فى الليلة الماضية حكى الشاب الذى أحب فتاة وسعى لمقابلتها، لكنه فكر فى حلاقة رأسه، وكان الحلاق ثرثارا كثير الكلام ومزعجا.
وفى الليلة الخامسة والثلاثين قالت: بلغنى أيها الملك السعيد أن الشاب لما قال للمزين لا بد أن أحضر أصحابك عند يوماً فقال له: إذا أردت ذلك وقدمت دعوى أصحابك فى هذا اليوم فاصبر حتى أمضى بهذا الإكرام الذى أكرمتنى به وأدعه عند أصحابى يأكلون ويشربون ولا ينتظرون، ثم أعود إليك وأمضى معك إلى أصدقائك فليس بينى وبين أصدقائى حشمة تمنعنى عن تركهم والعود إليك عاجلاً، وأمضى معك أينما توجهت فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم امضى أنت إلى أصدقائى وأكون معهم فى هذا اليوم فإنهم ينتظرون قدومى فقال المزين لأدعك تمضى وحدك، فقلت له: إن الموضع الذى أمضى إليه لا يقدر أحد أن يدخل فيه غيري، فقال: أظنك اليوم فى ميعاد واحد وإلا كنت تأخذنى معك وأنا أحق من جميع الناس وأساعدك على ما تريد فإنى أخاف أن تدخل على امرأة أجنبية فتروح روحك، فإن هذه مدينة بغداد لا يقدم أحد أن يعمل فيها شيئاً من هذه الأشياء لا سيما فى مثل هذا اليوم، وهذا ولى بغداد صار عظيم فقل: ويلك يا شيخ الشر أى شيء هذا الكلام الذى تقابلنى به.
فسكت سكوتا طويلاً وأدركنا وقت الصلاة وجاء وقت الخطبة وقد فرغ من حلق رأسي. فقلت له: أمضى إلى أصحابك بهذا الطعام والشراب وأنا أنتظرك حتى تمضى معى، ولم أزل أخادعه لعله يمضي، فقال لى إنك تخادعنى وتمضى وحدك وترمى نفسك فى مصيبة لا خلاص لك منها، فبالله لا تبرح حتى أعود إليك وأمضى معك حتى أعلم ما يتم من أمرك، فقلت له: نعم لا تبطئ على فأخذ ما عطيته من الطعام والشراب وغيره وأخرج من عندى فسلمه إلى الحمال ليوصله إلى منزله وأخفى نفسه فى بعض الأزقة ثم قمت من ساعتى وقد أعلنوا على المنارات بسلام الجمعة فلبست ثيابى وخرجت وحدى وأتيت إلى الزقاق ووقعت على البيت الذى رأيت فيه تلك الصبية وإذا بالمزين خلفى ولا أعلم به فوجدت الباب مفتوحاً فدخلت وإذا بصاحب الدار عاد إلى منزله من الصلاة ودخل القاعة وغلق الباب، فقلت من أين أعلم هذا الشيطان بي؟ فاتفق فى هذه الساعة، لأمر يريده الله من هتك سترى أن صاحب الدار أذنبت جارية عنده فضربها فصاحت فدخل عنده عبد ليخلصها فضربه فصاح الآخر فاعتقد المزين أنه يضربنى فصاح ومزق أثوابه وجثا التراب على رأسه وصار يصرخ ويستغيث والناس حوله وهو يقول قتل سيدى فى بيت القاضى ثم مضى إلى دارى وهو يصيح والناس خلفه وأعلم أهل بيتى وغلمانى فما دريت إلا وهم قد أقبلوا يصيحون واسيداه كل هذا والمزين قدامهم وهو يمزق الثياب والناس معهم ولم يزالوا يصرخون وهو فى أوائلهم يصرخ وهم يقولوا واقتيلاه وقد أقبلوا نحو الدار التى أنا فيها فلما سمع القاضى ذلك عظم عليه الأمر وقام وفتح الباب فرأى جمعاً عظيماً فبهت وقال: يا قوم ما القصة؟ فقال له الغلمان إنك قتلت سيدنا، فقال يا قوم وما الذى فعله سيدكم حتى أقتله،
وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة