رأى جهور فقهاء الدين وعلماء الأمة بأن الفتوى تتغير بموجبات شتى، منها تغير الزمان، والمكان، والعرف، وغيرها من الأمور المستجدة وفقا لمقتضيات كل عصر، رأى معلوم ولا اختلاف عليه، إلا أن هناك قوى عدائية رغم علمها ومعرفتها بهذا، تجدها تراوغ، وتتخذ منهجا لتضليل الناس، لخدمة أهداف مسمومة، وعمالة خائنة، فطلت علينا خلال السنوات الماضية آفات من الفكر المتطرف تنخر فى عضد الدولة والدين، وهنا تحتم على الدولة أن تحمى شبابها من وباء هذا الفكر المتطرف الممهد للإرهاب، فقامت بإطلاق دعوات مستمرة للتنوير، وهنا لابد أن يوضع بعين الاعتبار أثناء التجديد خمس ضروريات نرصدها كالتالى.
الجهاد الحقيقى.. جهاد السبق فى ميادين النهضة
الخطاب الجديد المراد تحقيقه، يجب أن يتبنى أن الجهاد الحقيقى هو الجهاد الحضارى، جهادُ التنمية والبناء والإنتاج والسبق فى ميادين النهضة، فيكون خطابا تنويريا يوجه طاقات شبابنا فيما ينفعهم وينفع مجتمعاتهم وينفع دينهم.
الدعوة إلى الروحانية فى سياقات عصرية
خطاب يحرص على المعاصرة، وخاصة فى وسائله وآلياته، ولا يتجاهل في دعوته تيارات العصر، واتجاهاته الأدبية والمادية والسلوكية، ومشكلاته الواقعية، مركزا على الدعوة إلى الروحانية فهى جوهر الدين ولبه، غير متناسيا طبيعة الدعوة الإسلامية التى ليست دعوة عربية، ولا أجنبية بل هى دعوة للعالمين أجمع، متسلحا بخطاب يتبنى التيسير فى الفتوى لا التحريض من خلال عقيدة تؤمن بأن الوفاء للسلف يقتضى قراءة متجددة للموروث الفكرى والدينى وفق سياقات عصرية حديثة.
التجديد فريضة يوجبها الدين .. وضرورة يحتمها الواقع
وإذا كان الاجتهاد باب فتحه نبينا الكريم، لفهم الشرع فهما صحيحا، فالمهم أن يدخل هذا الباب من كان أهلا له، ومن يملك الشروط التى اتفق عليها العلماء لمن يريد الاجتهاد، وليس لكل من هب ودب أن يفتى الناس بما يشاء وكيفما يشاء، وخاصة أن عصرنا هذا لهو أولى العصور بتجديد الاجتهاد فيها، وأصبح فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع.
يرعى حقوق الأقليات ويقف بجانب المرأة
خطاب يحرص أيضا على حقوق الأقليات الدينية فى الأوطان، وحفظ كيانها الخاص، وصون شخصيتها الدينية، ومراعاة حرمات شعائرها وطقوسها، ومنصفا للمرأة، يقف بجانبها بتفنيد كل ما أشيع حولها من أحاديث وتفسيرات مكذوبة، فالمرأة هي أم الرجل وابنته وزوجته وأخته وعمته وخالته، فهما متساويان فى النشأة، والإنسانية وفي التكليف والجزاء والمصير، فلماذا يفترض أن يكون هناك أصلا معركة بينهما؟.
دعوته قائمة على العطاء والتيسير بهدف الائتلاف والتعايش
خطاب جديد دعوته قائمة على تقديم العطاء والعمل لا على الجدل والكلام، والانتقال من الفروع إلى الأصول، ومن التعسير إلى التيسير، وأن لا يعرف للجمود طريقا، ومن التسامح والوسطية والائتلاف عنوانا لرسالته، ومحتضنا للإنسان ككل بدون تفرقة، لكونه إنساناً مكرماً من خالقه، "ولقد كرمنا بنى آدم" مسلما كان أم كافرا، ذكراً أو أنثى، وأن يؤمن بأن اختلاف البشر حكمة إلهية، وأن المطلوب هو التعايش والسلم مع الجميع لتحقيق المنافع المشتركة، وأن الحساب فى النهاية موكولُ إلى المولى عز وجل وحده ليوم الفصل والميعاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة