أعلنت ألمانيا أنها سوف تعيد لوحة كانت سرقتها القوات النازية من جاليرى أوفيزى فى مدينة فلورنسا الإيطالية، أثناء الحرب العالمية الثانية عام 1943، بعنوان "إناء الزهور"، للرسام الهولندى جان فان هيسوم، وعرضت لأول مرة فى فلورنسا عام 1824، تقدر قيمتها بملايين الدولارات، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع "بى بى سى" البريطانى.
وفى حقيقة الأمر لم تكن تلك الخطوة هى الأولى من جانب الجمهورية الألمانية، فى إعادة بعض قطع أو لوحات من أعمال التراث الإنسانى إلى بلدها الأم، ففى مايو الماضى، قرر مجلس أمناء المتحف التاريخى الألمانى فى برلين، الاستجابة لاقتراح من رئيس المتحف رافائيل جروس بإعادة عمود حامل لصليب أثرى تم الاستيلاء عليه ونقله من ناميبيا إلى ألمانيا إبان العهد الاستعمارى.
ومن قبلها كان أعلنت وزارة الآثار المصرية، فى بيان لها، فى يونيو 2014، إن المتحف المصرى بجامعة لايبزييج الألمانية أعاد إلى مصر 24 قطعة أثرية خرجت من البلاد بصورة غير مشروعة فى فترات سابقة.
ومع بوادر التعامل الألمانى فى إعادة القطع الأثرية إلى بلدانها، التى ظهرت فى السنوات الخمس الماضية على الأقل، إلا أن الجانب الألمانى لا يزال يظهر التعنت والرفض التام لمحاولات إعادة رأس الملكة الفرعونية السابقة نفرتيتى إلى وطنها الأم، بحجة حصولها على التمثال بطرق مشروعة كهدية من مسئولى المملكة المصرية فى العقد الثانى من القرن الماضى.
يعود تاريخ نفرتيتى إلى عام 1912، عندما قامت بعثة أثرية ألمانية برئاسة عالم المصريات لودفيج بورشاردت بزيارة القاهرة ووقعت عقدًا مع الحكومة المصرية، مما منحها الحق فى الحصول على بعض القطع الأثرية الموجودة فى منطقة تل العمارنة، التى بناها إخناتون، وأصبحت عاصمة بدلاً من طيبة.
ورغم إدعاء الجانب الألمانى الحصول على التمثال النصفى بطرق قانونية، إلا أن عالم الآثار المصرية، ووزير الآثار الأسبق الدكتور زاهى حواس، كذب تلك الادعاءات، حيث أكد فى أكثر من مناسبة أن تمثال الملكة نفرتيتى تم تهريبه من مصر بواسطة عالم اثار المانى عام 1913، يدعى "لودفيج بروشاردت" حيث اخفى قيمة التمثال الحقيقية بتغطيته بطبقة من الطين.
ومنذ إزاحة الستار عن عرض التمثال فى متحف برلين عام 1925، وهناك جدل واسع حول استرداد التمثال حتى يومنا هذا، والحكومات الألمانية المتعاقبة ترفض بشكل مستميت إعادة التمثال منذ أول طلب للحكومة المصرية بإعادة رأس الملكة المصرية فى عام 1924، حتى أنه فى عام 1925، أعلنت الحكومة المصرية حظر عمل البعثات الألمانية إن لم تعد رأس الملكة الفرعونية إلى مصر، لكن دون استجابة من الحكومة الألمانية وفى أثناء حكم أدولف هتلر رفض المستشار الألمانى حينها أى مخطط من شأنه عودة التمثال لمصر، ولعل هذا ما يكشف كذب إدعاء الجانب الألمانى فى حصوله على التمثال بطرق مشروعة، لأن فى تلك الفترة كان هناك قوانين تسمح بإهداء الحكومة المصرية القطع الأثرية كهدايا تذكرية، أو اقتسام الاكتشافات الأثرية الجديدة مع البعثات الأجنبية التى تعمل فى مصر، وهو الأمر الذى توقف مع إصدار قوانين عدة، الأول كان فى عام 1951 بهدف القضاء على تجارة الآثار، لكنه سمح بتبادل الآثار المكررة مع المتاحف والأشخاص وبيعها وحتى التنازل عنها للهيئات والأفراد المصرح لهم بالتنقيب، حتى جاء قانون الآثار رقم 117 لعام 1983، وتعديلاته فى عام 2010، الذى يجرم تهريب الآثار ويمنع بأى شكل من الأشكال إهداء القطع الآثرية او اقتسامها مع البعثات الأجنبية.
الجانب الألمانى أيضا رغم إصراره على قانونية احتفاظه بالتمثال الفرعونى ويرفض أى نقاش لعودة رأس زوجة اخناتون، إلا أنه أيضا لم يظهر أو وثيقة تؤكد حصوله على التمثال بشكل قانونى، سواء كان الأمر هدية من الجانب المصرى، او اقتسام للقطع الأثرية التى تعثر عليها البعثات الألمانية الأثرية فى مصر.
يبقى أن نشير إلى أن وزارة الآثار أكدت فى أكثر من مناسبة، استمرار محاولاته لاستعادة رأس الملكة نفرتيتى، حيث شدد على أن أى قطعة سرقت سيتم استرجاعها وفقا لآليات عمل الوزارة لعودة الآثار المهربة، خلال أوقات محددة، وأن الوزارة ستواصل جهودها من أجل استعادة رأس الملكة نفرتيتى من ألمانيا، لافتة فى الوقت ذاته إلى أنها أبدت تعاونا كبيرا مع المعارض والمتاحف الدولية الراغبة فى عودة الآثار المصرية، من خلال إعطائها معرضا لمدة عامين مجانا على أن تكون بعدها القطعة الأثرية خاصة بمصر.