فى أواخر القرن الرابع عشر بدأ ظهور جيش الانكشارية ضمن الجيش النظامى للدولة العثمانية، وقد أطلق اسم الانكشارية على طائفة عسكرية من المشاة العثمانيين، شكلوا تنظيمًا خاصًا، لهم ثكناتهم العسكرية وشاراتهم ورتبهم وامتيازاتهم، وكانوا أعظم فرق الجيش العثمانى وأقواها جندًا وأكثرها نفوذًا، ولا يعرف على وجه الدقة واليقين وقت ظهور هذه الفرقة، فقد أرجعها بعض المؤرخين إلى عهد "أورخان الثانى" سنة (1324م) على أن هذه الفرقة اكتسبت صفة الدوام والاستمرار فى عهد السلطان مراد الأول سنة (1360م)، وكانت قبل ذلك تسرّح بمجرد الانتهاء من عملها.
كان هذا الجيش يخضع لقوانين صارمة مثل العزوبية، ولكن تمّ تخفيف هذه القوانين فى أواخر القرن السادس عشر، وقد أصبح هذا الجيش قوةً عسكريةً عثمانيةً مهمةً بعد إنشائه مباشرة؛ فقد كانوا جنود السلطان الأكثر ثقة، فضلاً عن انضباطهم، ومهارتهم فى استخدام الأسلحة الصغيرة، وقد حصل الجيش على امتيازاتٍ وفوائد خاصة؛ بهدف تأمين ولائهم للحاكم وقد حظوا باحترامٍ كبيرٍ بسبب قوتهم العسكرية فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
ساهم الجيش الانكشارى فى العديد من الانتصارات المهمة للدولة العثمانية، ومن بينها غزو القسطنطينية فى ربيع عام 1453، والمعركة التى وقعت فى مواجهة الصفويين فى جالديران عام 1514، بالإضافة إلى هزيمتهم لجيش المماليك فى مرج دابق فى 1516، وقد اتبع الجيش الانكشارى أسلوب الهجمات السريعة من إطلاق النار، وبالتالى كانوا يقدمون الضربة الحاسمة النهائية فى المواجهات، الأمر الذى جعل الأوروبيين يرون بأنّ الجيش الانكشارى هو السلاح السرى للدولة العثمانية، وهو قادر على استخدام الأسلحة النارية بشكلٍ فعّال، وقد كان أعظم انتصارٍ لهم عندما استطاعوا هزيمة عشرات الفرسان باستخدام البنادق الدقيقة فى معركة موهاج عام 1526.
عندما أدرك الجيش الانكشارى أهميته، بدأ يرغب فى الحصول على حياةٍ أفضل، ممّا دفعهم لتنظيم ثورةٍ عام 1449، للمطالبة بأجورٍ أعلى، وتكرر ذلك عدّة مراتٍ فى القرون التالية، وقد تحول الجيش تدريجياً إلى قوةٍ فاسدةٍ بسبب جمعهم للثروة، وحصولهم على القوة والنفوذ، إلى أن قام محمود الثانى بحلّ هذا الجيش قسراً فى عام 1826 لكنهم لم يلتزموا.
وبالتالى خرجت قوات االسلطان إلى ميدان الخيل بإستانبول وكانت تطل عليه ثكنات الإنكشارية، وتحتشد فيه الفيالق الإنكشارية المتمردة، ولم يمض وقت طويل حتى أحاط رجال المدفعية الميدان، وسلطوا مدافعهم على الإنكشارية من كل الجهات، فحصدتهم حصدًا، بعد أن عجزوا عن المقاومة، وسقط منهم ستة آلاف جندى إنكشارى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة