هل يمكنك تحديد المجرم بمجرد النظر إليه؟.. كانت هذه الفكرة مطروحة بشدة فى آواخر القرن التاسع عشر، حيث ناقش بعض الباحثين فى الولايات المتحددة وأوروبا بجدية ما إذا كان لدى المجرمين ميزات محددة تفصلهم عن غير المجرمين، وعلى الرغم من عدم وجود بيانات علمية تدعم فرضية أن المجرم يظهر إجرامه منذ مولده، إلا أنها هذه المسألة لعبت دوراً فى تشكيل المجال الذى يعرف الآن باسم "علم الإجرام".
ناقش "سيزار لومبرسو"، المعروف بكونه "أبو علم الإجرام"، هذه الفكرة فى أوائل سبعينيات القرن التاسع عشر، وذلك أثناء فحص جثة "جوزيبى فيليلا" الذى دخل السجن بتهمه السرقة والحرق عمداً، وقال سيزار لومبرسو: "إن هناك مسافة كبيرة ظهرت على جمجمته، وأعتقد أنه تشبه تلك الموجودة على جماجم القرود التى تستنسخ الغرائز الشرسة للإنسانية البدائية"، وجاء ذلك بحسب ما ذكر موقع "هيستورى".
وأوضح لومبرسو أن هذه المميزات تتوافق مع حب العربدة والشغف الذى لا يقاوم الشر، والرغبة ليس فقط فى القتل لكن فى تشويه الجثة وتمزيق جسدها وشرب دمها.
وأدت أفكار لومبرسو إلى التحول الكبير فى كيفية نظر العلماء والسلطات الغربية إلى الجريمة، ففى السابق اعتقد العديد من مفكرى التنوير أن البشر قاموا باختيارات بشأن انتهاك قانون إرادتهم الحرة، لكن لومبرسو قدم نظرية مفادها أن جزءًا كبيرًا من المجرمين لديهم إجرام فطرى تصعب مقاومته.
وركز أتباع هذه المدرسة الفكرية الجديدة على القضاء على "المجرمين المولودين" من المجتمع بدلاً من السعى لإصلاحهم، ورغم ثبات خطأ هذه الفرضية إلا أن تأثيرها ما زال محسوسًا فى المناقشات الحديثة حول دور الطبيعة مقابل التنشئة.
ما كان يفعله لومبرسو هو الجمع بين علم الأصوات وعلم الفراسة، وزُعم أن ذلك يشرح شخصية الإنسان وسلوكه بناءً على جمجمته وملامح وجهه، وبالتوالى استخدم الرجال البيض هذا الكلام فى صناعة نوع من العنصرية.
ومثل سابقيه، اعتمد لومبرسو أيضًا على الصور النمطية العنصرية "الجفون المائلة، وهى خاصية منغولية" و"إسقاط الوجه السفلى والفكين" وجدت فى الزنوج، كانت بعض الميزات التى أشار إليها كمؤشر على الإجرام.
ويقول "لومبرسو": "بشكل عام يشتهر اللصوص بوجوههم التعبيرية وبراعتهم اليدوية، وعيونهم المتجولة الصغيرة التى غالباً ما تكون مائلة الشكل، وحواجب كثيفة وقريبة، وأنوف مشوهة أو مضغوطة، ولحية رقيقة، وجبهة مائلة، أما المغتصبون فغالبًا ما يكون لديهم آذان إبريقية ولديهم عيون لامعة وتورم بالشفاه وبالجفون".
ومن جانبها قالت ديانا براثيريك، محامية جنائية متقاعدة حاصلة على درجة الدكتوراه فى علم الإجرام: "إن لومبرسو كان مؤثرًا للغاية، كان أول شخص يجعل الجريمة والمجرمين مجالًا محددًا للدراسة، ولهذا السبب أطلق عليه اسم أبو علم الإجرام الحديث"، وأوضحت: "لقد كان أيضًا أول شخص يكتب عن جريمة الإناث".
جدير بالذكر أن لومبروسو كان يدرس الطب النفسى وعلم الأمراض العصبى والأنثروبولوجيا فى جامعة بافيا، وأصبح أستاذًا للطب الشرعى فى جامعة تورينو، وكان يعتبر سلطة فى بلده.
ابو علم الاجرام
المجرمين 2
المجرمين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة