يحتفل المسيحيون خلال هذه الأيام بميلاد السيد المسيح، وحياته، التى صحبه فيها رسل مهمون قاموا بالتبشير فى أرجاء المعمورة، لكن ماذا عن النساء ودورهن فى الدعوة، هل كن معروفات، وهل كان لهن فضل فى الوقوف بجانب المسيح أو الوقوف بجانبه فى أزماته، هل شهدن صلبه وقيامته حسب العقيدة المسيحية، وفى إجابتنا عن هذه الأسئلة نعتمد على كتاب "ألغاز الإنجيل" للمفكر السورى فراس السواح.
يقول إنجيل لوقا "وعلى إثر ذلك كان يسير فى المدن والقرى يكرز ويبشر بملكوت الله، ومعه الاثنا عشر، وبعض النساء اللاتى شفاهن من الأرواح الشريرة والأمراض، وهن مريم المعروفة بالمجدلية التى أخرج منها سبعة شياطين وحنة امرأة خوزى وكيل هيرودوس وسوسنة وغيرهن كثيرات كن يخدمنه من أموالهن".
ويقول فراس سواح فى كتابه "ألغاز المسيح" يكاد قارئ كتاب العهد الجديد لا يلحظ دورا للنساء فى حياة يسوع التبشيرية، فحواراته كانت دوما مع الرسل الاثنى عشر الذين اختارهم لمرافقته فى حله وترحاله، وتعاليمه كانت موجهة إليهم، ولكن مؤلفى الأناجيل، تركوا لنا إشارات عابرة هنا وهناك تكشف عن دورهن المهم فى الدعوة الجديدة، وتفانينهن فى تقديم الدعم المادى والمعنوى للمعلم الذى تركن من أجله بيوتهن وسرن وراءه على طريق الآلام من الجليل إلى قياته من بين الأوات".
ويتابع فراس سواح "إن هذه الإشارات الغامضة التى تلفت نظرنا إلى الحضور القوى للنساء فى ذلك المحيط الذكورى كما قدمه لنا الإنجيليون، تطلعنا على حقيقة فى غاية الأهمية وهى أن عدد النساء فى بطانة يسوع المقربة ربما كان أكثر من عدد الرجال".
ويضيف "فراس السواح" يكشف لنا تعريف لوقا "حنة / ليونا بأنها زوجة زكيل هيرودوس أنتيباس ملك الجليل، حقيقة فى غاية الأهمية وهى أن العديد من هؤلاء التلميذات كن من شرائح اجتماعية ميسورة، وكن من موقعهن المتميز هذا قادرات على دعم طبيعة حياة الترحال التى اختارها يسوع له ولجماعته".
ويقول فراس سواح "بعد هذه الإشارة الوحيدة والمقتضبة التى أوردها لوقا إلى وجو نساء كثيرات منذ البداية فى بطانة يسوع، تصمت الأناجيل الأربعة عن هؤلاء النسوة وصولا إلى أحداث محاكمة يسوع وصلبه ودفنه. فبعد القبض على يسوع وسوقه إلى المحاكمة، انفض عنه الرسل الاثنا عشر وبقية التلاميذ واختبؤوا خوفا من الاعتقال، ولم يصحبه إلى المحاكمة إلا النساء اللواتى رافقنه بعد ذبك إلى موضع الصلب.
نقرأ فى إنجيل متى الذى ل يعترف بوجود النساء حتى هذا الوقت المتأخر ما يلى: "وكانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسى، وأم ابنى زبدى".
فإذا جئنا إلى لوقا وجدناه يذكر من أسماء النساء الكثيرات اللواتى حضرن الصلب ثلاثة هن "مريم المجدلية، ويونا/ حنة، ومريم أم يعقوب" أى أنخ حافظ على قائمته التى قدمها لنا فى بداية إنجيله مع استبدال سوسنة بمريم أم يعقوب.
أما يوجنا، وعلى عادته فى التفرد عن بقية الإنجيليين فيقدم قائمة لا تشترك مع بقية قوائم الإنجيلين إلا ياسم المجدلية "وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه، وأخت أمه زوجة كلوبا، ومريم المجدلية.
ويرى "فرس سواح" أن السيدة مريم والدة المسيح، لم تمنحها الأناجيل حقا "ولم يرد اسمها إلا عرضا فى معرض التعريف بيسوع باعتباره ابن امرأة تدعى مريم" وعند يوحنا ورد ذكرها مرة واحدة فى مطلع حياة يسوع التبشيرية وذلك فى عرس قانا عندما اجترح يسوع معجزة تحويل الماء إلى خمر، ولكن دون الإشارة إلى اسمها" وفى اليوم الثالث كان عرس فى قانا الجليل وكانت أم يسوع هناك".
يقول "فراس سواح" بعض هؤلاء النسوة اللواتى حضرن واقعة الصلب كن أول الشهود على قيامة يسوع من بين الأموات، وهى الحديث الرئيسى فى العقيدة المسيحية، ففى إنجيل متى يتراءى يسوع للمرة الأولى بعد قيامته أمام مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن. وفى إنجيل يوحنا يتراءى للمجدلية وحدها، وكذلك الأمر فى إنجيل مرقس.
يقول فراس سواح "فى جميع قوائم الأسماء التى يقدمها هؤلاء الإنجيليين الأربعة، نجد بينها على اختلافها قاسما مشتركا هو مريم المجدلية. وهذا إن دل على شيء فعلى أهميتها البالغة ومكانتها الهاصة لدى يسوع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة