طبول الحرب الأمريكية تدق فى اتجاهات متعددة، لكنها تظل طبولا، نحو إيران، باسم الاتفاق النووى، وبكين باسم المنافسة التجارية. وتظل الصراعات مع الطرفين دائرة على خلفيات دعائية، وكل طرف يصر على أنه لن يخوض حربًا ولا يرغب فى الحرب.
الصراع مع الصين قائم منذ سنوات وبلغ أقصاه مع تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة. فقد تغيرت طريقة العرض للسياسات الأمريكية، الرئيس قادم من عالم الرأسمالية والمنافسة والاحتكارات، ويحسبها بطريقة تجارية بحتة.
ترامب يمارس السياسات الأمريكية بشكل أكثر وضوحًا من سابقيه، فهو لا يختبئ خلف العبارات الملتبسة، ولا يخفى مشاعر الهيمنة فى قفازات الدبلوماسية. هو يمارس السياسة الأمريكية علنًا.
بينما كان سلفه باراك أوباما صاحب الخطاب الشاعرى المغلف بالعواطف، غادر تاركًا حربًا فى سوريا والعراق وخرابًا فى ليبيا، وتنظيمات إرهابية فى كل مكان، كانت نتاج سياسات أمريكية أصبحت أقل من قوة الدولة العظمى.
أحيانًا يبدو دونالد ترامب مندفعًا، وليس له سقف وربما يكون أحمق، لكنه يقترب من الصدام، ثم يدخل فى التفاوض، ولهذا كان أول رئيس أمريكى يلتقى مع كيم جونج أون رئيس كوريا الشمالية، وتكلما عن مفاوضات انتزاع السلاح النووى، وحتى لو لم تقد هذه الجلسات إلى نتائج حتى الآن فقد كسرت الجليد فى علاقة وصلت إلى حافة الحرب النووية مرات.
وفيما يتعلق بإيران، فإن الأمر يتراوح بين التهديدات والدعايات بالردع المتبادل، بينما تصدر تصريحات وتحركات من وزارتى الدفاع والخارجية، يعود ترامب ليؤكد أنه ليس راغبًا فى الحرب، وأن كل أهدافه اقتصادية، ويرى أن الحصار الاقتصادى يمكن أن يكون فاعلًا ومؤثرًا فى إيران.
ووسط تقارير تشير إلى أن وزارة الدفاع فى الولايات المتحدة تدرس إرسال 5 آلاف جندى إضافى إلى الشرق الأوسط على خلفية التوتر مع إيران. حسب رويترز، نشرت«CNN» تقارير عن مسؤولين أمريكيين أجروا حسابات أظهرت أن واشنطن تحتاج إلى 100 ألف جندى حال توجيه ضربة عسكرية مؤثرة على البرنامج النووى الإيرانى، إذ عليها أن تدمر الدفاعات الجوية الإيرانية، والسفن الحربية والصواريخ، قبل استهداف المنشآت النووية. وكل هذا يعنى أن الحرب ليست نزهة، وهو ما تعيه أمريكا، وأيضًا إيران التى تدرك أن خوض حرب مع الولايات المتحدة أمر يقود إلى الكثير من الخسائر والاختلالات الإقليمية.
وقد أعلنت وكالة «فارس» أن الجيش الإيرانى يستعد لإرسال قطع من الأسطول الحربى رقم 62 إلى المياه الدولية، خلال الأيام المقبلة. وتأتى هذه التقارير فى وقت تؤكد فيه طهران أنها لا ترغب فى الحرب، لكنها قادرة على صد الهجمات، وتدور وساطات خلف الواجهات بين أطراف وسيطة من اتجاهات متعددة، للبحث عن أرضية للتفاوض.
وبقدر ما تبدو حرب التصريحات بين إيران والولايات المتحدة أكثر لفتًا للأنظار، فهى فى الواقع أقل تأثيرًا وخطرًا، مما يدور على جبهة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. والتى بدأت بفرض رسوم إغراق على منتجات صينية ووصلت إلى حرب على جبهة التكنولوجيا.
حرب تتعامل مع التكنولوجيا والجيل الخامس من الهواتف، وتتعلق بقرارات أمريكية تحظر التعامل مع شركة هواوى، وتمنع جوجل من تحديثات الأندرويد، بينما ترد الشركة الصينية لتؤكد أن أمريكا لن تستطيع منافسة الجيل الخامس من الاتصالات. حيث أكد مؤسس «هواوى»، رين تشينجفى، أن واشنطن «تستهين» بقدرات شركته. وأعلنت الشركة استمرار التحديثات وأن لديها وسائل لمواجهة التدخلات الأمريكية.
الولايات المتحدة تخوض حربًا تجارية مع الصين، وحربًا تجارية بواجهة نووية مع إيران. وتدق طبول الحرب الدعائية. وترامب يعبر عن مصالح أمريكا وحقها فى وضع قواعد الاحتكار والمنافسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة