المتابع جيداً للصحافة الورقية قديماً، وخاصة الصفحات المتخصصة في الحوادث، يلاحظ غياب جرائم تعدي الأمهات على فلذات الأكباد، حيث كانت الحوادث المتداولة وقتها من نوعية "تعدي الأبناء على الآباء" وليس العكس.
وباعتبار أن "الضنا" أغلى شىء، نفقد الأنفس من أجله، نضحي بما تبقى من العمر من أجل سعادته، كانت جرائم الآباء والأمهات ضد الأبناء حدثاً استثنائياً لا يتكرر كثيراً، فمن منا يتحمل مكروه في ابنه، ومن منا يغمض له جفن عين وابنه يشعر بالمرض، ومن منا يتحمل أن يرى "ضناه" غير سعيد.
ولأجل هذه الاعتبارات الغريزية باتت جرائم الأمهات ضد الأبناء أمراً ملفتاً للانتباه، ويعتبره المتخصصون حدثاً استثنائياً لا يتكرر كثيراً، لكن للآسف في الأيام الأخيرة ظهرت حوادث متكررة في هذا الصدد، وبات بعض الأبناء يتعرضون لقسوة غير معتادة من الأمهات.
تحولت بعض الأمهات من أم وديعة رحيمة تحمي ابنها ، لأخرى مفترسة تتعدى عليه بالضرب وتتفنن في تعذيبه، مثلما جرى في حادث "طفل الطالبية" الذي تعرض للتعذيب على يد والدته ، حيث ظهرت الأم خلال فيديو التقطته بنفسها وهى تعذب الطفل، وتعتدى عليه بالضرب والركل بالقدم والصفع على الوجه، حتى يطلب من والده لحضور لاستلامه والعيش معه، حيث قالت الأم خلال الفيديو موجهه حديثها للطفل:" قوله تعالى خدني مش هتقعد معايا، مش هطفح الدم على حد"، ليرد الطفل برهبة: "أنا خايف"، فردت عليه: "روح عيش هناك معاه، هو رميك قوله أنك مش عايز تعيش معايا".
هذا الفيديو الذي تم تداوله على نطاق واسع، وانطلقت معه صرخات رواد السوشيال ميديا، تعاطفاً مع الطفل البرىء، ليتم ضبط الأم وخضوعها لتحقيقات مكثفة من قبل جهات التحقيق.
هذه جريمة ضمن جرائم كان أبطالها أمهات تعدوا على أبنائهن بالضرب، حتى وصلت أحياناً للقتل، مما يدق ناقوس الخطر، ويستلزم وقفات جادة للحفاظ على الأبناء من خطر بعض الأمهات المتهورات، التي أعلت ثقافة العند مع الزوج أو الطليق، وجعلت الأبناء وسيلة لتفرغ من خلالها طاقتها وتنتقم عبرها من الزوج أو الطليق، ليدفع الأبناء "فاتورة" هذه الخلافات.
نحتاج لمزيد من التوعية للأمهات، وترسيخ قيم الحفاظ على الأسرة ودور الأم في التربية والتعليم وتكوين أسرة سوية، وتكثيف البرامج التوعوية والإجتماعية تليفزيونياً لمخاطبة الأمهات بالتربية السلمية، وإعداد أمهات أسوياء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة