تناول القرآن الكريم قصة "يوسف" عليه السلام التي جرت تفاصيلها في مصر، واصفاً إياها بأنها "أحسن القصص"، فيما وقع خلاف حول مكان وأحداث قصة يوسف، ورجحت المراجع والكتب، أن تفاصيلها جرت في مدينة "منف"، أو "العزيزية" التي لقبت بهذه الاسم نسبة لعزيز مصر، والتي تقع فى محافظة الجيزة.
"اليوم السابع"، أجرى معايشة ميدانية، داخل العزيزية "أرض الأنبياء" كما يطلق عليها الأهالي، والتي كانت شاهدة على العديد من الأحداث والقصص التي كانت عبرة لأولى الألباب.
الرحلة لم تكن سهلاً، والوصول للمكان لم يكن بالأمر اليسير، فمجرد وصولك قرية "العزيزية"، وسؤالك عن مكان "تل العزيز"، تجد أنك تسير على طريق ترابي، عرضه لا يتخطى المترين، بجواره بعض المنازل البسيطة المتراصة، وعلى الجانب الآخر تجد بعض الزراعات.
أحجار أعلى تل العزيز
بعد رحلة تستمر نحو ربع ساعة بالسيارة، تقف أمام تل كبير من التراب، فأنت الآن أمام "تل العزيز"، حيث كان يقام قصر "العزيز هنا"، صعدنا التل الترابي المرتفع لنحو أكثر من 15 متر، حيث تبدو المنازل أقل حجماً في الأسفل، وتظهر زروع النخيل على مسافات بعيدة، ويوجد أعلى التل قطع من الحجارة الصلبة، بعضها على أشكل زهرة اللوتس، يقول الأهالي أنها من بقايا القصر.
أعلى التل تجد بعض الحفر، كما أن الأهالي يؤكدون أنها بقايا "صوامع" الغلال، التي كان يتم حفظ فيها الغلال في السبع سنوات العجاف للتغلب على الجوع والجفاف، بحسب نصيحة يوسف عليه السلام.
محرر اليوم السابع بالعزيزية
ويقول "محمد على" أحد سكان المنطقة، أن هذه الصوامع انهارت بسبب عوامل البيئة وسقوط الأمطار المتكررة، وعثر الأهالي قديماً على بعض حبوب القمح كبيرة الحجم، وتم زراعتها، إلا أنها لم تنبت.
أغنام بتل العزيزية
يقول جمعه طوغان من أهالي المنطقة، وأحد هؤلاء المهتمين بتاريخ القرية، وصاحب كتاب "مدينة منف"، أن القرية سميت بـ "تل العزيز" نسبة لعزيز مصر، الذي ذكر في القرآن في قوله تعالى "وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه"، كما أطلق على سيدنا "يوسف لقب "العزيز" عندما تم تعيينه وزيرا للملك بمصر، كما قال تعالى "فلما دخول عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا"، والأرجح أن قرية العزيزية ـ حيث تل العزيز ـ سميت بهذا الاسم نسبة إلى عزيز مصر "يوسف" عليه السلام حسب ما توارثه الأحفاد عن الأجداد في القرية، وذكر القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى عن منف، قال :"وفي شمال هذه المدينة بلدة صغيرة تعرف بالعزيزية، يقال إنها كانت منزل العزيز وزير الملك، وهناك مكان على القرب منها يعرف بزليخا، وفي غربها إلى الشمال في سفح جبل مصر الغربي سجن يوسف عليه السلام".
بقايا أحجار بتل العزيزية
وأضاف "طوغان" في حديثه لـ"اليوم السابع"، أنه في هذا المكان سجد أخوة يوسف له، وجرت العديد من الأحداث التي تناولها القرآن الكريم في سورة يوسف.
وأردف "طوغان"، أنه يوجد أيضاً منطقة تسمى بـ"أحواض زليخا" واسمها الحقيقي راعيل بنت رماييل، والتي كانت تنزل بها للاستحمام برفقة الفتيات، إلا أن هذه الأحواض مع مرور الوقت جفت، وتمت إقامة مباني عليها، لافتاً أن هناك تخوف من زحف المباني على هذه الأراضي المباركة التي تشهد العديد من الأحداث التاريخية.
مباني مخالفة بمحيط تل العزيزية
الملفت للانتباه، أنه خلال رحلتنا بالمكان، تبين عدم وجود أية عناية بهذه الشواهد الأثرية والتاريخية من قبل الجهات المعنية، سواء من وزارة الآثار أو محافظة الجيزة، فلا يوجد سوى سور تقليدي يحيط بتل العزيز تم إقامته حديثاً، ولكن لا يوجد طريق ممهد للوصول للمكان، أو دعاية له لزيارة الأجانب والمصريين له، فضلاً عن عدم حمايته من زحف العمران عليه وبناءً منازل بطريقة عشوائية تشوه المنظر الجمالي للمكان، كان أبرزها إقامة كافتيريا بمحيط المكان، تذيع أغاني المهرجات والـ"دى جي" على أرض الأنبياء.
بقايا الصوامع بتل العزيز
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة