صيدلى لكنه مريض نفسيا، يقطن في منطقة شبرا بالقاهرة، يواجه على ما يبدو نقصا رهيبا، يخفى خلف وقاره وأدبه استهتارا لا حدود له، ربما منعه تفوقه من معرفة فتاة في سنة، ربما فرضت عليه الحياة أدبا زائفا، راح أخيرا ينفث عن رغباته المكبوتة، وقرر غالبا الاقتراب من الجنس الآخر، لا بأس مطلقا، فهذا حقه خاصة وأنه تخرج والتحق بوظيفة في صيدلية أو أصبح مالكا لها وعمرة 25 عاما وعليه أن يفكر في الارتباط.
ولا بأس يا سادة من التعرف على شريكة العمر، من خلال السوشيال ميديا، وإن كان ذلك مكروها لما يتضمنه هذا العالم الوهمى من غدر وكذب وزيف محتملين، لكن لا مانع إذا اختار فتاة مناسبة، وتعامل بقدر من الأخلاق معها، وتقدم لاحقا لأسرتها طالبا يدها.
كل هذا التصور الأخلاقى لم يحدث، بل العكس حدث، فالصيدلى المحترف، استدرج طالبة في الصف الثانى الإعدادى، تقيم بالإسكندرية، شاغلها عبر تطبيق التيك توك، وأنا أندهش كثيرا، كيف لشخص في سنه، أن يشاغل طفلة لا تعى من أمور حياتها شيئا؟، لكنه ارتكب الجريمة الأخلاقية، وارتكب جريمة أخرى، عندما عرّفها بنفسه على أنه شخص آخر فقال لها أنه اسمه الثلاثى كذا، بينما اسمه الحقيقى مخالف تماما، ترى لماذا فعل هذا؟.
سيطر الطبيب الذئب، أو المريض، على مشاعر الطفلة التى تعيش بدايات مرحلة المراهقة، وسيطر كذلك على عقلها، وشجعها على التمرد ضد أسرتها، تماما كما شجعها والداها، عندما عاملاها بقسوة، وهربت الفتاة في جنح الظلام، غادرت منزلها فجرا، واتصلت بالحبيب فلم يتجاوب، وسافرت للقاهرة، ووصلت منطقة سكنه، هناك فى شبرا فشلت في التوصل له، وربما التواصل معه، والتقاها مواطن شريف، من حسن حظها، استضافها بين أطفاله وزوجته إلى أن أعادتها الشرطة لأحضان والداها.
من الجانى ومن الضحية في هذه القصة الحزينة المخجلة؟
الجناة ثلاثة أفراد، هم والدا الطفلة والصيدلى، فالوالدان نسيا أنهما الحماية والأمن والأمان، للصغيرة، وتعاملا معها بقسوة، فأفقداها الثقة فيهما، وأفقداها الاهتمام، ليجئ الجانى الثالث، وهو الصيدلى، ويستغل الفراغ العاطفى، وحاجة الصغير للاهتمام، ويتلاعب بمشاعرها.. تبا لهم جميعا.
أما الضحية فهى الصغيرة، تلميذة الصف الثانى الإعدادى، ضحية الإهمال والقسوة، وضحية الصيدلى وأمثاله الذين يعيثون فى الأرض فسادا، مستغلين عالم افتراضى، دمر ثوابتنا وكاد يدمر صغيرة الإسكندرية.
أرجوكم لا تقرأوا ما سبق باعتباره قصة مثيرة، لكن اكتشفوا من خلاله، مدى خطورة السوشيال ميديا على حياتنا واستقرارنا وقيمنا، وتأملوا - وأنا معكم - كم الخيانات التي ترتكب بواسطة فيس بوك أو أنستجرام مثلا، وخذوا قراركم بالتعامل الأمثل معها أو مقاطعتها وانتبهوا لأولادكم وتباعوهم دون حصار وتحدثوا معهم، صادقوهم ليصدقوكم القول، وتعبروا بهم إلى بر الأمان بعيدا عن صيدلى شبرا النصاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة