وائل السمرى يكتب.. إلى بهاء سلطان ونصر محروس.. الصلح خير ولكم في خلاف أم كلثوم وزكريا أحمد أسوة حسنة.. الملحن العظيم منع أم كلثوم من غناء روائعه 13 عاما.. والحل كان بعمل ثلاث أغنيات بينهما بحكم المحكمة

الخميس، 02 يناير 2020 09:31 م
وائل السمرى يكتب.. إلى بهاء سلطان ونصر محروس.. الصلح خير ولكم في خلاف أم كلثوم وزكريا أحمد أسوة حسنة.. الملحن العظيم منع أم كلثوم من غناء روائعه 13 عاما.. والحل كان بعمل ثلاث أغنيات بينهما بحكم المحكمة نصر محروس و بهاء سلطان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا خلاف على أن بهاء سلطان من أهم وأغنى الأصوات في مصر الآن، فلصوته حلاوة وعذوبة لا تقارن، ولشخصية الفنية حضور طاغ، وقد كنت أتعجب كيف لهذا الرجل كل هذا الحنين، وكل هذا الإحساس، وكل هذه الإمكانيات، وكل هذا الطرب والسلطنة في زمن عز فيه الطرب وانعدمت السلطنة، وكان الرد على كل هذه الأسئلة حينما عرفت أنه تربية الموسيقار الكبير "عبده داغر" وأنه تمرن على تواشيح وقصائد الشيخ محمد عمران، فكانت لهذه المعلومة فعل السحر بالنسبة لي، فإذا عرف السبب بطل العجب، وما ذكره بهاء كفيل بأن يخبرنا بأنه أصيل ابن أصيل، وأن موهبته العريضة لها أسباب ولها مرجعية، وأن تلك الهوية المصرية الواضحة في صوته مضمونة الأصل عميقة التوغل.

لا خلاف أيضا على أن المنتج الكبير نصر محروس من أهم المنتجين في العصر الحديث، ويشهد على هذا أنه كان من أهم صناع المشهد الغنائي في مصر، وأنه أخرج لمصر والعالم العربي عشرات النجوم الذين سطعوا في سماء الفن، والأهم من أنه صنع هؤلاء النجوم هو أنه رسم لهم طريقا فنيا ساروا عليه لبقية حياتهم، فمن التزم بالخط الذي رسمه "محروس" ظل على عرشه متربعا، ومن انحرف عنه تاهت بوصلته، وغرق في النسيان أو"البهتان" وفي الحقيقة فإن لبهاء سلطان وسط كل هؤلاء مكانة خاصة، فهو الوحيد الذي استطاع من خلال الأغنيات التي أداها أو ينال احترام الجميع ومحبتهم، وأن يحل المعادلة الصعبة بأن يكون حديثا جدا وأصيلا جدا، وأن يكون شعبيا جدا وراقيا جدا، وأن يكون نال استحسان الشباب الصغير وراغبي الرقص على الإيقاعات الصاخبة، كما ينال استحسان من هم أكبر منهم راغبي الطرب والنغمات الهادئة.

نشب خلاف بين "نصر وبهاء" مع حفظ الألقاب، "وإيه يعني" الخلافات في الوسط الفني من الأشياء العادية والمطروحة بل أكاد أقول أنه من الأشياء الصحية أيضا، لأنه يدفع جميع الأطراف إلى اكتشاف أنفسهم مرة أخرى، وإلى اختبار موهبتهم وأصالتهم، وفي الحقيقة كان الوسط الفني في أشد الاحتياج إلى صوت عبقري مثل صوت بهاء، كما كان في أشد الاحتياج إلى عقلية إنتاجية جبارة مثل نصر محروس، وقد أعلن محروس أنه استجاب لمبادرة إسعاد يونس في حل الخلاف، وهنا يجب أن نقف لنرى كيف سيتم حل هذه المشكلة التي استمرت لسنوات ؟

السيناريوهات المتوقعة في ظل حالة التفاؤل والتفاهم الواضحة، واحد من ثلاثة، الأول أن ينفصل بهاء تماما عن "محروس" والآخر أن يتمم "بهاء" عقده مع "محروس" أو على الأقل الألبوم المتوقف، والثالث أن يعود بهاء لمحروس مرة أخرى و"يا دار ما دخلك شر" وفي الحقيقة فإني أرى أنه من صالح الجميع ونحن في المقدمة أن يستمر بهاء مع محروس لصالح الطرفين، ولصالحنا كجمهور، فقد أنتج محروس لبهاء عشرات الأغنيات التي حفظها الناس وصنعت شهرة "بهاء" في العالم العربي، وباعتراف بهاء نفسه في برنامج صاحبة السعادة في حلقة سابقة عن حلقة رأس السنة فقد كان محروس هو يختار الأغنيات لبهاء ويرى فيها ما لا يراه فناننا الجميل، فعلى سبيل المثال كان بهاء لا يريد أن يغني أغنية "يا اللي ماشي" لأنها بحسب اعتقاده "حريمي شوية" فقال له نصر "غنيها بس ومالكش دعوة" فكانت من أهم أغاني بهاء وأجملها وظهرت فيها إمكانياته الصوتية التي يفتخر بها.

هنا يحضرني موقف مشابهة لهذا الموقف مع اختلاف طبيعة الزمان والمكان الأشخاص بالطبع، فقد اشتعل الخلاف بين الملحن العظيم "زكريا أحمد" وسيدة الغناء العربي "أم كلثوم" في أواخر الأربعينيات، بعد أن صنع لها العديد من الأغنيات الخالدة منها "أنا في انتظارك، وحلم، وحبيبي يسعد أوقاته، والأولة في الغرام" وعشرات الأغنيات القصيرة والأدوار الشجية، وسبب الخلاف كما يعرف الجميع كان ماديا في المقام الأول، فمنع زكريا أحمد "سيدة الغناء العربي" من غناء أغنياته لمدة وصلت إلى 13 عاما، وطالبها بمبلغ "40 ألف جنيه" ثم وصلت الأمور إلى المحكمة التي توصلت بحكمتها وتفهمها إلى اتفاق أن تغني أم كلثوم ثلاث أغنيات من ألحان زكريا أحمد أولها رائعة "هو صحيح الهوى غلاب" وثانيها أغنية "أنساك" التي بدأ زكريا في تلحينها ثم توفى فأكلمها بليغ حمدي.

من هذا الموقف نرى أن الخلافات في الوسط الفني أمر عادي، ونرى أيضا أن التعامل الرشيد مع مثل هذه الخلافات يعود بالفائدة على الجميع، وفي الحقيقة فإني أريد أن أؤكد هنا على أهمية دور التعامل الرشيد دون انحياز لهذا أو ذاك، ففي عز هذه الخلافات لم نسمع أحد يقول إن أم كلثوم "جشعة" لأنها لا تريد أن تعطي زكريا أحمد حقه، كما لم نسمع أحد يقول إن زكريا أحمد "متجبر" لأنه يمنع أم كلثوم من غناء أعماله، فكل طرف كان يفعل ما يمليه عليه ضميره، وكل طرف كان يرى الحقيقة من منظوره الخاص، أما الرأي العام "العاقل" فقد كان يرى الأمر من الجانبين، فيدرك أن كل وجهة نظر لها قدر من الوجاهة، ومن هنا سعي الجميع إلى تقريب وجهات النظر وليس النفخ في النار، أو التحامل على أحد الطرفين.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة