تلقيت، منذ أيام، دعوة كريمة للحضور إلى صالون "سحر الرواية" الذى ينظمه الكاتب الكبير فتحي إمبابي، والذي فتح أمامي بابا لتأمل فكرة الصالونات الأدبية وأهميتها في عالمنا الثقافي.
ذهبت إلى هناك، وحضر عدد كبير من الكتاب الأفاضل المهمين والفاعلين فى الساحة الثقافية المصرية، ومحاضرة الصالون ألقاها الدكتور الناقد يسري عبد الله، ودار موضوعها حول "المناهج النقدية والمذاهب الأدبية" وفى محاولة للفهم، وضع يسري عبد الله خريطة تقريبية لتاريخ النقد، منطلقا من كون النقد طريقة تفكير عالمية، فهو يستنكر السؤال: لماذا لا توجد نظرية نقدية عربية؟ ويرى السؤال الأصح هو: لماذا لا توجد مساهمات عربية فى نظرية النقد؟
ومن الأشياء الطيبة فى الصالون أن كلام الدكتور يسرى عبد الله كان منظمًا بمعنى أن يسرى عبد الله كان مستعدًا له، فقد أكد أنه اتفق مع الكاتب الكبير فتحى إمبابى منذ فترة كافية على هذه المحاضرة، فجاء ولديه أوراق مكتوبة، راصدًا فيها ما ود قوله، وبالتالي جاءت المحاضرة مفيدة، والصالون الأدبي المفيد، هو من يفعل ذلك حقًا، فيخرج بالناس بعيدًا عن النميمة والقيل والقال إلى الإفادة العلمية القائمة على مناقشة كتاب أو توضيح ما غمض من الفنون.
المهم، أن الدكتور يسرى عبد الله صال وجال فى تتبع النظرية النقدية وتنويعاتها المختلفة منذ كانت مجرد أراء انطباعية تأثيرية إلى ما بعد الحداثة، مرورا بالرومانتيكية التى اقتضتها هزائم نابليون وانتهاء أحلامه وأحلام فرنسا، كما توقف كثيرًا عند المذاهب الاجتماعية بتنوعاتها الداخلية وبرجالها المهمين والمعيار الذى اعتمدوا عليه فى كل ذلك، كما رصد التحرك ناحية الحداثة فى البنيوية وما عنته من طريقة تفكير عيرت العالم، وبدأ فيما بعد الحداثة، لكن الوقت لم يسمح فتوقف على وعد بأن يكمل ذلك في محاضرة مقبلة.
خرجت أنا من الصالون وفى ذهنى خريطة ما للعالم النقدي شبيه لما قرأته ذات مرة للدكتور صلاح فضل فى كتاب صغير الحجم، كان عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها على طلبة معهد الدراسات العربية، وقد طبعته مكتبة الأسرة بعد ذلك أعتقد أن عنوانه كان "مناهج النقد الأدبي" لكن ما قدمه الدكتور يسري شيئا مختلفا وجديدا، جعلني أشعر بأن النقد كائن حي يراقب الإبداع وتنوعه ثم يقوم بقراءته والبحث عن جماياته أو كشفه أو مقاربته أو تقطيعه أو جمعه أو التأصيل له أو شرذمته.
وأقول للدكتور يسري عبد الله عليه أن يهتم بهذه المحاضرات ثم يجمعها فى كتاب وأتمنى أن يكون صغير الحجم (كتاب جيب) لا يتجاوز المائة ورقة من الحجم الصغير، وأن يكون له عنوان كاشف ويطبع فى إحدى هيئات وزارة الثقافة، الهيئة المصرية العامة للكتاب أو الهيئة العامة لقصور الثقافة حتى تعم الفائدة.
أما الكاتب الكبير فتحى إمبابي، فأقول له إن الصالون يقدم شيئًا مختلفا، لذا أتمنى له الاستمرار وأتمنى لك التوفيق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة