نجيب محفوظ المبدع.. رؤيتان جديدتان لـ أحمد عبد اللطيف وكريم الصياد

الثلاثاء، 23 يوليو 2019 07:00 م
نجيب محفوظ المبدع.. رؤيتان جديدتان لـ أحمد عبد اللطيف وكريم الصياد نجيب محفوظ
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يظل أديب مصر الكبير نجيب محفوظ (1911- 2006) علامة بارزة فى تاريخ الإبداع، وقد دارت حول أدبه وشخصه دراسات عديدة، وضمت المكتبات مئات الآراء حول صاحب نوبل،  لكن ذلك ليس كافيا، فلا يزال الكتاب والمبدعون والدارسون يهتمون بإرث نجيب محفوظ.

وقد استوقفنى رأيان لكاتبين شابين مهمين يمثلان جيلا جديدا له سماته السردية الخاصة، والرأيان اللذان صدرا فى وقت واحد تقريبا مختلفان، كل منهما ينظر إلى نجيب محفوظ من زاوية ما، الرأى الأول لـ الكاتب الروائى والمترجم أحمد عبد اللطيف، والرأى الآخر للكاتب والشاعر وأستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة كريم الصياد.

قال الكاتب الروائى أحمد عبد اللطيف على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك:
 

عظمة نجيب محفوظ الحقيقية، فى رأيى، بالإضافة لإنتاجه الإبداعى، تكمن فى قدرته على فهم معنى الأدب، فهم لا يلتقطه عادةً إلا قارئ متمرس فى القراءة، وعلى عكس ما ظن وكتب الكثيرون، فلا أرى أن محفوظ كتب "الواقعية" ولا حتى فى الثلاثية، إنما كتب "الإيهام بالواقع"، واستراتيجيته فى ذلك كانت الانطلاق من نقطة نعرفها جميعًا، ثم الوصول إلى أماكن خيالية، متوسلًا بذلك شخصيات من صنعه، ومشاعر وأفكار وأحداث يمكن أن نسميها محفوظية. هذا "الإيهام بالواقع" هو الفخ الذى صنعه لقرائه ليمرر من خلاله "الواقع" كما يراه، لا "الواقع" كما هو كائن ويعرفه الجميع. "الإيهام بالواقع" يبعده تمامًا عن الواقعية باعتبارها تصويرًا فوتوغرافيًا، أو تسجيليًا، ويقربه أكثر من نماذج سردية يبدو، للوهلة الأولى، أنه بعيد عنها، فمحفوظ هو الكاتب "العبثي" أحيانًا، والساخر أحيانًا أخرى، الكاتب القادر على التقاط ازدواجية المجتمع، الصورة البراقة والباطن العفن، الخير والشر فى نفس الجسد، والبيوت المزينة من الخارج الخربة من الداخل. أحمد عبد الجواد، كمثال، ليس مجرد شخصية روائية، إنما نموذج فلسفي، تجسيد لصراع إنساني، وهو، على اختلاف شخصيات محفوظ، نموذج متكرر كثيرًا فى كل قصصه ورواياته، أيًا كان نوع التناقض.

"الإيهام بالواقع" يختلف عن "الواقعية" التى توحى بأنها تسجيل لوقائع ورصد لشخصيات تتحرك أمامنا.


 

بينما قال الدكتور كريم الصياد على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك":
 

فى رأيى لم يخترع نجيب محفوظ شيئا من لا شىء، هو كان فى أعماله الملحمية المهمة كالثلاثية وأولاد حارتنا والحرافيش مطبقا لبنية سابقة التجهيز بالفعل قبله فى الأدب، وبخاصة الأدب الروسى، ببساطة هو كان يطبق دوستويفسكى على الواقع المصرى اليومى والشعبى والدينى والخرافى: واقعية رمزية، تستعمل الواقع لترميز عالم من المفاهيم والعلاقات بين المفاهيم، واتجاهات، ونظريات.

يعنى مثلا الجريمة والعقاب تمثيل مسرحى لفلسفة نيتشه فى الأخلاق بشكل واضح ومباشر لكل دارس جيد للفلسفة، والإخوة كارامازوف تمثيل للفكرة نفسها على مسرح أكبر.. لذلك هو أيضا كنجيب ليس واقعيا بالضبط. أعنى أن نجيبا لم يكن مخترعا لهذا البناء الذى يحول الدراما إلى رموز ونظريات متصارعة فى هيئة شخصيات.

يعنى قارن نجيب بيوسف إدريس، هتلاقى نفس الفرق تقريبا بين دوستويفسكى وتشيكوف على الترتيب. مفيش جديد جوهرى، بس كونك تقارَن بدوستويفسكى دا لوحده يستحق نوبل، مع أن دوستويفسكى أعمق وأخطر.

مفيش جديد جوهرى فى الفن أو الفلسفة أو العلم أو الدين غالبًا، كلها أفكار تعاد صياغتها، ودا فى المنهج الجدلى مفهوم، المسألة "كم قدم فلان من جديد مقارنة بعلان؟" فمحفوظ لم يكن مجددًا لهذه الدرجة لو وضعناه فى سياق التطور الأدبى العالمى، لكن لو وضعناه، كما يحدث عادة، فى سياق الوسط المصرى أو الإقليمى فسيظهر كمجدد خطير. وهو ليس كذلك، هذه هى القضية.

وعلى فكرة.. فكرة موت الجبلاوى على يد عرفة فى نهاية أولاد حارتنا برضه بتناقش قضية موت الله فى الإخوة كارامازوف: أليوشا، وديمترى، وإيفان، وسمردياكوف/ وفى أولاد حارتنا: أدهم، وجبل، ورفاعة، وقاسم، وعرفة. وفى كل من العملين: يموت الأب/الإله مخلفًا تساؤلات بلا حل. وفى كل من العملين: الأب إله، والإله أب.

وما لفت انتباهى فى الرأيين أنهما قائمان على النظر فى فكر نجيب محفوظ ورؤيته للفن والبنى الفنية التى قام عليها سرده، كما أنهما يفتحان الباب للاتفاق والاختلاف معهما.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة