كاتب يهودى: لم نتعرض للاضطهاد فى الدول العربية وكنا نصوم رمضان احتراما للمسلمين

الجمعة، 19 يوليو 2019 04:30 م
كاتب يهودى: لم نتعرض للاضطهاد فى الدول العربية وكنا نصوم رمضان احتراما للمسلمين غلاف الكتاب
كتبت بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر كاتب يهودى يدعى مسعود حايون، أحد أبناء اليهود من الجالية التى كانت تعيش فى الدولة العربية بشكل عام، ومعيشته فى مصر بشكل خاص، كتابا جديدا عما يسمى فى الثقافة اليهودية بـ"أيام الشتات" بعنوان " عندما كنا عرب: التاريخ المنسى لعائلة يهودية" وهو كتب تاريخ عائلى.
 
يستخدم "حايون" قصص أجداده لإلقاء الضوء على التاريخ الباهت لمجتمع يهودى عربى كان مزدهر ذات يوم، وفى هذه الكتاب، يوجه المؤلف اتهامات عدة قاسية للاستعمار الأوروبى، وهو يعتبر عروبته "ثقافية" و "أفريقية" و"يهودية"، حيث يقول:"أنا عربى لأن هذا هو ما قيل لنا، على الرغم ما قيل على مدى أجيال يمنعنا من العيش فى تضامن شديد مع العرب الآخرين".
 
تحدث "حايون" فى كتابه عن الجد أوسكار الذى ولد فى الإسكندرية، المدينة متعددة اللغات، ومتعددة الثقافات، حيث حضرت العائلات اليهودية احتفالات رمضان، وحضر المسلمون احتفالات الأعياد اليهودية، أب أوسكار، وهو محاسب لشركة شحن، يصوم فى رمضان احتراماً للأصدقاء وزملاء العمل.
 
توفيت والدة أوسكار عندما كان فتى، على عكس والده المتدين، أحب أوسكار الشوارع، كان أصدقاؤه من اليهود والمسلمين والمسيحيين، الذين تربطهم ثقافة وطبقة مشتركة، بدلاً من أن يفصلوا بين الممارسات الدينية، التحق أوسكار بمدرسة كاثوليكية فرنسية، وتطلع بحنان إلى طفولته حيث كان يمكن لليهود ممارسة عقيدتهم علانية فى مصر، فى سن الرشد، عمل أوسكار كبائع متجول لشركة أدوية، وسحر زبائنه بكل ثبات وسهولة بين الثقافات.
 
جاءت الجدة "ديدة" من عائلة يهودية تونسية، كانت مغرمة بشكل خاص بشهر رمضان، حيث انتهى كل مساء بفترة الإفطار. يكتب حايون:"غادرت (أسرتها) حيهم وذهبت إلى مسجد قريب وسوق مجاور ومنازل الأصدقاء المسلمين لحضور كرنفال من الحلويات والألعاب".
 
التحقت "ديدة" بمدرسة فرنسية فى تونس، رغم أنها اضطرت إلى المغادرة وهى فى التاسعة من عمرها للتحضير لتصبح زوجة وأم، كان لديها خط قوى ومستقل، ورفض التوفيق بين عائلتها.
 
فى فصل بعنوان "لا تمزق/ تمزق" ، يرسم "حايون" خطًا من علل القمع الأوروبى إلى آثاره على ولادة الصهيونية، وهو ينتقد بشدة الصهيونية، ويوثق قمع الثقافة الوطنية التى أحدثها الاستعمار البريطانى والفرنسى على مصر وتونس، فى عام 1870، قام وزير الثقافة اليهودى الفرنسى أدولف كريميو بإعلان اليهود مواطنين فرنسيين فى الجزائر، بينما يمنع المسلمين والبربر من ذلك، مشيرا أن القرار هو تقسيم المجتمعات داخل الجزائر وفصل اليهود الجزائريين عن اليهود فى تونس والمغرب، الذين لم يحصلوا على الجنسية الفرنسية.
 
ويكشف الكاتب أنه من الصعب معرفة كيف تغيرت اليهودية فى شمال إفريقيا، مشيرا أن فى الماضى كانت اللغة العربية والإسلام نفسه عنصرين أساسيين فى معتقد يهودى شمال إفريقيا، وكان أوسكار يقيم احتفالات عيد الفصح بلهجة الرسمية العبرية، دون تدخل من الآخرين، لكن قاد المستعمر حاربهم وتجاهل وجود اللغة العربية والدين الإسلامى.
 
وأكد أن أجداده من اليهود  كانوا حريصين على التعليم والثقافة، حتى فى ظل قلة التعليم المدرسى ووضع الطبقة الدنيا فى نظر الفرنسيين، إلا أن ديدا كانت متمسكة بالاعتقاد بأن الثقافة الفرنسية تفوق على ثقافتها، وكانت تقول: "أنا تونسى، وأنا يهودى".
 
مع تداعيات الحرب العالمية الثانية وتضاؤل الآفاق الاقتصادية التى تفاقمت بسبب الاستعمار، هاجر أوسكار، وبشكل منفصل، عائلة ديدا، إلى باريس، هناك، التقى أوسكار ودايدا فى حفلة، لكن باريس لم تكن لطيفة معهم، أما أوسكار لم يستطع الحصول على موطئ قدم اقتصادى، فى نهاية المطاف، هاجر أوسكار ودايدا إلى لوس أنجلوس، حيث وُلد حفيد مؤلفه ونشأ وترعرع فى أفلام مصرية وموسيقى بلدتى أوسكار ودايدا.
 
الكاتب ينسج فى كتابه تاريخ عائلته مع السياسة التى شكلت حياتهم، ويمثل كتابه "عندما كنا عرب" حالة حنين إلى تراث عربى كان غنى ومتنوع، كما يعدد اشكال الاضطهاد الأوروبى، مشيرا إلى أن الاستعمار الأوروبى منذ الحروب الصليبية حاول تشويه صورة العرب، قائلا: لقد تم كره العرب، وفصلهم فى أحيائهم".
 
 سواء أكانت توافق على آراء حايون حول اليهود العرب أم لا، فالكتاب إنسانى يتبنى الإدماج والاختلاف، إنه يتوق إلى زمان ومكان يمكن فيه لليهود والمسلمين أن يفرحوا فى قواسمهم المشتركة، بدلاً من تسليط الضوء على انقساماتهم.
 
ويرى حايون مع التكثيف الحالى للعنصرية والشعبية فى جميع أنحاء العالم، يمكن أن يكون من الصعب محاربة الاتجاهات الانحدارية المدمرة، "العروبة خيار للانتماء حتى لغير العرب"، يقول حايون فى نهاية الكتاب. فى لفتة رائعة، أعلن بفخر هويته:"أنا ديدة، أنا أوسكار... أنا تونس ومصر والمغرب وفلسطين وجميع الدول المجاورة التى تعرف بأنها عربية، أنا ثروة من الحب الذى أشعر به لشعوب تلك الأمم".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة