حين يكون الفن صادقا هادفا يستطيع أن يضع يده على مشكلات المجتمع وأن يغوص فى التفاصيل فيعرف السلبيات ويضع يده على المخاطر وأوجه الفساد، وأن يكون صوتا للجماهير يقدم معاناتهم وما يتعرضون له من مخاطر، فيكون جسرا بين المواطنين والمسئولين، ويصبح أداة للإصلاح والتغيير والتقدم.
وعلى مر التاريخ كان للعديد من الأعمال الفنية دور مهم فى تغيير بعض القوانين وإصدار بعض القرارات لصالح المواطنين، ويأتى مسلسل لمس أكتاف ليضيف إلى هذه الأعمال الفنية عملا جديدا استطاع أن يكشف خبايا جديدة فى قضية المخدرات وأن يدق ناقوس الخطر نحو عدد من الأدوية التى يتم تداولها فى الصيدليات لعلاج بعض الأمراض النفسية والعصبية، ولكن يستخدمها الشباب كمخدرات تؤدى للإدمان.
القصة التى كتبها المؤلف هانى سرحان وقام ببطولتها ياسر جلال وفتحى عبد الوهاب وحنان مطاوع وأخرجها حسن المنباوى وأنتجتها شركة سينرجى تحذر من كارثة قد لا ينتبه إليها الكثيرون وهى الأدوية غير المجدولة والتى يتم تداولها فى الصيدليات.
وكشف المسلسل عن أسماء عدد من الأدوية بشكل محدد ومنها أدوية "ليريكا، وليروين"، التى تستخدم فى علاج بعض الأمراض العصبية والنفسية وتباع فى الصيدليات، ويستخدمها الشباب كمخدر لأنها غير مجدولة ومن السهل شرائها، كما لفت الأنظار إلى قضية إدمان مخدر الاستروكس والمواد المخدرة المخلقة وضرورة وجود تشريعات وإجراءات لوقف هذا الخطر، وهو ما دفع عددا من أعضاء البرلمان للاهتمام بالقضية ومتابعة تفاصيلها ومناقشتها فى لجان المجلس خلال صياغة تعديلات قانون مكافحة المخدرات، ووافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية على إضافة مادة تجرم المواد المخدرة التخليقية التى تؤدى إلى الإدمان وإضافة مادة فى القانون مكافحة المخدرات لتجريم "الاستروكس" و"الفودو"، كما شدد أعضاء مجلس النواب على ضرورة جدولة الأدوية التى يتداولها الشباب كمخدر، وطالبوا نقابة الصيادلة والهيئات الطبية بتحديد هذه الأدوية وجدولتها لمكافحة الإدمان.
هذا التحرك والتأثير الذى حققه مسلسل لمس أكتاف بإثارة هذه القضية وتسليط الضوء عليها ودفع المسئولين للتحرك لحلها يعيد إلى الاذهان عددا من الأعمال الفنية التى كان لها دور فى إلقاء الضوء على بعض القضايا وتغيير القوانين والقرارات لحلها.
جعلونى مجرما
من أهم الأعمال الفنية التى كان لها تأثير كبير على فى تغيير القوانين فيلم "جعلونى مجرمًا" الذى تم إنتاجه عام 1954 بطولة الفنان فريد شوقى ويحيى شاهين وهدى سلطان، وهو مأخوذ عن قصة حقيقية ودارت أحداثه حول طفل صغير توفى والده فشرده عمه بعدما استولى على ميراثه، وانضم الطفل لعصابة، ودخل إصلاحية الأحداث وبعد خروجه منها فشل فى الحصول على عمل بسبب السابقة الأولى، وهو ما دفعه للانتقام من عمه بالقتل، وتحول إلى مجرم بسبب قسوة الظروف وتأثير السابقة الأولى، وهو ما نبه رجال القانون إلى خطورة العواقب المترتبة على السابقة الأولى، وكيف يمكن أن تعيق الإنسان الحصول على فرصة عمل شريفة وتدفعه إلى ارتكاب مزيد من الجرائم عندما تغلق جميع الأبواب فى وجهه.
وبعد عرض الفيلم صدر قانون ينص على الإعفاء من السابقة الأولى فى الصحيفة الجنائية حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة شريفة.
أريد حلا
سلط فيلم "أريد حلًا" إنتاج عام 1975 بطولة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة والفنان رشدى أباظة، الضوء على معاناة المرأة المعذبة فى حياتها الزوجية للحصول على الطلاق، حيث دارت أحداثه حول سيدة استحالت العيش بينها وبين زوجها، فرفعت دعوى طلاق أمام المحكمة الشرعية، ولكنها دخلت فى دخلت فى متاهات ومشكلات كبيرة وأهينت كرامتها واستعان زوجها بشهود زور فخسرت قضيتها بعد مرور أكثر من أربع سنوات، وكان هذا الفيلم أحد العوامل المهمة لإصداِر "قانون الخلع" الذى يعطى للمرأة حق تطليق نفسها بنفسها، ولكن بشرط أن تتنازل للزوج على كل مستحقاته.
كلمة شرف
ومن الأعمال الفنية المهمة التى سلطت الضوء على ضرورة مراعاة الجوانب الإنسانية فى حياة المسجون، فيلم "كلمة شرف" إنتاج عام 1973 بطولة الفنان فريد شوقى ونور الشريف وأحمد مظهر وهند رستم، وتدور أحداثه حول رجل يتم سجنه ظلمًا بسبب جريمة ارتكبها شقيق زوجته، بالاعتداء على فتاة قاصر فاعتقدت زوجته أنه على علاقة بهذه الفتاة.
مرضت الزوجة وأوشكت على الموت وهى تعتقد أن زوجها خائنا، ولذلك حاول الزوج البرىء الهروب أكثر من مرة حتى يلقى على زوجته النظرة الأخيرة قبل وفاتها وكى يوضح لها أنه مظلوم، ولكن كان يتم القبض عليه قبل هروبه فى كل مرة وازدادت عليه مدة العقوبة.
وبناءً على هذا الفيلم تم تغيير قانون الزيارات فى السجون حيث نص على السماح للسجين بزيارة أهله إذا كانوا يعانون من أمراض لا تمكنهم من الحركة.