أكرم القصاص - علا الشافعي

ماجد تمراز

أردوغان وأوهام استعادة الإمبراطورية العثمانية

الجمعة، 30 أكتوبر 2020 09:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فَتح "زائف" بالقوى الناعمة قبل الرصاص

 

تخطيط مُحكم وآلية مُحددة مُعدة مُسبقاً، يَستعد الأتراك بعد سنوات من التعب لاستعادة مُلكهم الزائل، فبعد عامين من الآن تَنتهي اتفاقية لوزان، التي بمقتداها فقدوا مناطق سيطرتهم في الشرق الأوسط والبلقان وعدة أماكن في أوروبا بعد أن حكموها بالدم والنار لمئات السنوات وسطوا على مقدرات شعبها وممتلكاتهم العامة والخاصة.

 

بدأ تَخطيط الأتراك منذ 15 عام تقريبا، ولأن قوتهم وقدرتهم العسكرية لن تُمكنهم من اقتحام الدول التي فقدوها، كان لزاما عليهم إيجاد طريقة جديدة يمكن من خلالها السيطرة على عقول سكان تلك المناطق والدخول لكل منزل من دون استخدام الأسلحة والرصاص، ولأن الإخوان يعلمون الطابع الديني للمسلمين في تلك المناطق، وتأثرهم بالتاريخ الإسلامي، شرعوا في تَنفيذ مُخطط زائف باستخدام الدراما.

 

وجهت القيادة التركية (الراعي الرسمي للإخوان في العالم) على مدار كافة قدراتها المادية لإنتاج كم هائل من المسلسلات التاريخية، التي تخدم أهدافها، في محاولة لجمع أكبر عدد من الأشخاص حول فكرها بإحياء أمجاد وهمية للخلافة العثمانية وما قبلها في عصور القبائل وسلاجقة الروم.

 

مَهدت تركيا في البداية لنشر أفكارها بإطلاق مسلسل "وادي الذئاب"، وهو مسلسل أرادت من خلاله تركيا أن تكشف عن نوايا وهمية لها ولأجهزتها الأمنية وكأنها المدافع الأول عن الإسلام والمُنافر عن المسلمين في كافة بقاع الأرض، فأنتجت 12 جزءا من هذا المسلسل، ولكن مع قلة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم يلق الانتشار الذي خَطط له الأتراك.

 

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل أن تَنتج تركيا مسلسلات أخرى، استعدت جيدا من خلال توفير عدد كبير من المنصات لتكفي لنشر المسلسلات التي تُخطط في إنتاجها في الأعوام القادمة.

 

ومع تولي أردوغان قيادة تركيا، أوكل مهمة إنتاج المسلسلات التاريخية لخدمة أهدافهم إلى جهاز المخابرات التركي، من خلال إنشاء شركة إنتاج خاصة تابعة للجهاز تبعية مباشرة (شركة بوزداغ"، يعمل تحت إمرتها عشرات الكُتاب ويُشرف عليهم محمد بوزداغ صاحب الشركة والمسؤول عن ورشة الكتابة الخاصة بالمسلسلات التركية التاريخية خلال السنوات الأخيرة.

 

أطلقت تركيا خلال السنوات التسعة السابقة، مسلسل "قيامة أرطغرل" بسلسلة استمرت لـ 5 أجزاء كان أخرها عام 2019م، تناولت التمهيد لتأسيس الدولة العثمانية والسيرة الذاتية لأرطغرل والد عثمان المؤسس، ولاقى المسلسل انتشارا واسعا في العالم العربي، بعد أن روجت له تركيا وجهاز مخابراتها ترويجا كبيرا.

 

يظهر تأثير ذلك المسلسل جلياً على المرتزقة والميليشيات في سوريا وليبيا، فقد سُميت حركات متطرفة في سوريا على أسماء شخصيات أساسية في هذا المسلسل، لم يكن لها وجود من قبل مثل "ميليشيا سليمان شاه" وهو اسم والد أرطغرل في المسلسل، وهي إحدى الحركات الإرهابية في سوريا التي أرسل أردوغان مُسلحيها إلى ليبيا لقتال الجيش الوطني الليبي ومساعدة حكومة الوفاق.

 

وبعد أن ظهر تأثير المسلسل بعد عرض الجزء الأول منه، وتأكد الأتراك من أهمية وتأثير القوى الناعمة على المُشاهد العربي، أطلقت وابل من المسلسلات أهمها "عاصمة عبد الحميد" و"المؤسس عثمان" و"محمد الفاتح"، ويتناول كل مسلسل منهم حقبة تاريخية مختلفة في الدولة العثمانية، ويحتوي كل مسلسل منهم على كم هائل من التزييف والتدليس والكذب، تمت كتابتهم خصيصاً لخدمة أهداف الأتراك ولـ"َغَسل" عقول المسلمين في كافة البقاع وكأن أردوغان ودولته وحكومته أرسلهم الله لاستنقاذهم من براسن الاضطهاد وعُقدته.

 

والآن، ومع اقتراب حلول عام 2023م، ونهاية اتفاقية لوزان التي أطاحت بمُلك آل عثمان، أعلنت تركيا عن إنتاج عدد ضخم من المسلسلات التاريخية مع مطلع عام 2021م، وأهمهم "بارباروس" و"جلال الدين الخوارزمي" و"نهضة السلاجقة"، وخصصت ميزانية خُرافية لإنتاج تلك المسلسلات، بعد أن انتزعتها من أموال الشعب التركي ومن أقواته.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة