تعتبر "الوكالة" في حقيقة الأمر هى المفهوم القانونى الذى تكون بواسطته تصرفات وأفعال شخصٍ ما بالنيابة عن شخص آخر مشروعة، أو تخويل شخص ما بدلاً عنه في القيام بها، وتم الاعتراف بالوكالة في مسائل الزواج والطلاق، وللأسف الشديد تقع العديد من الأزمات بين الأشخاص سواء البائع أو المشترى أو غيرهما تتسبب في كوارث من الناحية الواقعية والعملية بشأن التوكيل بالبيع للنفس أو للغير.
أزمات التوكيل والثقة الزائدة
تلك الأزمات تتكرر بشكل ملحوظ وأشكال مختلفة في الواقع العملي أثناء شراء شقة أو سيارة أو عقار في الوقت الذى تعرف فيه الوكالة بالعلاقة القائمة بين شخصين هما المدير والوكيل، حيث يرسل المدير وكيله للعمل بالنيابة عنه، سواء للقيام بعمله الخاص، أو إدارة أعماله، أو بيع منتجه، من خلال التعامل مع طرف آخر ثالث، ويكون الوكيل عادةً قادراً قانونياً على التصرف مع الطرف الثالث، وبالتالي فإن العقد الموجود ينطوي على علاقة مزدوجة، وهو الذي يحكم العلاقة بين المدير والوكيل من خلال تفويض الوكيل وفرض واجبات معينة عليه اتجاه المدير، وتبقى صلاحيات الوكيل ضمن العقد والشروط التي وقع بها مع مديره أو موكله.
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية في غاية الخطورة تهم ملايين المتعاملين بالتوكيل الخاص بالتصرف بالبيع سواء بين رجال الأعمال والمستثمرين وبعضهم البعض أو بين التّجار أو حتى بين الأقارب وبعضهم البعض، وتتمثل تلك الإشكالية في السؤال.. مدى جواز استخدام التوكيل الخاص بالتصرف بالبيع أكثر من مرة وهل الوكالة الخاصة تنتهي بإتمام التصرف وهل يجوز استخدامها مرة أخرى؟ - بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض يحيى جاد الرب.
الوكالة سلطة ظاهرية فحسب
في البداية – يجب أن نعلم أن السلطة التي يحصل عليها الوكيل للقيام بشئون الموكل هي سلطة ظاهرية فحسب، وقد تم الاعتراف بالوكالة في جميع النظم القانونية الموجودة حديثاً، لأنّه لا يمكن الاستغناء عنها، فهي تناسب جميع القوانين الخاصة والعامة، وتساعد في تنظيم تقسيم العمل في النشاطات المختلفة، مثل الشركات بأنواعها، كما تساعد الممثلين القانونيين للتمكن من إنجاز الأعمال التي تخص القُصّر والعاجزين على أكمل وجه.
3 قواعد أرستها محكمة النقض
ومحكمة النقض المصرية خلال الفترة الماضية رسخت في حكم حديث لها العديد من المبادئ القضائية بشأن التوكيل الخاص في الطعن المقيد برقم 6479 - لسنة 81 - تاريخ الجلسة 6 فبراير 2017 تمثلت في عدم جواز استخدام التوكيل الخاص بالتصرف بالبيع مرتين، وأن الوكالة الخاصة تنتهي بإتمام التصرف ولا يجوز استخدامها مرة أخرى، فضلاَ عن أن الوكالة التي تخول الوكيل سلطة مباشرة جميع أعمال التصرف دون تخصيص تقع باطلة لا تنتج أثرا ولا ترتب التزاما في ذمة الموكل – وفقا لـ"جاد الرب".
فقد سبق أن أصدرت محكمة النقض حكما بجلسة 6 فبراير 2017 قالت فيه: "حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ قضى برفض دعواهما بطلب رد وبطلان عقد البيع المسجل برقم 2959 لسنة 2006 شهر عقاري الأقصر على ما ذهب إليه من أنه صدر من المطعون ضده الثاني بموجب التوكيل الخاص برقم 3677 ب لسنة 2004 توثيق الأقصر وفي حدود الوكالة، في حين أن هذه الوكالة قد انقضت بتصرف المطعون ضده الثاني ببيع مساحة 5 س 1 ط بالمسجل رقم 5354 لسنة 2004 الأقصر، فيكون التصرف موضوع العقد المسجل برقم 2959 لسنة 2006 شهر عقاري الأقصر قد صدر من المطعون ضده الثاني خارج نطاق الوكالة الخاصة المشار إليها، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
المادة 702 من القانون المدني
ووفقا لـ"المحكمة" - إن هذا النعي في محله، ذلك بأن النص في المادة 702 من القانون المدني على أن:
1- لا بد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة وبوجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء.
2- والوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع العمال القانونية تصح ولو لم يبين محل هذا العمل على وجه التخصيص إلا إذا كان العمل من التبرعات.
3- والوكالة الخاصة لا تجعل للوكيل صفة إلا في مباشرة الأمور المحددة فيها، وما تقتضيه هذه الأمور من توابع ضرورية وفقا لطبيعة كل أمر وللعرف الجاري.
الوكالة الخاصة دون تخصيص تقع باطلة
كل هذا يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن أعمال التصرف لا يصح أن تكون محلا إلا لوكالة خاصة وأن التصرف محل هذه الوكالة الخاصة يجب أن يعين تعيينا نافيا لكل جهالة بتحديد نوع العمل القانوني الذي خول الوكيل سلطة مباشرته ولو لم يخصص بمال بذاته من أموال الموكل إلا إذا كان العمل من أعمال التبرع، فيلزم في هذه الحالة أن تخصص الوكالة ليس في نوع التصرف وحده ولكن في محله أيضا، أي بتعيين المال الذي يرد عليه العمل القانوني، ومن ثم فإن الوكالة التي تخول الوكيل سلطة مباشرة جميع أعمال التصرف دون تخصيص تقع باطلة لا تنتج أثرا ولا ترتب التزاما في ذمة الموكل.
تطبيقات محكمة النقض
لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد تمسكا طوال مراحل النزاع بأن التوكيل الخاص رقم 3677 ب لسنة 2004 توثيق الأقصر الصادر من شقيقهما "...." للمطعون ضده الثاني خوله التصرف بالبيع في مساحة 5 س 1 ط، وإذ باع الأخير هذه المساحة لآخرين بموجب عقد البيع المسجل برقم 5354 لسنة 2004 شهر عقاري الأقصر، فتكون الوكالة قد انقضت بتمام هذا التصرف، وإذ تصرف المطعون ضده الثاني بالبيع إلى المطعون ضده الأول في ذات المساحة مرة أخرى بموجب عقد البيع المسجل برقم 2959 لسنة 2006 شهر عقاري الأقصر بموجب ذات الوكالة فإن هذا التصرف يقع باطلا ولا ينفذ في مواجهة الموكل لصدوره خارج نطاق الوكالة.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك دون أن يمحص دفاعهما وأن يعرض للتصرف السابق الصادر من المطعون ضده الثاني ببيع مساحة 5 س 1 ط لآخرين وما إذا كان صادرا من المطعون ضده الثاني بموجب التوكيل الخاص رقم 3677 ب لسنة 2004 توثيق الأقصر، واكتفى بالقول بأنه تصرف المطعون ضده الثاني بموجب هذا التوكيل ببيع مساحة 5 س 1 ط بالعقد المسجل برقم 2959 لسنة 2006 شهر عقاري الأقصر قد صدر أثناء سريان الوكالة وفي حدودها، وأن هذه الوكالة غير مقيدة بتصرف معين وهو ما لا يصلح ردا على دفاع الطاعنين وما استدلا به من أن المذكور سبق وباع ذات المساحة لآخرين بالوكالة المشار إليها مما حجبه عن معالجة عناصر الدعوى والطلبات فيها بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
الخلاصة:
ومن هذا كله يتبين التالى: "عدم جواز استخدام التوكيل الخاص بالتصرف بالبيع مرتين، وأن الوكالة الخاصة تنتهي بإتمام التصرف ولا يجوز استخدامها مرة أخرى، فضلاَ عن أن الوكالة التي تخول الوكيل سلطة مباشرة جميع أعمال التصرف دون تخصيص تقع باطلة لا تنتج أثرا ولا ترتب التزاما في ذمة الموكل".