"تمنيت لو أن للذاكرة إكسيرا يعيد إليها كل ما حدث فى تسلسله الزمنى، واقعة واقعة، ويجسدها ألفاظا تنهال على الورق".. صدرت رواية "البحث عن وليد مسعود" للكاتب الفلسطينى جبرا إبراهيم جبرا، فى طبعتها الأولى سنة 1978، وهى تدخل بكل أريحية ضمن أفضل مائة رواية عربية صدرت قبل القرن الواحد والعشرين.
وتنقسم الرواية إلى 12 فصلا حول وليد مسعود الفلسطينى المتردد التارك خلفه تاريخا من النضال ضد المحتل اليهودى فى فلسطين والغارق فى شبكة من علاقاته الاجتماعية المعقدة، ومن خلال هذه العلاقات شكل جبرا إبراهيم جبرا صورة عجيبة لشخصية "وليد مسعود" متطرقا لأسرار حياته العاطفية وطفولته فى فلسطين ومواقفه الدينية والسياسية.
وتعددت الزوايا بعدد أشخاص الرواية فكان "وليد مسعود" تركيبة من جميع عناصر الإنسان العربى الذى يعيش حياته الخاصة متقاطعا مع تفاصيل عصره.
جبرا إبراهيم جبرا
الرواية متشعبة معقدة بارعة التركيب هندسيا وزمنيا، وفيها يخلق جبرا إبراهيم جبرا من جديد عددا كبيرا من شخصيات الرجال والنساء التى يجد القارئ أنها تفرض نفسها على ذهنه فيعايشها من الداخل ولا يستطيع نسيانها، وبقدر ما يثير وليد مسعود من تساؤلات فإن الشخصيات الأخرى التى تحاول الإجابة والبحث بصراحة مذهلة، تجعلنا نتساءل: هؤلاء الرجال والنساء عمن هم فى الحقيقة يتحدثون؟ هل هم المرآة ووليد مسعود هو الوجه الذى يطل من أعماقها أم أنه المرآة ووجوههم تتصاعد من أعماقها كما هم أنفسهم لا يعرفونها؟
من أجواء الرواية:
"فى الشباب نخجل من الاستغراق فى الذكريات، لأن الحاضر والمستقبل أهم وأضخم لكننا مع تقدم السنين، يقل فينا الخجل من الانزلاق نحو الذكريات، لا لأن الحاضر والمستقبل يفقدان الأهمية والضخامة - ولو أن ذلك ممكن أيضاً - بل لأننا لا نتحمل منهما الكثير إلا بطلب من المدد من تجاربنا العتيقة - تلك التجارب، سارها وأليمها، التى تشتد فى الذهن بريقا وتشتد إبهاما، فى آن واحد، وهات يا صبر، وهاتى يا مثابرة، وهاتى يا كلمات، لتبيانها بشىء من الوضوح، لإقحامها فى أسطر مفهومة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة