"كان ثمة نعومة تحيط به. وسرى فى أطرافه خدر. انتابه فجأة شعور قوى بهويته، لمس طاقته. كان نفسه، وكان يعرف ما هو عليه. أدار رأسه. على الطاولة المجاورة لفراشه أكداس من كتب لم يلمسها منذ وقت طويل. ترك يده تلعب عليها لوقت، تعجب من نحول الأصابع، من الأداء المعقد للمفاصل وهو يثنيها. شعر بالقوة بداخلها وتركها تسحب كتاباً من الكتب المرصوصة على طاولة الفراش. كان كتابه، وحين حملته اليد ابتسم للغلاف".
فى منتصف الستينات من القرن الماضى، وبالتحديد فى عام 1965، نشر الروائى الأمريكى جون ويليامز رواية ستونر، مرت الرواية بسلام، دون أى أثر واضح. تم بيع عدة نسخ منها، وفازت بجائزة مناصفة مع كاتب آخر. ثم رحل كاتب ستونر بعد عدة سنوات تاركاً وراءه ستونر ورواية أغسطس وتقاطع بوتشر، وعدة كتب قليلة. بعد سنوات من رحيله، وفى هذه الفترة من القرن الواحد والعشرين ارتفعت أعمال جون ويليامز مرة أخرى حتى أصبحت رواية ستونر من أكثر الأعمال الروائية مبيعاً فى أمريكا.
تتناول الرواية قصة الشاب القروى المزارع وليم ستونر، فى بدايات القرن العشرين، والذى يبعثه والده للدراسة فى جامعة ميسورى، لعله إذا تعلم يعود إلى المزرعة ويستخدم ما تعلمه فى سبيل تنمية المزرعة ومساعدة والده ووالدته فى قضاء أمور حياتهم الزراعية.
والدا ستونر فى منتصف أعمارهم، لكن الأعمال اليومية جعلتهم فى نظر الابن ستونر مسنين: الأب محنياً ظهره من التعب، يحدق بيأس فى رقعة الأرض التى تعيل الأسرة من سنة لأخرى، والأم تنظر إلى حياتها بصبر وكأنها لحظة هائلة يجب عليها تحملها.
كان وليم ستونر الطفل الوحيد لعائلة وحيدة، وكانوا ملزمين جميعهم بضرورة الكدح فيها. يجلسون ثلاثتهم مساء فى المطبخ الصغير المضاء بمصباح الكيروسين اليتيم، يحدقون فى اللهب الأصفر قرابة ساعة من الزمن بين موعد العشاء وموعد النوم، كان الصوت الوحيد الذى يمكن سماعه غالباً هو صوت حركة الجسد الضجرة فى الكرسى وصرير الخشب الخافت الذى يصدر أحياناً بسبب قدم المنزل.
وعن الرواية قال الفنان العالمى توم هانكس "ببساطة هى رواية عن رجل يذهب إلى الكلية ويصبح مدرسًا. لكنها واحدة من أروع الأشياء التى ستصادفها على الإطلاق ".