لم تكن الانتهاكات التي ينتهجها نظام أردوغان ضد الصحافة والإعلام المعارض له وليد اللحظة، بل إن النهج المستبد والقمع هو نتاج لتاريخ عاش عليه العثمانيون في البلاد، فمنذ التاريخ كان يمارس العثمانيين أبشع أنواع القمع والتنكيل ضد كل من يحاول انتقادهم أو معارضتهم، ومنذ نشأة الصحافة في الدولة العثمانية، وهي تتعرض لرقابة وقمع شديد من الدولة العثمانية، والتي وصلت إلى الغلق والسجن والتنكيل والاعتقال لكل من يكتب شيء خارج السياق ما يريدون.
"صدى الشرق" هي جريدة عربية صدرت بالقاهرة 1891، بشكل أسبوعي، وقام على تحريرها حبيب فارس اللبناني، واهتمت بتغطية شؤون حكومة متصرفية لبنان، في عهد الوالي العثماني واصا باشا (1882-1892)، وعملت الجريدة على كشف جرائم الاحتلال العثماني بحق اللبنانيين، من سوء استغلال للسلطة، وتربح مالي، وانتهاك لحقوق المواطنين، وفساد النظام الأمني
الجريدة نشرت تقارير عن معاناة سكان جبل لبنان بسبب سوء الإدارة العثمانية، وفساد الموظفين، وزيادة الأعباء الضريبية، في ظل غياب تام للخدمات الحكومية، إضافة إلى التنديد بالفساد الإداري وشيوع الرشوة والابتزاز، كان من الموضوعات الدائمة في تقارير ومقالات جريدة "صدى الشرق"، بالإضافة إلى معارضة الاستبداد العثماني، المتمثل في رأس الدولة، السلطان عبد الحميد الثاني، والولاة الذين كانوا أشد فسادًا وقمعًا من السلطان ذاته، وهو ما نشرته أحد مواقع التركية.
و تربصت الدولة العثمانية بجريدة "صدى الشرق" وحاولت بكل الطرق استقدام المحرر الرئيس حبيب فارس إلى لبنان، ليكون في يديها، وتلقي القبض عليه، إلا أنه كان حريصًا، ولم يقع في فخ العثمانلي، حتى وصلت أن قامت الحكومة العثمانية، يطرد وكلاء جريدة "صدى الشرق" ومراسليها ومنهم فيليب وفريد الخازن، ويوسف بك الشدياق، وقبضت على فيليب الخازن ويوسف بك، وتم زجهما داخل سجن منطقة "بيت الدين"، وهناك تعرضا للتعذيب الوحشي على يد زبانية العثمانلي.
وكان نائب حزب الشعب الجمهورى التركى المعارض عن محافظة أزمير، أتيلا سرتال، استعرض واقع العاملين في وسائل الإعلام بتركيا، مشيرا إلى أن 100 صحيفة محلية، على الأقل، أُغلقت خلال عام 2019، حيث تطرق البرلمانى المعارض أيضًا إلى مشكلة البطالة في الصحافة، ولافتًا إلى أن السنوات الخمس الأخيرة شهدت إلغاء البطاقات الإعلامية لـ3 آلاف و804 صحفيين، وأن العديد من الصحفيين تعرضوا للتهديد والاعتداء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة