"إن كبر ابنك خاويه وإن زعل ابنك داديه"، هذا ما توارثته الأجيال جيلا بعد جيل، وإذا ما سمعت الأذن كلمة عقوق فإن أول ما يترآى للأذهان هو عقوق الوالدين دون أن يدرى الكثير أن هناك عقوقا من الآباء للأبناء تعج به محاكم الأسرة، وأن هناك من لا يتقى الله فى أولاده فلا يخاوى ولا يدادى مثلما قال المثل الشعبى وعمل بذلك كل الآباء على مر العصور.
وتختلف مشكلات الأبناء مع الآباء ما بين أب ترك أبناءه بدون نفقة، أو أب تزوج زوجة ثانية وأجبر أبناءه على العيش معها، أو أب بخيل حمل أبناءه المسئولية بقسوة منذ نعومة أظافرهم وأخبرهم أنهم مسئولين عن أنفسهم فى الإنفاق قبل أن يحدث فطامهم، حتى وصل عدد قضايا صراعات الأبناء ضد الآباء لـ2000 قضية فى محكمة أسرة أسيوط.
فالقانون أعطى الأم حق الحضانة فقط من اجل مصلحة الأبناء لا من أجل راحة الأم وتعبها بعد رحيل الأطفال لأبيهم، ولذلك تعتبر الأم هى الأكثر رعاية وإشرافا على الأبناء فى نطاق تأدية واجباتها نحوهم وحفاظا عليهم بحب وحنان، ولكن دور الأب فى رعاية أبنائه والكفاح من أجلهم هو الواجب المنوط به والمكلف به أمام الله، فقال "النبى"- صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
فإذا تخلى أحدهم عن دوره ومسئوليته اختلت كفتا الميزان وبالتالى يحدث خلل فى نواميس الكون التى كلفنا الله بها، هناك نماذج عديدة بين أروقة محاكم الأسرة حررها أبناء ضد آبائهم طالبوهم فيها بممارسة دور الأبوة.
"ضياء" فى قضية إنفاق ضد والده: أجبرنى على العمل فى عمر الـ5 سنوات وقال لى تحمل مصاريفك رغم أنه مليونير
فى قضية مثيرة للدهشة نظرتها محكمة الأسرة بعد أن قام طالب جامعى فى الفرقة الرابعة بكلية الطب بمطالبة والده بالإنفاق عليه وشقيقته التى تدرس بكلية الآداب.. وقال "ضياء.ر.ح"، 22 عام أن والده يعمل رجل أعمال وتزوج والدته منذ ٢٤ عاما وأنجب منها شقيقته الصغرى وهو فقط وكان دائم الشجار مع والدته حول الإنفاق على أبنائه رغم أنه ميسور الحال وكان وقتها يمتلك أكثر من مشروع ولديه عدد من الحسابات البنكية وحينما بلغ ضياء الـ ٥ سنوات أجبره على النزول للعمل فى ورشة خراطة حتى يتحمل نفقاته.
وفى الدعوى رقم 282 أسرة 2019 قال ضياء إن والدتهم تحملت وعانت كثير وألحقتهم بالمدارس وتداينت من اشقائها وكانت كلما اعترضت على نزول صغيرها للعمل يقوم والده بضربها حتى لجأت الام بعد كل هذا الضغط للانفصال الذى اجبرها فيه على التنازل على كل شيء من اجل طلاقها وبالفعل تم التنازل وانتهى الامر بتربية الطفلين فى منزل الجد وقام الاخوال والجد بالإنفاق عليهما وتربيتهما حتى وصلا إلى المرحلة الجامعية والأب لا يعلم عنهما شيئا حتى توفى الجد الذى كان مكلف بالإنفاق وبعدها توفت الام التى كانت تجاهد من اجل توفير مصروفاتهم ونفقاتهم فما كان من الابن والابنة إلا أنهم قاموا بإثبات ما استطاعوا اثباته من دخل والدهما وطالبوه بتحمل نفقاتهم بعد تركهما كل هذا العمر.
سمر فى دعوى ضد والدها وزوجته طلق أمى وأجبرها على تركى وأذاقتنى زوجته الأمرين
يبدو أن صاحبة الـ ٢٤ عاما فاض بها الكيل فخرجت عن صمتها وانفجرت وأعلنت رفضها لحكم قراقوش الذى سنه والدها وطبقه عليها بلا شفقة أو رحمة.
"فقال أحدهم مرة لجحا مرات أبوك بتحبك يا جحا فقال تبقى اتجننت"، وفى الدعوى القضائية رقم 456 أسرة لسنة 2018 قالت " سمر، م، م " انها سئمت حياتها وأصبحت تعيش كالسندريلا قبل أن تقابل الأمير، فطلق والدها والدتها وهى تبلغ من العمر ٤ سنوات وأجبرها على الاحتفاظ بالطفلة أو عدم إنفاقه عليها، فما كان من الأم التى قررت هى الأخرى أن تتزوج وتعيش حياتها إلا أنها تركت الطفلة للأب الذى تزوج زوجة ثانية وبدأت حياة الطفلة تنقلب إلى خادمة، فبدلا من لعبها بالألعاب أصبحت تجيد غسيل الأوانى وتنظيف المنزل، وبعد عام من زواج والدها أنجبت زوجة أبيها طفلة أخرى فازدادت التفرقة وأصبحت سمر تعامل بقسوة أكثر، حتى أنجبت زوجة أبيها الطفلة الثانية وكانت سمر قد بلغت من العمر ٧ سنوات تحولت حياتها إلى جحيم مابين عدم إنفاق والدها عليها، وإهمالها، وقيام زوجة الأب بتحميلها فوق طاقتها جميع أعمال المنزل بلا شفقة أو رحمة، حتى أنهما أنهيا تعليمها عند المرحلة الإعدادية حتى ترعى مسئولية المنزل والأختين وزوجة الأب، وحينما بدأ الخطاب فى طرق الباب رفضت زوجة الأب زواجها معللة ذلك بأنها من تقوم بخدمة البنتين ولا زواج لها الآن حتى بلغت سمر الـ ٢٤ عاما، قررت الخروج عن الصمت ورفض التحمل وبمساعدة خالها قاضت والدها وزوجته وأقرت أمام المحكمة بعدم إنفاق والدها عليها وتحملها مشاق تفوق مقوماتها الجسدية والعمرية منذ أن كانت طفلة، وأثبتت حرمانها من استكمال تعليمها.
خالد يبحث عن إثبات نسبه لوالده منذ 9 سنوات
وعلى غرار قضية زينة وأحمد عز، رفض أب الاعتراف بنجله من زوجته بعد أن تزوجها عرفيا وطلقها شفهيا وحينما طالبته الزوجة بإثبات نسب الابن أو إجراء تحليل للتأكد أنه نجله سافر خارج البلاد وترك الابن يعانى قسوة الحياة بدون سند.
فقالت "سعاد.م" والدة "خالد" فى الدعوى رقم 122 / 2018 إنها تزوجت عرفيا منذ 10 أعوام لظروف خاصة، وبعد زواجها بعدة أشهر اكتشفت حملها فطالبت زوجها بعقد قران رسمى أو إنهاء الحمل فطالبها بالاحتفاظ بالجنين وقبل الولادة بأيام طلقها، وحينما طلبت منه تسجيل الطفل باسمه رفض الاعتراف به فقامت برفع دعوى نسب حملت رقم 1454 أسرة لسنة 2010، وطلبت المحكمة إجراء تحليل ال دى إن إيه لإثبات نسب الطفل من عدمه إلا أن الزوج سافر خارج البلاد رافضا إجراء التحليل والاعتراف بالابن.
ولا تزال القضية عالقة بين أروقة المحاكم دون إثبات قيد أو نسب دفع ثمنها الابن الذى شب فى الدنيا فلم يجد السند والظهر ولكن وجد إنكار نسب وقهر.
حسام حرمه أبوه من ميراثه فى أمه وطرده خارج المنزل
وفى الدعوى رقم 1796 أسرة لسنة 2018 قال " حسام، ع،ع" ٢٢ عاما أنه لم ير من والده خيرا قط منذ أن أتى للوجود، وأن والدته كانت تنفق عليه من مالها الخاص وميراثها من جده، وبعد أن توفت والدته تزوج والده قبل أن تكمل والدته شهرين من تاريخ الوفاة، على الرغم أن والدته كانت تنفق على المنزل وعلى والده أيضا، وقام بطرده من المنزل، فطالب حسام بنصيبه من ميراثه فى والدته ليرفض الاب وقال له: "نصيبك اتصرف عليك وعلى تعليمك من زمان"، وأقر حسام بما جاء فى عريضة الدعوى وقدم صورة ضوئية من شهادة الميلاد وشهادة وفاة والدته وحساب بنكى وصور ضوئية من عقود أملاك باسم والدته.
ومن جهته قال محمود على الأخصائى النفسى بمحكمة الأسرة أن حالات عقوق الأبناء بمحاكم الأسرة تشكل ما يزيد من الفى قضية سنويا، وان المحكمة تنظر دعوات من مراكز ومحافظات متفرقة طبقا لإقامة الزوجة أو الأبناء وتمثل قضايا الأبناء ضد الآباء الجانب الأكثر صعوبة فى عمل مكتب تسوية المنازعات، فأحيانا كثيرة يرفض الآباء الحضور إلى المكتب للتصالح وتسوية النزاع، وأحيانا يقوم الأب بضرب ابنه أو ابنته أمام أعضاء المكتب والقاضى ولكن عادة ما تحكم المحكمة لصالح الأبناء خاصة فى قضايا النفقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة