الرجل او الصغار.
أوجه التشابه والاختلاف بين مشروع قانون الأزهر والقانون الحالي
فى التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين قوانين الأحوال الشخصية الحالية ومشروع القانون المقدم من الأزهر الشريف، ومميزات وإشكاليات كلا منهما بالنسبة للأخر، وذلك من حيث دعاوى النفقة سواء بالنسبة للزوجة أو للصغار، وكذا النفقة بالنسبة للفروع والأصول وفسخ عقد الزواج – التفريق للعيب- وحالات الخلع والأثار المترتبة على إنهاء عقد الزوج – بحسب الخبير القانونى والمحامى المتخصص فى الشأن الأسرى هشام الكودى.
فى البداية من الملاحظ أن مشروع القانون قد جاء مراعيا إلى حد كبير مصلحة الأطفال وتجنيبهم قدر الإمكان الدخول فى مشاكل ابائهم أو استخدامهم كأداة ضغط لتحقيق مصالح شخصية على حسابهم، وهو ما نراه بصورة واضحة جلية فى الواقع العملى والمشاكل الناتجة عن تطبيق قوانين الأحوال الشخصية الحالي، كما افرد موادا جديدة لم تكن موجودة من قبل فى أى قانون قائم وهى المواد الخاصة بـ"تنظيم الخطبة" وأحكامها وشروطها وأثارها والتعويض عن العدول عنها وهذا كله لم يكن موجودا من قبل.
أولا: بالنسبة للنفقة
جاءت المواد المنظمة للنفقة فى قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية كالتالي:
مشروع القانون يبيح للزوجة الاقتراض والرجوع على الزوج قانوناَ
فى المواد من المادة الأولى إلى المادة السادسة بتحديد الملتزم بالنفقة، وأساس التزامه بها ومناط استحقاق النفقة وحالات سقوطها وهو ما لا يختلف كثير عما جاء به مشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية حيث نظمت المواد من 33 حتى 45 الأحكام المنظمة للنفقة كما نظمها قانون الأحوال الشخصية القائم إلا أن مشروع قانون الازهر قد جاء أكثر تفصيلا منه كما أنه أضاف بعض أحكام غير موجودة فى قانون الأحوال الحالى وهى ما جاء فى البند "ج" من المادة الحادية والأربعين من مشروع القانون والتى تنص على أنه: "ج – فرضُ النفقة للزوجة بالقضاء أو بالتراضى يبيح لها حق الاقتراض ممن تشاء عند الحاجة، ويكون للمقرض حق الرجوع على الزوج" – وفقا لـ"الكودى".
شروط اقتراض الزوجة
وذلك أن هذه الفقرة لا يوجد لها مقابل فى قانون الأحوال الشخصية الحالى إذ أباحت للزوجة الاقتراض عند الحاجة إلا أن ذلك مشروط وفقا لظاهر نص المادة أن تكون النفقة مقدرة مسبقا إما بـ"التراضي" أو بـ"حكم من القضاء"، ويكون الاقتراض فى حدود ما تم فرضه قضاءا أو اتفاقا وفى هذه الحالة يحق للمقرض الرجوع على الزوج بما تم اقتراضه، ونعتقد أن ذلك لا يكون إلا بعقد كفالة ويكون الزوج فى هذه الحالة كفيل بقوة القانون أى لا يتوقف نفاذ العقد على موافقته.
المادة 45 وكفالة النفقة وماهيتها
كما جاءت بمادة جديدة لا يوجد مقابل لها فى قانون الأحوال الشخصية الحالى وهى المادة رقم "45" والتى تنص على أنه:
1- تصحُ الكفالة بالنفقة الماضية للزوجة.
ب – وتصح الكفالة كذلك بالنفقة الحاضرة والمستقبلة، سواء فُرضت بالتقاضى أو بالتراضي، أو لم تُفرض بعد.
وهذا النص أيضا ليس له نظير فى قانون الأحوال الشخصية القائم ومفاده أنه يجوز تقديم كفيل يضمن أداء النفقة سواء كان سابقة منذ تاريخ الامتناع عن النفقة أو نفقة حاضرة فى وقت إبرام عقد الكفالة أو نفقة مستقبلة بما سوف يتم انفاقه أو بما حكم به من نفقة شهرية أو مبلغ مقابل ما تم انفاقه مثل مصروفات مدرسية أو علاج أو ما إلى ذلك وفى هذه الحالة تطبيق أحكام الكفالة الواردة فى القانون المدني، وتجدر الإشارة إلى أن القانون رقم 1 لسنة 2000 قد أجاز فى المادة 76 مكرر على جواز تقديم كفيل فى حالة صدور حكم بالحبس على الزوج الممتنع عن أداء ما تجمد فى حقه من نفقة – الكلام لـ"الكودى".
ثانيا: فسخ عقد الزواج – التفريق للعيب
لم يكن قانون الأحوال الشخصية الحالى أكثر تفصيلا بشأن حالات التفريق للعيب من مشروع القانون المقدم من الازهر إذ أن هذا المشروع قد افرد مواد أكثر تفصيلا بشأن التفريق وأطلق عليها المشروع - أحكام الفسخ - وعددّ الحالات التى يجوز فيها طلب الفسخ سواء من جانب الزوج أو الزوجة، كما حدد الأثار التى تترتب على ذلك، وقد نظمت المواد من 64 حتى 68 هذه الأحكام، فعرفت المادة رقم "64" المقصود بالفسخ فنصت على أنه: "فسخ الزواج: هو إنهاء عقده بغير طلاق، ولا فسخ إلا بحكم قضائي، ولا ينُقض الفسخ شيئًا من عدد الطلقات المستحقة شرعًا للزوج."
ما هو الفسخ؟
فالفسخ وفقا للمستقر عليه هو إعادة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد وبما أن الزواج عقد فإذا تم فسخه فإن طرفيه يعودا للحالة التى كانا عليها قبل انعقاده على أنه لا يجوز الفسخ وفقا لنص هذه المادة إلا بحكم قضائى ومن الأثار التى تترتب على هذا الفسخ وبإعتبار أنه يرجع بالمتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل التعاقد فإنه لا يعد طلقة فلا تحسب من ضمن الطلقات فإذا ما تم ابرام عقد زواج جديد بين الزوجين المقضى بفسخ عقدهما، فيكون للزوج ثلاث طلقات ما لم يكن قد طلقها من قبل لسبب أخر.
الأثار المترتبة على دعوى الفسخ
اما المادة رقم "65": فقد نصت على أنه: "إذا كان سبب طلب الفسخ من الأسباب التى قد تُحرم المرأة على الرجل شرعًا مُنعت المعاشرة الزوجية فور العلم بالسبب إلى حين الفصل فى الدعوى"، وعن أثار الفسخ فقد فرقت المادة رقم"66": بين هذه الأثار قبل الدخول وبعد الدخول بالزوجة من حيث استحقاق المهر فقد نصت هذه المادة على انه: "فسخُ الزواج قبل الدخول يسقط المهر، وفسخه بعد الدخول يوجب للمرأة المهر المسمى، أو مهر المثل عند عدم التسمية."
ما هى الحالات التى يجوز فيها طلب الفسخ؟
أما عن الحالات التى يجوز فيها طلب الفسخ من أحد الزوجين فقد عددتها المادة رقم "67" من مشروع قانون الأزهر حيث جاء بها:
أ – لكل من الزوجين أن يطلب الفسخ إذا وجدَ بالآخر عيبًا لا يمكن البُرءُ منه، أو يمكن بعد زمن طويل ولا يمكن البقاء معه إلا بضرر، سواء أكان ذلك العيب قائمًا قبل العقد ولم يعلم به الطالب أم حدث بعد العقد ولم يرض به.
ب – فإن تم الزواج وهو عالم بالعيب، أو حدث العيب بعد العقد ورضى به صراحة أو دلالة بعد العلم، فلا تستمع المحكمة لطلب الفسخ، ويُستعان بأهل الخبرة فى معرفة العيوب التى يطلب فسخ الزواج بسببها.
مشروع قانون الأزهر فى مادة الفسخ
ومن مزايا مشروع قانون الأزهر فى مادة الفسخ أنها اجازت لأحد الزوجين طلب الفسخ إذا ما كان بالزوج الأخر عيبا لا يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل ولا يمكن البقاء معه إلا بضرر، والأمر سواء كان هذا العيب قبل الزواج أم بعده إلا أنه يشترط عدم العلم به أو الرضا به للمطالبة به، فإذا ما ثبت العلم به قبل الزواج أو الرضاء به بعد الزواج فلا تسمع دعوى الفسخ، والأمر فى ذلك متروك للقاضى لتحديد مدى العلم أو الرضا، ويمكن إثبات ذلك بكافة طرق الاثبات، ونصت المادة رقم"68" على أن: "كل طلاق يوقعه القاضى يقع طلقة بائنة."
طلب التفريق فى قانون الأحوال الشخصية الحالى
أما فى قانون الأحوال الشخصية الحالى فقد نظم حالات "طلب التفريق" فى المواد التاسعة والعاشرة والحادية عشر ولكن ليس عن طريق - دعوى فسخ - كما جاء فى مشروع قانون الأزهر، وإنما طلب التفريق كما أن هذه المواد لم تبين الأثار المترتبة على هذا التفريق كما وضحتها المواد الواردة فى مشروع قانون الازهر، ومن هنا نجد أن مشروع القانون المقدم من الأزهر جاء أكثر تفصيلا مما جاء به قانون الأحوال الشخصية الحالى فى هذا الشأن وقد راعى مشروع القانون المقدم من الأزهر المشاكل العملية التى نتجت عن تطبيق قانون الأحوال الشخصية الحالى وحاول قدر المستطاع تلافيها.
التطليق للضرر أو للشقاق فى القانونين
أما بالنسبة لحالات طلب التطليق للضرر أو الشقاق، فنجد أن كلا من قانون الأحوال الشخصية الحالى ومشروع القانون المقدم من الأزهر قد جاءا متفقين تقريبا فى أحكامهما فلا يوجد فروقا تذكر فى ذلك الشأن.
ثالثا: الخلع واعتباره فسخاَ فى مشروع القانون
أما بالنسبة للخلع فقد جاءت المادة العشرون مطابقة تماما لنص المادة 69 من مشروع القانون المقدم من الازهر إلا أنها تختلف عنها فى قانون الأحوال الشخصية من أنها اعتبرت أن الحكم بالخلع يعتبر "فسخ"، وذلك فقط من حيث عدد الطلقات فلا يحسب هذا الطلاق طلقة على الزوج.
أثار انهاء عقد الزواج
أما عن إنهاء عقد الزواج فقد خلا قانون الأحوال الشخصية الحالى من تنظم آثار انهاء عقد الزواج من حيث العدة وكيفية احتسابها وأنواعها وحالات الرجعة اللهم إلا فى أماكن متفرقة وهو ما نظمه الباب الخامس فى المواد من 73 حتى 85 من مشروع القانون المقدم من الأزهر وهذا أمر محمود إذ يغلق الباب على الاجتهادات وتضارب الأحكام.
دعاوى النسب فى القانونين
أما بالنسبة للنسب فقد جاء مشروع القانون المقدم من الأزهر أكثر تفصيلا ووضحا عما جاء به قانون الأحوال الشخصية الحالى حيث نظمت المواد من 86 حتى 93 دعوى النسب وحالات ثبوت النسب والحال عند الانكار فى حين أن القانون الحالى لم ينظم ذلك إلا فى مادة وحيدة وهى المادة السابعة من القانون رقم 1 لسنة 2000 والخاصة بقبول دعوى النسب وترك الأمر فى هذا الشأن للاجتهاد ولظروف كل دعوى على حدي.
رابعا: نفقة الفروع والأصول
فقد جاء مشروع القانون المقدم من الأزهر أكثر تفصيلا ووضوحا عما جاء به قانون الأحوال الشخصية الحالي، كما أن مشروع القانون المقدم من الأزهر قد جعل أقصى سن لاستحقاق النفقة هو الثامنة عشر فى حين أن القانون الحالى ينص على أن هذا السن هو الخامسة عشر إلا أن ذلك مشروط فى القانونين ألا يكون لدى الابن مالا ينفق منه وألا يكون قد بلغ هذا السن غير مشتغل بالتعليم، فاذا بلغ هذا السن ولكن به افة بدنية أو عقلية تمنعه عن الكسب أو بلغ هذا السن ولكنه مازال طالبا للعلم فإن نفقته على ابيه.
المادة 95 من مشروع القانون: وجوب الانفاق على الوالدين
كما نجد أن المادة 95 من مشروع القانون قد جاءت بحكم جديد حيث أوجبت على الابن الموسر أن ينفق على والديه، وأجداده، وجداته الفقراء، فإذا تعدد الأولاد الموسرون تكون النفقة عليهم بحسب يسارهم، وهذا النص غير موجود بقانون الأحوال الشخصية الحالي.
المادة 96 من مشروع القانون: التكافل الاجتماعي
كما تضمن مشروع القانون أيضا مادة جديدة غير منصوص عليها فى اية قانون أخر وهى المادة 96 والتى تلزم ورثة من لا مال له بالإنفاق عليه بالتضامن فيما بينهم، وواضح من الاتجاه العام لنصوص مواد مشروع القانون المقدم من الأزهر أنه يقر مبدأ التكافل الاجتماعى إلى حد كبير لاسيما بين الأصول والفروع كما عمل على ضمان استيداء النفقة المستحقة على الزوج قدر الإمكان حتى ولو لم يكن له ظاهر وجعلها دينا فى حقه أيا كانت الجهة التى قامت بسدادها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة