"حضرت عرضا لمسرح مصر بالعاصمة ولم أركز فى القصة ولا الرواية المسرحية أكثر من التفكير فى حرمان أبناء الأقصر والصعيد من تلك الليالى الساهرة المكتظة بالضحكات والبسمات على مسرح يقدم لوحات جميلة من الفن المندثر فى جنوب الصعيد بصورة كبيرة، ومن تلك الليلة قررت المضى قدماً فى حلمى بإنشاء أول مسرح يقدمه شباب الأقصر والصعيد بأنفسهم، وبالفعل نجحت والحلم أصبح حقيقة وقدمنا أول عروضنا على مسرح قاعة المؤتمرات الدولية بكورنيش النيل بعنوان عائلة مدبولى، وحضرها أكثر من 1000 مواطن من الرجال والسيدات والشباب والفتيات والأطفال من أبناء الأقصر".. بتلك الكلمات قدم الشاب محمد يوسف البالغ من العمر 25 سنة أول عروضه المسرحية برفقة صديق عمره أحمد عبد الجواد الحاصل على ماجستير فى القانون ومؤلف العرض برفقة صديقه.
ويقول الشاب الأقصرى محمد يوسف فى لقاء لـ"اليوم السابع"، إنه سعيد للغاية بتحقيق أولى خطوات حلمه بوجود مسرح لأبناء الصعيد، ويتمنى أن تسانده كافة الجهات الحكومية والمسئولين بالمحافظة لاستكمال عروض المسرحيات التى يخطط لتقديمها وعرضها للجمهور بالمجان تمامًا، موجهاً الشكر لجميع من ساندوه فى خروج المسرحية الأولى للنور، بداية من والده ووالدته الذين قدموا له الدعم ووفروا الديكور اللازم للمسرحية من "أنتريه وتليفزيون" من منزلهم لدعم ابنهم ومسيرته الفنية، كما حصل على دعم كبير من كل من شيرين النجار رئيس مجلس إدارة جمعية ساهمت فى إنهاء كافة الموافقات لتقديم العرض على مسرح قاعة المؤتمرات الدولية بكورنيش النيل، والفنان أحمد الجمل الذى ساعدهم بخبراته الفنية والمسرحية الكبيرة فى إنجاح العرض الأول لهم.
وعن بداية الفكرة لخروج مشروع المسرح "تياترو الصعيد" بالأقصر، أكد الفنان الأقصرى محمد يوسف أنه حضر عرض بدعوة من صديقه الفنان مصطفى خاطر أحد نجوم مسرح مصر، وعندما شاهد العرض أحب الفكرة وتفاعل الجمهور مع الممثلين على المسرح بصورة مميزة وسعادة لا توصف، فقال لنفسه: "ليه ميكونش عندنا مسرح مبهج كوميدى فى بلادنا والصعيد كله"، ومن هنا كانت بداية التخطيط للمشروع وهو "تياترو الصعيد"، وعندما عاد للأقصر توجه برفقة صديقه أحمد عبد الجواد، إلى أكثر من جهة حكومية للمساهمة فى إخراج الفكرة للنور وللشارع الأقصرى لكن دون دعم وكان يقابل بالمزاح والاستهزاء لكونه صاحب فكرة قصة العرض الأول بعنوان "عائلة مدبولي" مع صديقه أحمد عبد الجواد وتأليف الفنان محمد الغول أحد أبطال العرض معهم، وبعد تعثره فى الحصول على الدعم من مسئولى الجهات المختصة بتلك الفنون المسرحية بالأقصر، اقترح عليه أحد المحبين للمشروع بالتحرك والدخول بجهة حكومية أخرى وهى المؤسسات والجمعيات الخيرية، وبالفعل قدم باسم جمعية إيزيس للتنمية بقيادة شيرين النجار التى قدمت لهم الدعم فى كل خطوة كانوا يسيرون بها لإنجاح العرض والمساهمة فى إضفاء البهجة على وجوه أبناء الأقصر، كما ساعدهم كثيراً فى كل خطوات العمل الفنى بالمسرحية الفنان أحمد الجمل إبن المحافظة.
وعن قصة المسرحية الأولى التى لاقت إعجاب الجمهور وتفاعلوا معها بصورة كبيرة، يقول الفنان محمد يوسف: "فكرة المسرحية عائلة مدبولى تدور حول أهمية التعليم كخطوة أساسية فى الحياة بجانب الاهتمام بالهوايات والفن والرياضة وخلافه، وكان هدف المسرحية حب الأب ودعمه فى مسيرتهم بالتعليم والالتفات لدروسهم والمساهمة فى إدخال البهجة والسرور على أسرتهم بالنجاح والتفوق بالتعليم، وألقى هدف المسرحية فى النهاية طفل 7 سنوات من أبطال المسرحية"، مؤكداً أنه بعد نجاح العرض الأول للمسرحية بالأقصر وصلتهم عدد من الطلبات باستضافة العرض فى محافظات قنا وأسوان وغيرها لتقديم تلك العروض فى مدنهم وأبناء بلدتهم، موضحاً أن اسم مشروعهم "تياترو الصعيد" فهو لخدمة كافة أبناء الصعيد وليس الأقصر فقط ومن يحتاجهم لتقديم عروض فى بلادهم هم جاهزون فوراً لخدمة محافظات الصعيد بأكملها.
ويؤكد الفنان محمد يوسف، أن المسرح يحتاج العديد من المواهب الشابة فى الصعيد فلا يجب أن يقتصر على عروض قصور الثقافة أو مراكز الشباب فقط، ولكن يجب التحرك والعمل خارج الصندوق لإثراء تجربة المسرح بصعيد مصر، كما هو الحال بالنجاح الضخم الذى يتحقق فى العاصمة على يد المخرج العظيم خالد جلال، والفنان الكبير أشرف عبد الباقى ونجوم مسرح مصر، وغيرهم ممن يحيون المسرح بالوجه البحري، مشدداً على أن عرضهم الأول كان مسرحية خفيفة تقدم هدف أسمى وهو الإهتمام بالتعليم والدراسة بجانب ممارسة الهوايات اليومية، وقدموا المسرحية فى ساعة ونصف وسط سعادة وثناء كبير من الجمهور الذى أحب تقديم عروض مسرحية كوميدية بلهجة أبناء بلادهم من الصعايدة الذين يختلفون بلهجتهم الصعيدية عن غيرهم بالوجه البحري، مناشداً جميع المسئولين بتقديم الدعم لهم لاستمرار عملهم مستقبلاً حيث إن الجمهور الذى زاد عدده عن 1000 مواطن وسعة القاعة لا تتعدى 600 كرسى فقط والجميع خرج سعيد للغاية بتلك التجربة وأشادوا بها وطالبوا باستمرارها لإدخال الضحكة على قلوبهم مستقبلاً.
أما الفنان أحمد عبد الجواد صاحب فكرة "تياترو الصعيد" مع صديقه محمد يوسف، أنهما ظلا فترة طويلة يخططان لهذا المشروع المسرحى الذى سيعيد المسرح الشبابى الكوميدى للصعيد، وبالفعل بعد فترة من العمل الجاد وتأليف أول عروضهم المسرحية "عائلة مدبولي" وفقهم الله للنجاح الكبير بالحضور الجماهيرى الذى فاق كل توقعاتهم، حيث أن قاعة المؤتمرات تتسع لـ500 شخص وكان الحضور مكتظين بطرقات وسلالم القاعة باكثر من 1000 شخص وهو توفق كبير من الله بعد المجهود الذى بذل فى نجاح تلك الفكرة والمشروع المسرحى الجديد بالأقصر لخدمة أبناء الصعيد بالكامل مستقبلاً.
ويضيف الفنان أحمد عبد الجواد أنه حاصل على ماجستير فى القانون لـ"اليوم السابع"، أنه من أهم الصعوبات التى واجهتهم هى كيفية تشكيل فريق فنى يقدم عروضهم المسرحية للجمهور بصورة كوميدية ساخرة وهادفة فى الأساس، ونشروا على صفحة "تياترو الصعيد" مسابقة لإجراء اختبارات لاختيار مجموعة تشاركهم فى تقديم العروض وحصلوا بالفعل على عشرات الطلبات للتقدم ومشاركتهم، وقام بإجراء الاختبارات تارة فى مكتبه وتارة أخرى فى مكتب مؤسسة شيرين النجار، وتم الوقوف على أبرز تلك المواهب للتدريب على العرض الأول، وفوجئوا بالمحبة الكبيرة من أبناء مركز شباب البعيرات لاستضافة بروفات العرض المسرحى الأول لهم بحفاوة كبيرة، وساعدوهم كثيراً فى تحفيظ الفريق الفنى كافة جوانب العرض لتقديمه للجمهور، وبالفعل قدم الجميع أدوارهم على أكمل وجه وكان العرض ناجح للغاية، موجهاً الشكر لكل من ساعدهم فى النجاح بالخطوة الأولى فى مشروعهم ومؤكداً على الاستمرار ومواصلة تقديم عروض أفضل خلال الفترة المقبلة.
ويؤكد الفنان أحمد عبد الجواد، أنهم استطاعوا تشكيل فريق مميز من شباب الممثلين بالثقافة وغيرهم من أبناء الأقصر فقط ورفضوا دخول أى شاب أو ممثل من الوجه البحرى ليكون فريقهم صعيدى خالص، حيث إنهم أجروا اختبارات لأكثر من 500 ممثل من أبناء الصعيد، واختاروا منهم 20 شاب وفتاة وطفل ليكونوا القوام الرئيسى لـ"تياترو الصعيد"، وتم بالفعل تقديم عرض "عائلة مدبولى" تأليف الفنان محمد الغول إبن مدينة أرمنت والذى اجتاز اختبارات التمثيل رغم بلوغه سن الـ40، ولعب بالمسرحية دور الأب الموظف ضعيف الشخصية الذى يخاف من زوجته وذلك فى قالب كوميدى ساخر، وكان يخاف أيضاً من أبنائه الـ5 وهم "هنداوي" وقدمه محمد يوسف مصاحب فكرة تياترو الصعيد، و"كروان" وقدمه بنفسه والذى كان يحلم بالنجومية فى الغناء وهو لا يجيد الغناء من الأساس، و"هيما" لاعب كرة القدم الذى قدمه "حسين الطيري"، والابنة وقدمته "حلا نصر" وكانت تحب شاب بالمسرحية لا يعرف للمسئولية طريق وظلت تعذب والدها معها، أما دور الطفل الملتزم الذى يذاكر دروسه ويطلق هدف المسرحية فى النهاية، فقدمه الطفل "يحيى محمد" 8 سنوات، وجسد دور البواب بالمسرحية "الشاب كيرلس"، ودور الطبيب النفسى قدمه الشاب "رامز ثابت"، ودور الجزار قدمه "إسلام النوبي"، ودور الصعيدى سعاد قدمته الفتاة "نورهان أحمد"، ودور حميدة قدمه الشاب "سعيد فراج"، ودور ناردين قدمته الممثلة "ناردين"، كما شارك بالعرض كل من "محمد جنينة – محمد النوبى – حماد نبيل – ضياء مؤمن – يحيى الزعيم"، قائلاً فى نهاية حديثه: "وبفضل الله أعلن هؤلاء الشباب عن مولد أول فريق مسرحى شبابى بالأقصر ومستمرون حالياً فى تقديم المزيد والمزيد لأبناء الصعيد".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة