عدد من المواقع والصحف على المستويين العربي والمحلي دائمًا ما تُدشن استطلاعًا للراي لقياس الشخصيات الأكثر تأثيرًا أو الأفضل أو الأقوى على مدار العام، وأصبح هذا الأمر بمثابة العُرف يتم تقليده عامًا بعد عام، لذلك راينا أن نخرج عن هذا النهج ونُجري استطلاعًا أو لنكون أكثر دقة ما يُشبه تحليل مضمون لأفعال وتصرفات بعض القادة والشخصيات العامة في المنطقة لنصل لنتيجة من هو الشخص "القزم" بأفعاله ومواقفه والتي جعلت منه أضحوكة أمام العالم بسبب ما يتوالى من صفعات وُجهت له من خلال سياسات ناجحة في إطار القانون الدولي.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفايز السراج وتميم بن حمد آل ثاني، تصدروا مشهد الأقزام بقوة خلال عام 2019، فقد ظل الفشل يُلاحقهم كلما حاولوا الإضرار بمصالح المنطقة وأمنها القومي، وخاصة في ملفات السودان وسوريا وليبيا وغيرها من المحاولات في إحداث الوقيعة بين دول التحالف العربي الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، هذا إلى جانب دول الغرب التي أعلنت اعتراضها على سياسات الرئيس التركي في سوريا وليبيا والتي يدعمه فيها الأمير القطري على المستويين المادي والمعنوي.
فبالنسبة للسودان فقد حطم الشعب السوداني أحلام الرئيس التركي وصديقه القطري في السيطرة على مُقدرات وثروات السودان، أو التدخل في شؤونها للسيطرة عليها في إطار مخططاتهما للتوغل في المنطقة والإضرار بمصالح دول عربية أخرى، ولعل في مقدمتها مصر. وعلى الرغم من استمرار مساعيهما حتى لحظتنا الحالية من خلال دعم ومساندة عناصر الجماعات الإسلامية والإخوانية في السودان إلا أن التوقعات والتقديرات السياسية جميعها تُشير إلى فشل جديد. أيضًا تتوالى الصفعات على وجه النظام التركي في الأراضي السورية التي أثبت شعبها وجيشها وطنية عالية إلى أبعد حد، فهو مستمر في التصدي إلى أطماع أردوغان والتي أعلن تميم عن دعمه له، وبالفعل حقق الجيش السوري الكثير من النجاحات خلال الآونة مُستردًا سيطرته على عدد من المناطق بعد أن سقطت في يد جبهة النصرة الإرهابي والمدعوم من النظامين التركي والقطري. وبالنسبة للملف الليبي فأقل ما يُمكن قوله على الاتفاق بين فايز السراج وأردوغان الأخير ما هو إلا "تصرُف طفولي" للإحداث نوع من الجدل وإثارة الانتباه وهو ما يتسق مع سياسات الرئيس التركي "و الصوت العالي" دائمًا، دون إحداث أي تأثير يُذكر.
وعلى الرغم من اختلاف أصل الحكاية عن هذه السطور إلا أن التشابه كبير في الملامح والمُسميات؛ غضبان ونعسان ودقدق هم 3 أقزام ضمن 7 كانوا أبطالًا لقصة "سنووايت" الشهيرة في عالم الأطفال ولاسيما الكبار أيضًا من مُحبي أفلام الرسوم المُتحركة.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دائمًا ما يظهر في أحاديثه وخطاباته بملامح حادة متضجرًا لا يقبل التفاهم؛ فهو "غاضب والسلام"، وإذا حاولت أن تفهم ما السبب وراء "زمجرته"؛ فمن المؤكد لن تصل إلى شئ فلا كلام أو سبب منطقي. لذلك تبدو ملامحه كالقزم غضبان “Grumpy” والذي دائمًا ما كان يظهر أثناء أحداث الفيلم وهو غاضب لا يقبل الحديث مع أحد، الأمر الذي لا تجد له تفسيرًا في علم النفس سوى أنه شخص يُحاول أن يظهر بملامح حادة لرسم صورة هُلامية حوله بأنه الرجل القوي الذي لا يُقهر ولا يُمكن لأحد أن يؤثر أو يُسيطر عليه، على الرغم أنه في حقيقة الأمر شخص ضعيف تؤثر فيه أقل المواقف والكلمات وتتكرر إخفاقاته.
ويُحاول اردوغان على مدار السنوات الماضية تحقيق حلم الخلافة الإسلامية والسيطرة على المنطقة العربية من خلال مخططات دائمًا ما تُحقق الفشل، يدعمه فيها عدد من الحلفاء "الأقزام" ممن يسهُل السيطرة عليهم وتوجيههم بالنسبة له، فبعضهم يبدو لا يدري ما يفعل كالـ "نعسان" الذي يستيقظ بعد الانتهاء من المناقشات والأحداث دون أن يعي ماهيتها، فيضطر إلى الموافقة أو التأييد دون تركيز فيما يفعل، ما يُظهره في شكل مُحرج.
وتتشابه ملامح "نعسان" إلى حد كبير مع رئيس حكومة فايز السراج (اللاشرعية)، وإلى جانبها تأتي مواقفه وتصرفاته الأخيرة لتجعله كالنعسان "Sleepy" الذي لا يُدرك مغبة أفعاله وانتهاكاته للقوانين الدولية؛ فقد أبرم اتفاقية "لا شرعية" مع أنقرة تقضي بالتعاون الأمني والعسكري في البحر المتوسط على الحدود الليبية. ويبدو أن "نعسان" نسى أن هذا الاتفاق يُعد باطلًا طبقًا لاتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر من عام 2015، والذي بموجبه انتهت ولاية حكومة الوفاق "السراج" حيث أقرها الاتفاق لمدة عام واحد.
في خّضم هذه الأحداث تأتي مواقف نظام الأمير القطري، تميم بن حمد آل ثاني لتجعل منه شخصية تابعة لا قرار له ولا موقف؛ فهو مجرد "صدى صوت" لقرارات ومواقف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، فقد اقتصر دوره خلال الأشهر الماضية على التصديق عليها، وإعلان موافقته وحكومته على سياسات تركيا سواء في ليبيا أو سوريا وغيرها من الملفات المتأزمة التي تشهدها المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة، بسبب تكرار تدخلات أنقرة والدوحة بمساندة عناصر جماعة الإخوان الإرهابية والنظام الإيراني لتحقيق أطماعهم التوسعية.
وهنا تُذكر مواقف تميم وسياساته مؤخرًا بشخصية "دقدق أو بليد" "Dopey"، وهو القزم الأصغر في ظل أحداث الفيلم الكارتوني الشهير، بمظهر الشخص الأبله والتابع، فهو صغير لا يُدرك شيئًا ويسير فقط في سرب الأقزام مُقلدًا تصرفاتهم ومنفذًا لأوامرهم، وحين يُحاول الانحراف عن هذا السرب والظهور بشكل الودود "المحبوب"، تتضح بلاهته أكثر فأكثر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة