حكاية " سيدي العوام" .. جثمان مجهول ألقت به الأمواج لشواطئ مطروح فأقيم له ضريحاً ومسجداً.. ضريح سيدي العوام هو الوحيد بمطروح وكان يقام له مولد يأتيه الناس من كل مكان وتنصب الخيام أسبوعاً حوله .. انصرف عن زيارته الناس تلبية لمطالب الدعوة السلفية
أشهر معالم المدينة
يعد مسجد "سيدي العوام" أحد أهم وأشهر معالم مدينة مرسى مطروح، يعرفه عشاق وزوار المحافظة، بموقعه على الكورنيش وإطلالته المتميزة على البحر، ويعد من أقدم وأشهر مساجد المدينة، ويضم المسجد ضريحاً لشيخ مجهول الهوية، قذفت جثمانه الأمواج إلى شواطئ المدينة قديما، وعثر عليه الأهالي غير متأثراً أو متحللا رغم حدوث الوفاة قبل عدة أيام، وتم دفنه في مقبرة صغيرة أطلق عليه أهالي مطروح، اسم " العوام"، وذلك قبل أن يصبح مقصداً للمريدين وأصحاب النذور والمتبركين به.
أكد حمد خالد شعيب الباحث في التراث البدوي، أن الرواية الشعبية، تقول انه شخص مجهول، الهوية ألقت به أمواج البحر، ودفنه الأهالي في قبر شرعي عادي وأطلقوا عليه اسم العوام، لكونه جاء عائماً وحط على الشاطئ المُسمى باسمه حاليا " شاطئ العوام"
و يقال إن "العوام" فؤاد المهداوي حاكم الإقليم في ذلك الوقت، وقال له (أشهرني نشهرك) أي أرفع من قدري وعرف الناس بي بمقام يليق بصلاحي، ونفذ المهداوي الرؤيا وأقام له مقام معروف، وبُني المسجد في عهد الملك فؤاد،
بركات الشيخ
وأضاف الباحث في التراث البدوي، أن اسم الشيخ العوام انتشر بين الناس، وذاعوا بركاته وأصبح يأتيه الناس من كل حدب وصوب، ويقال أن في احتفالية المولد الخاصة بالعوام كان القطار يحمل الناس من شرق مرسى مطروح المدينة بالمجان، وكان يأتي الناس من الغرب بخيامهم ونذورهم لـ " سيدي العوام" ويحملون في عربات النقل خيامهم ودوابهم، وكانت بعض الأسر تقيم لمدة أسبوع قبل المولد، تشعل خلاله النيران أمام الخيام وتبدأ السهرات وتنشط التجارة، من خلال الدلالات والبائعين المتجولين وبعض الخيام الثابتة، وكما تُعقد بعض الزيجات، وأحياناً يتعرف الشباب على شريكات حياتهم في المولد.
واستمر مولد سيدي العوام يقام بانتظام كل عام على شاطئ البحر لعدة عقود، قبل أن ينصرف الناس عن زيارته وتبجيله، في نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي، مع انتشار الدعوة السلفية، وإتباع أهالي مطروح لمنهجها الذي يحرم إقامة الأضرحة أو التبرك بها.
وتشير مخطوطة على لوحة معلقة داخل الضريح، إلى أن "سيدي العوام" اسمه الحقيقي هو العربى بن محمد بن عبد القادر بن أحمد شهيدة، وينتهى نسبه إلى سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه وفاطة الزهراء، وأن من ألقابه " الأطرش، وأبى البحار"، وولد فى ولاية «مستغانم» بالجزائر.
ظهور جثمان الشيخ
وتكشف اللوحة داخل الضريح، سبب ظهور جثمان الشيخ بشواطئ مطروح، بأنه كان في رحلة للحج على متن سفينة وفي صحبته ثلاثة من أبناء أخيه وبرفقة بعض الحجاج المغاربة وبعد تأديتهم مناسك الحج وأثناء عودتهم توفي الشيخ، و لم يبلغ أقاربه ربان السفينة بوفاته،
ولكن الحجاج الآخرين أبلغوا ربان السفينة بوفاة السيد العربي، فأمر الربان بإلقاء الجثمان فى البحر حسب المتبع في مثل هذه الحالات، فرفض أقارب الشيخ ونشب بينهم وبين الربان خلاف، وبعدها رأى أبناء شقيق الشيخ كل منهم رؤيا على حدا، يأمره فيها عمه بأن يلقوا جثمانه فى البحر وأنه سيرافقهم إلى ما شاء الله، فأبلغوا الربان أن يتخذ الإجراءات المطلوبة وبعد صلاة الجنازة ألقى الجثمان فى البحر، ولاحظ الجميع أن الجثمان يسير بمحاذاة السفينة وبعد غروب الشمس ودخول الليل لاحظ الجميع نورا بجانب السفينة واستمر الوضع لمدة يومين أو ثلاثة ولم ير الجثمان فى اليوم الأخير، فسأل أقاربه عن أقرب شاطئ لاختفاء جثمان عمهم، فأخبرهم الربان بأنهم شمال مدينة مرسى مطروح المصرية بعدة أميال.
وألقت أمواج البحر الجثمان على الشاطئ وبعد أن عثر عليه أهالي مطروح فى كفنه علموا أنه من الصالحين ودفنوه وأطلقوا عليه أسم "سيدي العوام".
تشييده في عهد عبد الناصر
وظل مسجد العوام على مكانته بين الناس، وأصبح من معالم المدينة بعد تشييده، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، على الطراز الإسلامي المميز، حيث نفذت شركة حسن علام فى عام 1969، أعمال تشييد المسجد على كورنيش المدينة، وتم نقل جثمان " العوام " للمرة الثالثة والأخيرة إلى داخل المسجد، وأصبح ضريحه الدائم حتى الآن.
ويتميز مسجد سيدي العوام بطرازه المعماري المميز، وتتوسط قبته الضخمة بين مئذنتين مرتفعتين، بطول يصل إلى أكثر من 15 مترا، و تزين جدران وسقف المسجد من الداخل الزخارف والنقوش الإسلامية التي تعود للعصر الفاطمي.
وصلى في هذا المسجد العديد من الرؤساء الراحلين، خلال زياراتهم لمحافظة مطروح، ومن بينهم السوري حافظ الأسد والليبى معمر القذافي والسوداني جعفر نميرى والأوغندي عيدى أمين، كما أدى الصلاة فيه الرئيسان جمال عبد الناصر وأنور السادات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة