"الأم مش هى اللى بتولد وتنجب بس، لكن كل ست ربنا غرس داخلها عاطفة الأمومة وإن كانت غير متزوجة، الأمومة دى بالفطرة عند كل السيدات، أبناء أشقائى وأبناء الجيران كلهم أولادى، ربنا لم يرزقنى بالأبناء لعدم زواجى، وسخرت حياتى لأسرتى بعد وفاة والدى الجزار، وتعلمت الجزارة بنفسى، ودخلت المهنة برغبتى وأنا طفلة".. بهذه الكلمات بدأت منى قاسم محمود بدر 47 سنة أشهر جزارة بالشرقية، حكاية كفاحها لـ"اليوم السابع".
وقالت "منى": ولدت بقرية العدلية مركز بلبيس، لأب يعمل بمهنة الجزارة ولدى من الأشقاء 9 ذكور و6 بنات، وترتيبى الثالثة بين الأشقاء، لم أنل حظى من التعليم مثل الكثير من الفتيات فى عمرى، فكنت أعوض ذلك بالذهاب مع والدى إلى محل الجزارة بالقرية، وكنت أركز فى كل شىء يقوم به، وطالبته بالذبيح فلم يرفض وسمح لى وأتذكر أول مرة ذبحت كان عجلا صغيرا، وكان والدى بجوارى واندهش من عدم خوفى وذبحى للعجل بطريقة صحيحة.
وتابعت "منى": توفى والدى وعمرى 13 سنة تاركا لى عددا كبيرا من الأشقاء أغلبهم لم يتزوج بعد خاصة من البنات، فوضعت يدى فى يد شقيقى الأكبر لاستكمال مسيرة الأب، وأكرمنا الله بفتح محل بمدينة العاشر من رمضان منذ 24 سنة، ومع مرور الأيام بدأ اسمى يُعرف فى المدينة بسبب المعاملة الحسنة والسمعة الطيبة".
وعن أكتر الأيام التى يكثر فيها موسم الذبيح قالت "منى": "قبل العيد الكبير بأيام، أقوم بذبح عدد كبير من العجول بالشركات، فضلا عن ذبح الأضحية للأهالى، وهذا يتطلب مجهودا شاقا منى، لكن ربنا بيقدرنى من أجل البيوت اللى فتحاها".
وعن أغرب وأصعب المواقف التى تعرضت لها قالت "منى": تم استدعائى من قبل إحدى الشركات لذبح عجل وزنه 650 كيلو، وكان من المقرر أن أذبحه وهو واقف، وأنا أفضل ذبح الحيوان وهو نائم، لكن العجل كان واقفا وموثقا وأثناء الذبيح تمكن العجل من فك الحبل، فدعيت ربنا إنه يثبته وتمكنت بفضل الدعاء من السيطرة على العجل وذبحه بشكل أذهل المتوجدين".
وعن أمنيتها فى الحياة قالت: "الحمد لله أنا راضية بكل شىء ربنا كتبه لى، وحياتى سعيدة جدًا بوجود أبناء أشقائى بها، خاصة لأنى لم أتزوج وأنجب، وبالأمس كنت فى قمة سعادتى عندما طرق أبناء الجيران منزلى لتقديم هدايا عيد الأم لى من حسن معاملتى معهم وحنيتى على كل أبناء الجيران، كما توافد أبناء أشقائى على منزلى لتقديم هدايا أخرى بمناسبة عيد الأم"، موضحة أنها قامت بعمل عمرة خمسة مرات، كما أنها تحرص على إخراج نصيب الفقراء من الرزق الذى رزقها الله به من عملها فى الجزارة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة