يصادف اليوم الأربعاء الذكرى الخمسين لإحراق المسجد الأقصى المبارك، عندما أقدم اليهودى المتطرف مايكل دينيس على إشعال النار عمدًا فى الجناح الشرقى للمسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فأتت النيران على كامل محتويات الجناح بما فى ذلك منبره التاريخى المعروف بمنبر صلاح الدين، كما هدّد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.
ومن ضمن المعالم التى أتت عليها النيران، فى مثل هذا اليوم من عام 1969، مسجد عمر الذى كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثّل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مدينة القدس وفتحها، إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا، وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدّة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذى سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودى مع القوس الحجرى الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها.
حريق المسجد الأقصى
كما تضرّرت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافذة فى المسجد مصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
واستطاع أبناء الشعب الفلسطينى آنذاك إنقاذ ما تبقّى في المسجد الأقصى قبل أن تجهز عليه النيران، بعد أن هرعت مركبات الإطفاء من مدن الخليل، وبيت لحم ومناطق مختلفة من الضفة والبلديات العربية لإنقاذ الأقصى، رغم محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلى منعها من ذلك، وقطعها المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد فى يوم الحريق نفسه، كما تعمَّدت مركبات الإطفاء التابعة لبلدية الاحتلال بالقدس التأخّر، حتى لا تشارك فى إطفاء الحريق.
وأثار إحراق المسجد الأقصى من قبل المتطرف ردود فعل كبيرة عند العرب والمسلمين، حيث أدّى فى اليوم التالى للحريق آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصى، واشتعلت المظاهرات بالمدينة المقدسة، وكان من تداعيات الحريق عقد أول مؤتمر قمة إسلامى فى الرباط بالمغرب، وإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامى التى تضم فى عضويتها جميع الدول الإسلامية.
أما الاحتلال وبعد إلقائه القبض على الجانى، وجد له مبرّرا وهو الجنون"، ليسافر إلى مسقط رأسه أستراليا، بعد أن مكث فترة قصيرة فى مستشفى للأمراض النفسية قرب عكا، وتولّت لجنة إعمار المسجد الأقصى التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية إزالة آثار الحريق الذى تعرّض له المسجد الأقصى وترميمه وإعادة صنع منبر صلاح الدين الأيوبى، من خلال فريقها الفنى المتكامل الذى بدأ عمله مطلع عام 1970م.
وبهذه المناسبة، أكدت دائرة الأوقاف الإسلامية بمدينة القدس المحتلة، أن المخاطر التى تتهدد المسجد الأقصى فى ازدياد، بعد مرور خمسين عامًا على ذكرى حريقه، وقالت الأوقاف فى بيان لها، بعد مرور خمسين عاماً على الحريق المشئوم تزداد المخاطر التى تتهدد الأقصى بنياناً وإنشائها، فالحفريات الإسرائيلية فى محيط المسجد الأقصى المبارك تهدد مبنى المسجد الأقصى وجدرانه وسائر منشآته.
وأضافت، أن الأنفاق التى تحفرها السلطات الإسرائيلية فى البلدة القديمة من مدينة القدس، هددت وتهدد المدارس الأثرية التاريخية الإسلامية، وتهدد سلوان ومسجد سلوان والبيوت الإسلامية فى سلوان، والبؤر الاستيطانية التى تزرعها سلطات الاحتلال فى مختلف أرجاء المدينة المقدسة، تهدد الوجود العربى الإسلامى فى القدس"، وبينت الأوقاف أن الاحتلال يستعمل كل الوسائل الإجرامية فى سبيل إخراج أهل القدس من مدينتهم.
وتابعت " تزوير الوثائق يتم فى أروقة المحاكم ومكاتب المحامين بدعم من سلطات الاحتلال، وأعمال البلطجة تتم فى وضح النهار وتستهدف المجاورين للحرم القدسى قبل غيرهم، ومجموعة الكنس التى زرعتها وتخطط لزراعتها فى منطقة الواد فى محيط المسجد الأقصى المبارك تستهدف كل وجود عربى إسلامى فى القدس، ومنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى يستهدف تفريغ المسجد من المسلمين، وجعله متحفاً أثرياً لزيارة الغرباء".
ولفتت فى بيانها، أن سلطات الاحتلال تواصل عرقلة أعمال الترميم الضرورية فى المسجد الأقصى، وفرض القوانين الإسرائيلية عليه وسلب الأوقاف الإسلامية صاحبة الحق الشرعى فى صيانته وترميمه وإدارته.
وانتقدت الأوقاف صمت العالم دون تحريك ساكن حيال الانتهاكات الإسرائيلية فى المسجد الأقصى، والتى تكتفى ببيانات الشجب والاستنكار.
ولفتت إدارة الأوقاف إلى الموقف النبيل الذى يقفه الأردن الهاشمي، الذي يرعى المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس الشريف وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
وأكدت الأوقاف، أن حماية المقدسات بالقدس هى أولوية هاشمية توارثها ملوك بنى هاشم، وآخرها وصاية ورعاية جلالة الملك عبد الله الثانى ابن الحسين على هذه المقدسات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة