•مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تكون أمنية فقط.. وعودة داعش أكبر دليل على أن الانتصارات العسكرية وحدها لا تكفي
•الدول العربية يجب أن تدرك أن الاعتماد على "غير العرب" فى الخلافات سبب رئيسي لعدم الاستقرار فى المنطقة
•إيران وتركيا لديهما "أجندة خاصة" .. وعلى قطر إدراك أن المصالح المشتركة مع طهران وأنقرة "وقتية"
ارتبط اسمه بالعديد من الأزمات ومراحل الصعود والهبوط فى علاقات بلاده والولايات المتحدة، فهو سفير باكستان السابق لدى واشنطن، حسين حقاني الذى استقال من منصبه قبل ثمانية سنوات بعد حالة من الجدل والتهم التى لم يثبت صحتها حول طلبه تدخل الولايات المتحدة ضد القادة العسكريين فى بلاده، وهو ما نفاه حقاني فى مناسبات عدة.
محرر اليوم السابع مع مدير المركز
وبعد الاستقالة، لم تتوقف مسيرة "حقاني"، لينضم إلى معهد هادسون الأمريكى للدراسات، مسئولاً عن جنوب وشرق آسيا، وهو المعهد الذى نظم على مدار سنوات مضت حلقات نقاشية كانت محل اهتمام عربي واسع إعلامياً وسياسياً لتناولها دور قطر فى دعم وتمويل الإرهاب، واستضافته فى تلك الحلقات للعديد من الشخصيات الهامة ما بين أعضاء كونجرس ومفكرين وخبراء فى ملف الإرهاب والفكر المتطرف.
وفى مدينة الظهران بالمملكة العربية السعودية، وعلى هامش مشاركته فى أعمال مؤتمر مؤسسة الفكر العربي ، كان لنا موعد مع حقانى للحديث عن ملفات عدة، من بينها ملف الأزمة بين قطر ودول الرباعى العربي ومحاولات الدوحة للمصالحة، ومن ضمنها مخاطر التدخلات الإيرانية والتركية فى دول العالم العربي، وكيفية التصدي لتلك التدخلات وغيرها من الملفات ..
فإلى نص الحوار:
المتحدثون فى جلسة التحولات والتحديات
قبل أيام ، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريراً عن زيارة وزير خارجية قطر إلى الرياض.. هل تمهد مثل تلك الزيارة لمصالحة خليجية محتملة ؟
قرأت ما نشر عن الزيارة، لكن غياب التعليق السعودي على أى مستوى رسمي أو غير رسمي، يجعلها برمتها محل شك، وفى الحقيقة لا معلومة لدي عن بدء اجراءات المصالحة بين الدول الخليجية لكنها بلا شك ستصب فى صالح جميع الدول الخليجية بشكل خاص والعربية بشكل عام.
هل قطر مؤهله للعودة إلى البيت الخليجي مجدداً فى ظل ما تمارسه من سياسات محل شكوك من تعاون مع إيران وتركيا وغيرها من الممارسات ؟
بداية، أود التأكيد أن استدعاء الدول العربية لأطراف غير عربية لا يخدم قضايا وأهداف العرب، وعلى كل الدول العربية أن تدرك أن اقتحام "غير العرب" والقوي الإقليمية الخارجية فى صراعاتها أو خلافاتها يعد من عوامل عدم الاستقرار فى المنطقة. وعلى قطر أن تدرك وبشكل عاجل أن دول مثل تركيا وإيران لديها أجنداتها الخاصة، وأهدافها التى لا يمكن بطبيعة الحال أن تتسق مع أهداف وأجندات الدول العربية بما فيها قطر، وأن ما يظهر فى الوقت الحالي للقطريين من توافق وقرب، سيثبت فيما بعد أنه عكس ذلك.
مدير معهد هادسون وسفير أمريكا السابق لدى واشنطن
إذا ما نحينا سلوك قطر جانباً، هل الدول العربية فى حاجة لمثل هذه المصالحة بالفعل ؟
بلا شك . فلا يوجد ما يعنى استمرار المقاطعة بين تلك الدول بما فيها مصر.. وعلى مصر كدولة كبري كانت شريك فى المقاطعة ضمن الرباعى العربي، أن تدرك أن مثل هذه المصالحة لو تمت فهي لن تؤثر سلباً أو إيجاباً عليها، فمصر بلد كبير وذات ثقل إقليمى ودولي ولا يمكن لأحد إنكاره، ولا يمكن لأى قرار مثل هذا أن يؤثر عليها أو على مصالحها، بل على العكس تماماً.
بعيداً عن المقاطعة، تحدثت فى كلمتك خلال مؤتمر "فكر 17" عن التحالفات الدولية الجديدة، كيف يمكن للعرب أن يستثمروا تلك التغييرات ؟
فى الوقت الحالي، هناك قلق أمريكى متزايد من صعود الصين وهذا القلق هو سبب رئيسي للحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين، وهذا الظرف يفتح أمام العرب الباب واسعاً للتحرك بفاعلية أكبر ، فالولايات المتحدة تعيش فترة ارتباك غير معهوده فى تاريخها، وهذا الارتبك يفترض أن يضع الدول العربية فى مكانة أفضل حين يتفاوضون مع واشنطن، فهي بحاجة للعرب مثلما العرب بحاجة إليها. كذلك فإن الصين فى حربها التجارية مع الولايات المتحدة، باتت بحاجة للعرب مثلما العرب بحاجة إليها.
يحمل مؤتمر مؤسسة الفكر العربي للعام الحالي عنوان "نحو فكر عربي جديد"، هل فى تقديرك يمكن أن نختزل أسباب مشكلات العالم العربي فى غياب الفكر ؟
التجديد فى الفكر والسياسات ومواكبة العصر ضرورة لأى أمم أو شعوب، عربية أو غير عربية.. والدول العربية عاشت فى العقود الماضية على خطاب سياسي موحد تسيطر عليه القضية الفلسطينية، ومع تغييرات عدة وصعود مصالح الشعوب والدول فى سلم الأولويات خاصة بعد 2011، تراجع الخطاب العربي الموحد، حينما تراجعت القضية الفلسطينية، ولهذا فإن العرب الآن يحتاجون أكثر من أى وقت مضي لتحديد أهدافهم وهذا يتطلب بطبيعة الحال أن يكون هناك فكر جمعي جديد.
هل تري أن الدولة المصرية باتت تمتلك ما تطلق عليه "الفكر الجديد" ؟
مصر دولة كبري بلا شك ، واستطاعت على مدار السنوات القليلة الماضية أن تستعيد مكانتها فى المحافل الدولية والإقليمية برغم ما كان يحيط بها من خطر الإرهاب.. أما الأن وقد استطاعت أن تستعيد الاستقرار بشكل كامل، وبعدما انحسرت التهديدات الإرهابية، فإن الدولة المصرية مؤهلة لأن ترسم لنفسها طريق نحو فكر جديد يمكنها من أن تهزم الإرهاب ليس فقط بالوسائل الأمنية، وإنما فى معارك الفكر أيضاً.
هل فشل المجتمع الدولي فى مواجهة الإرهاب فى ميادين الفكر رغم ما تحقق من آن إلى آخر من انتصارات أمنية وعسكرية ؟
هناك دول عديدة استطاعت أن تهزم الإرهاب بالحلول الأمنية، وكما تري فإن تنظيم داعش قد اقترب قبل سنوات من الاندثار، ورغم ذلك عاد مجدداً إلى الظهور والسبب فى ذلك غياب الانتصار الفكري، وهو ما يتطلب أن يكون المفكرين العرب وغير العرب أكثر اتساقاً بواقعهم، وما يتطلب أيضاً من الدول الاهتمام بالتعليم وبتمكين طبقات المجتمع من نساء وشباب حتى لا يتركوا المجال أمام دعاة الفكر المتطرف لاستقطابهم، وهو الاستقطاب الذى بات سهل فى ظل تكنولوجيا المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعى وغيرها.