- مصر ثانى دولة يزورها رئيس المجلس الأوروبى تشارلز ميشيل لأنها شريكا مهما وحتميا
- حجم التبادل التجارى بيننا حوالى 100 مليون دولار
- لدينا آمال كبيرة على مؤتمر برلين لتوفير منصة حوار لليبيين.. وليبيا لديها إمكانيات تؤهلها للنمو والازدهار
- خسرنا أحد عناصر الذكاء وعوامل تهدئة الصراعات بوفاة السلطان قابوس .. ونأمل من خليفته الدور نفسه
تتولى كرواتيا رئاسة الاتحاد الأوروبى فى الدورة الحالية التى بدأت فى شهر يناير الجارى، وتستمر حتى يونيو 2020، ورغم أنها المرة الأولى فى تاريخها، إلا أن القضايا الملحة والملفات المفتوحة دفعتها للبدء مباشرة فى عملها، فأول تحدٍّ تواجهه هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى 31 يناير الجارى، ليتبع ذلك سلسلة من الإجراءات شديدة التعقيد لإتمام الانفصال.
كما تتزامن رئاسة كرواتيا مع تصعيد بين لاعبين بارزين فى منطقة الشرق الأوسط له تداعيات على كل أنحاء العالم.
وأجرت «اليوم السابع»، حوارا مع توميسلاف بوشنياك، سفير كرواتيا بالقاهرة و14 دولة أخرى فى أفريقيا والشرق الأوسط لمعرفة أولويات بلاده خلال رئاسة الاتحاد الأوروبى.. وإلى نص الحوار:
تتولى كرواتيا رئاسة الاتحاد الأوروبى خلال هذه الدورة.. هل يمكنكم إخبارنا عن أولويات بلدكم خلال هذه الفترة؟
تتولى كرواتيا رئاسة الاتحاد الأوروبى لأول مرة فى تاريخها، والتكتل الأوروبى يمر بظروف غير معتادة هذه الأيام، فيوجد من ناحية «بريكست» أو خروج بريطانيا من الاتحاد بحلول 31 يناير الشهر الجارى، ومن ناحية أخرى، هناك مسألة الميزانية داخل الاتحاد الأوروبى والتى يتم وضعها كل 7 أعوام.
وحددنا 4 أولويات رئيسية خلال فترة رئاستنا هى: دفع تنمية وتطوير التكتل الأوروبى قدما، ثانيا تعزيز الاتصال بين دول القارة فى جميع القطاعات، وثالثا نرغب فى البناء على الفوائد التى تحققت منذ تأسيس الاتحاد بما يحمى ويصب فى صالح المواطن الأوروبى العادى. ورابعا، تعزيز مستوى تأثير الاتحاد الأوروبى حول العالم، لاسيما فى القضايا الدولية المختلفة مثل الصراع الأمريكى الإيرانى، والصراع فى ليبيا واليمن وغيرها.
ماذا فى حقبة كرواتيا فيما يتعلق ببريكست؟
هناك بالفعل بعض التداعيات المكلفة، ولكن نأمل أنه عندما يتم التوصل إلى تسويات بشكل عملى، وأعتقد أن جميع الأطراف ستتحلى بالعملية ليكون الأمر برمته أكثر سهولا.
ولكن هناك تكلفة ومنافع تعود على أن دولة عضو فى الاتحاد الأوروبى، كما أن العكس صحيح، ولكن لا يمكن لأى طرف أن يختار المنافع دون أن يدفع التكلفة، وبالمثل ستخسر المملكة المتحدة بعض الميزات وربما تكتسب أخرى.
هل تتوقع خروجا سلسا للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبى فى نهاية هذه الشهر؟
توميسلاف بوشنياك، سفير كروانيا بالقاهرة
الخروج فى 31 يناير 2020 لن يعنى كثيرا، حيث تعقبه عملية الخروج نفسها، مما يعنى أن الأشهر التالية ستشهد اتخاذ قرارات وبداية استشعار المواطنين، سواء البريطانيين أو الأوروبيين لتأثير ذلك سواء اقتصاديا أو اجتماعيا، وكذلك تأثير الانفصال على نقل السلع والبضائع عبر الحدود. ونتوقع أن يتبنى الطرفان نهجا مقبولا للتوصل إلى اتفاق، ولكن سيكون هناك ثمن يدفع.
ولكن مع خروج بريطانيا.. إلى أى مدى ستتأثر ميزانية الاتحاد الأوروبى لاسيما أن المملكة المتحدة من الدول الكبرى المساهمة فيها؟
سيكون هناك بالطبع بعض التأثير، ولكن رغم المساهمة البريطانية للميزانية، حصلت المملكة المتحدة فى المقابل على اعتبارات خاصة باعتبارها عضوا من أعضاء الاتحاد الأوروبى يصل قدرها إلى 5 أو 6 مليارات يورو سنويا. ونحن كدولة ندرك أهمية التماسك، فبعض دول الاتحاد دول متقدمة وديمقراطية وأخرى كانت حتى عقود قريبة تنتمى إلى الكتلة الشيوعية، ولديها الكثير من التحديات لمواكبة الدول الأخرى، لهذا هدفنا ألا تؤثر سلبا مغادرة الاتحاد الأوروبى على وحدة وتماسك الدول، لأن هذا هو مستقبل الاتحاد، ونعمل خلال رئاستنا على تعزيز سياسة توسيع واقعية يمكن إدارتها لضم دول جديدة إلى الاتحاد الأوروبى، مثل ألبانيا والجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية، والبوسنة والهرسك، وصربيا، وغيرها.
تعرضت كرواتيا فى الآونة الأخيرة لبعض الانتقادات بسبب معاملة المهاجرين على الحدود؟ كيف تردون على ذلك؟
توميسلاف بوشنياك، سفير كروانيا بالقاهرة
هناك مشكلة هجرة غير قانونية فى أوروبا، والكلمة الرئيسية هنا هى «غير قانونية»، وهناك الكثير من المجرمين والعصابات التى تقوم بتهريب البشر، فماذا نفعل، هل نتظاهر أنه لا توجد مشكلة. ونحن لم نقم بتعليق شروط اللجوء، فهناك كثيرون يواجهون مشكلات حقيقية فى أماكن حول العالم، سواء بسبب دينهم أو عرقهم أو جنسهم، وهذه الفئات لم تحرم من إمكانية طلب اللجوء.
والاتحاد الأوروبى يسعى للقيام بأفضل ما فى وسعه فى هذا الصدد، ويتناقش مع مصر باعتبارها رئيسا للاتحاد الأفريقى الآن حول إمكانيات التنمية والتطوير للتأكد من أن الفرص موجودة فى أفريقيا والناس لن تضطر ولن تخدع للسفر بهذه الطرق غير الإنسانية.
وسفارتنا تمثل كرواتيا فى 15 دولة، منها ليبيا والصومال والسودان وإثيوبيا والسعودية والإمارات واليمن ولبنان وسوريا، ونعلم مدى خطورة مشكلة الهجرة غير الشرعية فى دول مثل ليبيا، ومصر تمكنت من مواجهة هذه المشكلة، حيث إنها دولة مستقرة وتتحكم فى تدفق المهاجرين غير القانونيين، ونحن نشجع على الاستثمار فى إفريقيا لتوفير فرص العمل وحل المشكلة من جذورها.
ماذا عن التعاون بين الاتحاد الأوروبى ومصر فى مشكلة الهجرة غير الشرعية.. وهل ستحرصون على زيادته خلال فترة رئاستكم؟
توميسلاف بوشنياك، سفير كروانيا بالقاهرة
مصر هى ثانى دولة يزورها رئيس المجلس الأوروبى تشارلز ميشيل، مما يعنى أن القاهرة شريكا مهما ومرغوبا فيه للاتحاد الأوروبى، كدولة بذاتها ومن ناحية العلاقات الثنائية وكذلك من ناحية العلاقات التى تربطها بدول أوروبية أخرى، وبالطبع كرئيس للاتحاد الأفريقى وكعضو مهم للغاية فى جامعة الدول العربية، فمصر حتمية ولا يمكن اجتنابها. والقاهرة أظهرت أنها شريكا جيدا، وزيارة ميشيل مؤشر على ذلك، وإلا لماذا يزورها فى مستهل تسلمه لمنصبه.
كيف رأيتم التحركات التركية فى ليبيا خلال الفترة الأخيرة ؟
توميسلاف بوشنياك، سفير كروانيا بالقاهرة
فيما يتعلق بخطط ترسيم الحدود البحرية وسط رفض مصر واليونان وقبرص، فما يمكننا قوله إن هذا يمثل بالطبع نقطة خلاف والسبيل الوحيد لحل ذلك، ليس باستخدام القوة أو بتبنى مواقف أحادية ولكن باللجوء إلى القانون الدولى للبحار، حيث كان مفيدا فى حل قضايا مماثلة.
وكل ما يمكننا عمله خلال فترة رئاستنا وسنظل نفعله هو اللجوء إلى المنطق، فهناك اتجاه الآن سائد فى العالم قائم على اتجاه الدول القوية لتجاهل الاتفاقيات لأنهم أقوياء ويمكنهم ذلك.
وفيما يتعلق بإعلان إرسال قوات تركية عسكرية إلى ليبيا لمساندة فائز السراج، رأينا أن هناك عددا من الدول يدعم طرفا على حساب طرف آخر، وما ندافع عنه هو عدم التدخل فنحن ندعم وقف إطلاق النار والبدء فى المحادثات.
ولدينا آمال كبيرة على مؤتمر برلين، فهناك بعض المؤشرات التى تقول إنه ربما يكون هناك فرصة، لأن هناك دلالات على الإعياء من الصراع، ونعتقد أن الليبيين أصبحوا أكثر ميلا لعدم قبول التأثير الخارجى.
ونأمل أن يكون مؤتمر برلين بمثابة منصة للحوار بين الليبيين وبعضهم البعض وتقليل دور التأثيرات الأخرى لمناقشة كيفية حل الوضع فى بلادهم، وإحلال الاستقرار وجعل مؤسسات مثل الأمم المتحدة ترعى الوصول إلى تمثيل شرعى من خلال الانتخابات. ومؤتمر برلين يمثل بداية مهمة لمرحلة جديدة لحل الأزمة الليبية، حيث يمكن على الأقل معرفة أى الحلول يمكن تطبيقها. وليبيا لديها إمكانية أن تصبح واحدة من أكثر الدول ازدهارا ونجاحا فى أفريقيا، وسيكون من المنطقى العمل على الحفاظ على وحدة ليبيا لليبيين. ولكن المهم هو أن يقرر الليبيون أنفسهم ماذا يريدون لبلدهم، وأهمية مؤتمر برلين تتمثل فى منحهم الفرصة لسماعهم، وأعتقد أن الجيران سيكونون سعداء بتوصل الليبيين إلى قرار لإنهاء الأزمة.
فدولة مثل مصر تتشارك فى الحدود مع ليبيا ولديها مخاوف أمنية، فى الوقت الذى استطاعت فيه السيطرة على الوضع فى شمال سيناء. كما تمكنت من إحلال الاستقرار لتبدأ فى التنمية الاقتصادية فى البلاد. ومصر تتحرك فى اتجاه إيجابى.
وبالعودة إلى العلاقات المصرية الكرواتية، هل هناك خطط من قبل سفارتكم لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين خلال فترة رئاستكم للاتحاد الأوروبى؟
نحن نرغب بقوة فى توسيع نطاق علاقتنا بالقاهرة، فكرواتيا لديها سدس تعداد السكان فى مصر، ولا تمثل سوى مساحة صغيرة بالمقارنة مع مصر، ومع ذلك هناك الكثير من القطاعات التى يمكن أن تتعاون فيها البلدان، فكلاهما مهتمان بالتكنولوجيا والثقافة والرياضة والسياحة. ويبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين حوالى 100 مليون دولار، وهذا ليس رقم كبير. وهناك إمكانيات واعدة فى قطاعات مثل السياحة ، فكرواتيا وهى موطن لـ4 ملايين مواطن جذبت فى 2019، 21 مليون سائح. ويأتى السائحون من منطقتنا إلى مصر خلال فصل الشتاء، وهذه منطقة تعاون يمكن العمل عليها، من خلال مثلا إنشاء خط طيران مباشر.
وما يحدث الآن هو أن كلا الشعبين يتعرف على بعضهما الآخر. ومصر بالفعل تعرف كوجهة سياحية مميزة.
ويمكننا التعاون كذلك فى مجال الرياضة، حيث إننا نملك نظاما لتنمية المهارات والتدريب. وهناك مدرب كرواتى بالفعل يدرب أحد النوادى المصرية. وكرواتيا حققت إنجازات قوية فى رياضة كرة القدم. ويترأس الاتحاد الدولى لكرة اليد الآن مصرى، ويمكن استخدام هذا لتعزيز التعاون.
وأيضا من القطاعات التى يمكن التعاون فيها، العلوم الطبية، وعمليات الزرع وعلاج مرض السكر ليس من خلال الأنسولين فقط، وكذلك بناء السفن، فنحن لدينا التكنولوجيا اللازمة لفعل ذلك، وما يمكن فعله هو استغلال هذه التكنولوجيا للبناء فى مصر وإفادة الدول المحيطة وهكذا.
كما نعرف بأننا منتجون لتوابل الطعام ومنتجات الحساء المعلبة، حيث إننا أكبر مصدرين لها فى أوروبا، والمثير للدهشة هو أن الخضراوات المجففة التى تستخدم فيها هذه المنتجات تأتى من مصر، ولكن الغريب هو عدم وجود هذه المنتجات فى مصر، إلا نادرا.
هل تعتقد أن الإصلاحات الاقتصادية التى تبنتها مصر فى الآونة الأخيرة، يمكن أن تكون عامل جذب لتحقيق هذا التعاون؟
توميسلاف بوشنياك، سفير كروانيا بالقاهرة
مصر لديها مهمة ضخمة فى توفير فرص العمل، نظرا لزيادة المواليد سنويا، وتسعى الحكومة لتطوير بعض الصناعات، حيث لا يمكنها أن تكون مجتمعا زراعيا فقط بعد الآن وتحفيز الاقتصاد عن طريق بناء المدن الجديدة وفى الوقت نفسه بناء المناطق التى تساهم فى دفع الاقتصاد مثل المنطقة الاقتصادية فى قناة السويس وميناء السخنة، وهذا أمر مهم.
وإذا استمرت الحكومة فى مسارها التنموى، فهذا سيحدث، حيث إنه من المهم بالنسبة لمصر أن تجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتفعيل رأس المال الموجود فى البلاد، وهناك الكثير من الأغنياء فى مصر. ودائما تكون أصعب الفترات، هى الفترات الانتقالية، ومصر تنتقل من دولة زراعية إلى دولة شبه صناعية مصدرة، وهذا أمر ليس سهلا. والاستقرار هو كلمة السر للتنمية، فنحن فى كرواتيا كدولة سياحية نقدر للغاية أهمية ذلك، فالسائح إذا شعر بأى خطر، لن يأتى وكذلك المستثمر، ونتمنى لمصر كل الخير وللحكومة أن تستمر فى طريقها، وهذا هو الشعور العام للاتحاد الأوروبى تجاه مصر، حيث إنها الدولة الأكثر بروزا أفريقيا وجدارة بالثقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة