«بعد أربع سنوات من الآن فإن 50% من الوظائف الحالية ستختفى». الجملة وردت على لسان مستشارة وزيرة التخطيط فى مؤتمر عقد بمركز معلومات مجلس الوزراء حول المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والجملة وردت بمناسبة التحديث فى قطاعات الحكومة والشمول المالى وميكنة الخدمات الحكومية، وكلها سوف تخفض من أعداد الوظائف المطلوبة، ناهيك عن وقف التوظيف فى السنوات الأخيرة، والرهان على القطاع الخاص، وتوسيع دوائر الاستثمارات.
وبالإضافة إلى أهمية توفير كوادر تكون قادرة على التعامل مع الشكل الجديد للخدمات الحكومية الحديثة، يظل الحل فى التوسع بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو نشاط تدعمه الدولة من خلال صندوق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والذى يقدم تمويلا للشباب ومن يبدأون مشروعات صغيرة أو متوسطة.
كل التجارب الدولية التى حققت نقلات نوعية وكمية فى التقدم، اعتمدت على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال خطط لتقسيم العمل، الصين وجنوب شرق آسيا، حيث كانت أجهزة الكمبيوتر والتكييف وغيرها تتوزع بين مشروعات صغيرة.
كل هذه المؤشرات تدفع للتفكير فى كيفية تأهيل الشباب حتى يمكنهم بدء مشروعاتهم أو أعمالهم، بشكل يجنبهم الخسارة، ويمنحهم الجرأة، وكل هذا ربما يتطلب إعادة تأهيل الخريجين من خلال مؤسسات مثل الأكاديمية الوطنية للتدريب أو غيرها لتدريب الشباب على عمل دراسات الجدوى أو بدء مشروع صغير فى عمر مبكر، وهذا يفترض أن يكون ضمن برامج ومناهج التعليم، حتى لو لم يرتبط بتخصص.
فهناك خريجون لكليات ومناهج نظرية لا يمكن لسوق العمل استيعابهم، بينما يمكن بقليل من الجهد والتدريب يمكن لخريجى الكليات النظرية أن يبدأوا أعمالا خاصة، بدلا من التركيز فى مشروعات للموبايلات والاتصالات، وهى أنشطة تكاد تكون تشبعت، فضلا عن أنها تتطلب رؤوس أموال لا تتوفر لكل الشباب.
وربما يمكن للحكومة مع القطاع الخاص الجاد والأهلى أن تدعم برامج لإعادة التدريب وتطوير قدرات الشباب فيما يتعلق بإدارة الأعمال ودراسات الجدوى والتسويق، مع توفير خرائط بالفرص المتاحة، بعيدا عن مراكز تمارس هذا النوع من الأنشطة بدون رقابة وباسم التدريب تحصل على أموال من دون تقديم أكثر من بعض المناهج التافهة عن التنمية البشرية.
وكل هذا جزء من مهام وزارات يفترض أنها تدرك حجم التحولات فى سوق العمل وشكل الاستثمار، وعليها دور فى هذا الأمر يتجاوز الحديث أو الاستعراض الإعلامى إلى عمل حقيقى، خاصة أن هذه الوزارات نفسها تعلن أن الكثير من الوظائف المكتبية الحالية تنتهى خلال أعوام قليلة، وهو ما ورد مرات، ونفس الأمر فيما يتعلق بشكوى مستمرة من غياب الربط بين التعليم الجامعى والفنى من ناحية، وسوق العمل من ناحية أخرى، بما يجعل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فى المقدمة من الأعمال التى يجب أن تتوفر لتوسيع مجالات الاستثمار الزراعى والصناعى والتسويق، وكلها أنشطة تسهم فى خلق فرص عمل، وتخفض البطالة، مع تحولات تنهى عصر الوظيفة الحكومية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة