فى الوقت الذى مالت فيه الكتابات المعنية بفلسفة الرياضة إلى اعتبار الرياضة ضرباً من المختبرات للنظريات الفلسفية المبتكرة للتعامل مع ألوان أخرى من المشكلات – كالمشكلات الأخلاقية أو الجمالية أو مشكلات التصنيف المنطقى – يقدم لنا ستيفن كونر فى هذا الكتاب فهماً فلسفياً جديداً للرياضة بشروطها الخاصة فى كتابه "فلسفة الرياضة"، الذى صدر ترجمته عن مشروع "كلمة" للترجمة فى دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبى للمترجم الصحفى طارق راشد عليان.
ويقول المترجم: إن أى كتاب للفلسفة يجب أن يفتح الباب على مصراعيه للنقاش والتأمل، وهذا بالضبط ما يفعله كتاب "فلسفة الرياضة"، فكونر لا يلقى بأفكاره هكذا جزافًا، بل يضمن أن يضطر القارئ إلى تدبر شيء محورى جدًا فى ثقافتنا ويشكك فيه ويمحصه. إن الرياضة لا تهيمن فقط على صناعة الترفيه لدينا، بل وعلى وسائل إعلامنا كافة. وسرعان ما يتجلى لنا أن الرياضة مجال واسع شاسع، وعليه فإن للكتاب مذاقاً رائعاً.
ولتعريف ماهية الرياضة، يقدم كونر هيكلاً كاملاً لها، واصفاً عناصرها الجوهرية، بما فى ذلك الأماكن المميزة لممارسة الرياضة، وطبيعة زمن الرياضة، وأهمية الأدوات الرياضية، كالمضارب والكرات، وطرائق الحركة أثناء ممارسة الرياضة، ودور القواعد والصُدفة، والمعنى الحقيقى للغش والفوز.
يتأمل كونر بشكل مثير للاهتمام ملعب كرة القدم باعتباره لوحاً للأشكال الهندسية، ويتفكر فى علة أن كون المرء فى الصدارة يعنى تفوقه زمانياً، و"كأنه حرك عقارب الساعة إلى الأمام"، ويتدبر المشاق الجسيمة التى يتحملها المعلق الرياضى الذى كثيراً ما يكون مثار سخرية، ويتأمل الجرى السريع باعتباره "المحاولة البهيجة للفرار من جاذبية كتلة الجسم"، وفائدة التفكير السحرى فى "تعقب" المضرب، ويتفكر فى كيفية تلاعب المرء بالكرات.
تُعرف الرياضات بأنها الألعاب التى تنطوى على مجهود بدنى وإرهاق جسماني، ومن ثم فإنها تتطلب فى الوقت عينه تقييداً وقدرة على تجاوز هذا التقييد. يقول كونر إن الرياضة سمة أساسية من سمات الإنسان الحداثى. فقد ثبت أنها واحدة من أقوى الطرائق التى يمكننا من خلالها إقامة علاقة بين الإنسان والعوالم الطبيعية.
إن كتاب "فلسفة الرياضة"، الذى يضم مجموعة كبيرة من الرياضات المختلفة، ويستشهد بفلاسفة أجلاء أمثال هيجل وفرويد وفيتغنشتاين وهايدغر وأدورنو وسارتر وأير ودولوز وسيريس، يعد مصدرًا رائعًا وممتعاً ومذهلاً للرياضيين المتأملين ولفلاسفة الرياضة على حد سواء.
المؤلف ستيفن كونر، أستاذ الأدب الحديث ونظريته بقسم الآداب والعلوم الإنسانية، كلية بيركبيك، جامعة لندن، ومن أهم أعماله "كتاب الجلد" (The Book of Skin) و"الحشرة" (Fly) و"مادة الهواء" (The Matter of Air)، وجميعها من إصدار دار نشر ريأكشن.
مترجم الكتاب هو طارق راشد عليان، باحث ومُعد فى مركز الأخبار بتلفزيون أبوظبي. عمل محرراً ومترجماً بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وهو كاتب ومترجم فى مجلة العربى ومجلة الثقافة العالمية. ترجم وراجع العديد من الكتب فى مشروع "كلمة" بأبوظبي، والمركز القومى للترجمة، وعالم المعرفة منها: (أمة من العباقرة) (الإضطراب المناخي)، (عندما يضل العلم الطريق)، (عندما يسقط العمالقة: خريطة طريق اقتصادية لنهاية العهد الأمريكي" كما عمل صحفياً ومترجماً لدى العديد من الصحف العربية والدولية والمواقع الإلكترونية