يعرف الدستور على أنه القانون الأعلى الذى يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة "ملكى أم جمهورى" وشكل الحكومة "رئاسية أم برلمانية" وينظم السلطات العامة فيها، من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التى بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.
ولعل الإنسان منذ فجر التاريخ، حاول وضع قوانين ولوائح لتحكم البلدان، وإقامة وتأسيس بلاد قوية، لكن ربما الإنسان القديم كان يؤمن بأن الأخلاق هى أساس تقدم العالم، فنجد أن أشهر التشريعات فى العالم القديم، كانت ذات صبغة أخلاقية، تحد من الفساد، وتعطى الفقراء حقوقهم، وتحث الإنسان القديم على الارتقاء بالفضائل، وكانت اللبنة الأولى فى وضع الشكلى الإصلاحى فى العالم، حتى قبل نزول الأديان السماوية، وقبل أن تأتى الشرائع الإبراهيمية لتوضح المفهوم الأخلاقى، وتلزم به.
وقد تعاقبت الشرائع فى المجتمعات المختلفة لتعكس نظرة كل مجتمع للعدالة والقيم الأخلاقية والروحية التى طبعت نمط حياته.
قانون أورنامو
قانون أورنمو هو أقدم قانون مكتشف حتى الآن، وقد سبق قانون حمورابى بثلاثة قرون، حيث عثر على قسم من الألواح التى تضمنت هذا القانون فى مدينة نفر والقسم الآخر منها فى مدينة أور، وقد كتب باللغة السومرية، ويقدر تاريخه بحوالى 2100-2050 قبل الميلاد.
وارتكز القانون فى تصنيفه على الجوانب الأخلاقية الداعية لنشر الفضائل ومحاربة الرزيلة والفساد، وبحسب دراسة بعنوان"التطوير التاريخى لحقوق الإنسان" للدكتورة شيرزاد أحمد عبد الرحمن، نشرت فى مجلة كلية التربية الأساسية العراقية، العدد السادس والسبعون عام 2012، أن الملك السومرى قال فى مقدمة تشريعه أن الهدف هو توطيد العدالة والحرية فى البلاد وإزالة البغضاء والظلم والعداوة، وتضمن القانون العديد من النصوص لمبادئ حقوق الإنسان، كذلك وضع بعض المواد التى كانت تعالج مسائل الأحوال الشخصية كالطلاق والخيانة الزوجية والخطوبة، لعلها تتشابه مع العديد من الكثير من مواد الدساتير الحديثة.
شريعة حمورابى
أصدره الملك حمورابى أشهر ملوك العهد البابلى (حكم من سنة 1792 قبل الميلاد إلى سنة 1750 قبل الميلاد)، هى مجموعة قوانين بابلية يبلغ عددها 282 مادة قانونية سجلها الملك حمورابى سادس ملوك بابل على مسلة كبيرة أسطوانية الشكل.
وبحسب دراسة بعنوان "التطوير التاريخى لحقوق الإنسان" للدكتورة شيرزاد أحمد عبد الرحمن، نشرت فى مجلة كلية التربية الأساسية العراقية، العدد السادس والسبعين عام 2012، يعد قانون حمورابى أكثر القوانين فى التاريخ اهتماما بحقوق الإنسان، كما تضمنت قائمة بعدد من القانون العدلة التى من أجلها منح العدالة لليتيم والأرملة فى بابل، فضلا عن إنها حددت قواعد العدل والإنصاف وما يرفع الظلم عن الأفراد بشكل عام والمرأة بشكل خاص، واشتملت شريعة حمورابى بموادها المختلفة على قضايا تتعلق بقضايا الشهود والسرقة والنهب وشؤون الجيش والزراعة والقروض، كما أن مواد عديدة عالجت الشؤون العائلية من زواج وطلاق وارث وتبنى وكل ما له علاقة بحياة الأسرة.
قانون ماعت
ماعت آلهة الحق والعدل والنظام فى الكون، وتعد أول محامية امرأة، تمثل على هيئة امرأة تحمل فوق رأسها ريشة، فالمصرى القديم مثل العدالة على هيئة امرأة حسناء، دستور ماعت من اثنين وأربعين مبدأً تحفظ النظام والتحضر والسمو والرقى والرغد والأخلاق فى وطننا القديم، الأبدى، اثنان وأربعون مبدأ، بعدد محافظات مصر آنذاك، وكانت مبادئ الماعت هى الدليل للعيش فى المجتمع وكانت مطامعه من قبل الفرعون والشعب، فهى جوهر النظام والعدل للكون، وكان المجتمع المصرى يمشى عليها منذ فجر التاريخ، وكانت من ضمن مواده "أنا لم أقتل، ولا أحرض أى أحد على القتل، أنا لم أرتكب الزنا أو الاغتصاب، أنا لم أنتقم لنفسى ولا أحرق مع الغضب على سبيل الانتقام، أنا لم أتسبب فى الإرهاب، أنا لم أعتدى على أى أحد ولا أسبب الألم لأحد، أنا لم أسبب البؤس".
قانون الفقرات السبع عشرة
وثيقة بوذية قديمة، تعتبر واحدة من أوائل الدساتير فى التاريخ، قام بتأليفها الأمير شوتوكو تايشى عام 604، وذلك فى عهد الإمبرطور سويكو، وكانت عبارة عن عدد من القوانين الأساسية التى تحكم الدولة.
وأهم ما ميز الوثيقة أنها لم تكن لتركز على القوانين الأساسية التى ستُحكم بها الدولة، كما قد يتوقع من الدساتير الحديثة، بل كانت وثيقة بوذية، ركزت على الأخلاق والفضائل التى كان من المتوقع من المسئولين الحكوميين ورعايا الإمبراطور ضمان حسن سير الدولة، حيث كان من المفترض أن يعتبر الإمبراطور أعلى سلطة، وتضمنت عددا من الفضائل التى يجب أن يكون عليها المسئولين ومنها "ينبغى على الوزراء والموظفين أن يجعلوا السلوك اللطيف مبدأهم الرئيسى، تشجيع كل ما هو جيد، لا ينبغى اتخاذ القرارات بشأن المسائل المهمة من قبل شخص واحد وحده، عندما تتلقى الأوامر الإمبراطورية، لا تفشل فى الالتزام بها بدقة."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة